أبدى عميد مسجد باريس دليل بوبكر تحفظه عن إصدار قانون يقضي بحظر النقاب في فرنسا، مؤكداً انه يفضل على ذلك «الحوار» و«البراغماتية». وقال بوبكر في شهادة أدلى بها أمام اللجنة البرلمانية التي أنشئت للبحث في موضوع النقاب وما إذا كان يتوجب حظره، إن اللجوء الى القانون «قد يصطدم بصعوبات متعددة». وشدد على انه يحبذ معالجة هذا الأمر «بموقف حكمة وحوار وبراغماتية بدلاً من الإكراه». وتابع بوبكر أن في ما يخص النقاب لا بد من «الاطلاع على كل حال على حدة، لأن كل من الحالات تستند الى اشكالية شخصية». وكان موضوع حظر النقاب أثير في الصيف الماضي، اثر خطاب ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في قصر فرساي حيث اعتبر أن النقاب «غير مرحب به في فرنسا» لأنه يشير الى «إخضاع» للمرأة. وتسبب هذا الخطاب بانقسام في الطبقة السياسية والرأي العام، بين مؤيد لقانون حظر النقاب ومعارض له، خصوصاً أن عدد النساء اللواتي ترتدينه في فرنسا لا يتجاوز بحسب التقديرات 300 امرأة. ولاستيعاب الجدل الذي برز حول الموضوع تقرر تشكيل لجنة برلمانية لجمع المعلومات حول النقاب وتقديم توصيات في شأن حظره أم لا. وتضم اللجنة 32 نائباً، من بينهم 17 من حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» اليميني الحاكم و11 نائباً من الحزب الاشتراكي المعارض ونائبين من كل من الحزب الشيوعي وحزب الوسط الجديد. ولفت بوبكر في كلامه أمام اللجنة الى ضرورة إجراء احصاءات محددة حول عدد النساء اللواتي ترتدين النقاب في فرنسا، والتحقق من مدى قابلية هذه الظاهرة الى التوسع. ومغزى الموقف الذي أدلى به بوبكر أمام اللجنة البرلمانية، هو تجنيب فرنسا خضة مماثلة لتلك التي عاشتها خلال الفترة التي سبقت قانون حظر الحجاب وسواه من مظاهر دينية في المدارس الرسمية. وعلى غرار بوبكر فإن معظم الذين يعارضون اللجوء الى القانون لحظر النقاب، يعتبرون أن التعامل على هذا النحو مع ظاهرة هامشية، من شأنه أن يثير مجدداً الحساسيات في أوساط مسلمي فرنسا. ويتزامن مثول بوبكر أمام اللجنة البرلمانية مع جدل آخر تشهده فرنسا، حول الاقتراح الصادر عن وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون، ويقضي بتنظيم «نقاش جمهوري» حول الهوية الوطنية وذلك لمدة شهرين ونصف على مستوى المحافظات المختلفة. ويهدف هذا النقاش وفقاً لبيسون الى إعادة تحديد أسس المواطنية الفرنسية، واقتراح خطوات تسمح بتقاسم أفضل لقيم الهوية الوطنية من قبل المهاجرين في المراحل المختلفة من مسار اندماجهم. ويرى معارضو هذا النقاش أنه مجرد مناورة جديدة يلجأ إليها الفريق الحاكم، لإخفاء سلسلة الأخطاء التي ارتكبها خلال الفترة الأخيرة، باللجوء الى استثارة مشاعر الانتماء الوطني.