قالت مصادر أميركية وعربية ان "حزب الله" اللبناني أنشأ قاعدة قوية في العراق، لكنه لا يشارك في الهجمات على القوات الأميركية والحليفة، في رسالة واضحة من طهران إلى واشنطن. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن السبب في عدم مشاركة "حزب الله" في المقاومة في العراق يعود إلى أن الإيرانيين يقومون عمليا بحض أنصار الحزب المتعاطف معها على ضبط النفس، الأمر الذي دفع إدارة الرئيس جورج بوش إلى إعادة النظر في أهداف السياسة الإيرانية. وأشارت أيضا إلى وجود علاقة قوية بين الحزب اللبناني وسورية التي وصفتها بأنها تتحكم بخطوط إمداداته الإيرانية. وقالت ان إقدام "حزب الله" على إرسال مجموعة من 90 مقاتلا إلى العراق بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين أثار مخاوف الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، على رغم أن هذه المجموعة تجنبت الدخول في أي نشاط عسكري ضد الأميركيين. إذ أن خبراء مكافحة الإرهاب يعتبرون مقاتلي "حزب الله" بأنهم من أخطر النشيطين في العالم، وفقا للصحيفة. ويُعتقد أن مقاتلي الحزب وصلوا إلى العراق خلال الربيع الماضي. وراقبت وكالة الاستخبارات الأميركية تحركات المجموعة واتضح أن "حزب الله تحرك لتأسيس وجود له في العراق، لكن تقارير الإستخبارات لا تعكس بوضوح نيات المجموعة"، كما قال مسؤول أميركي. وأضافت الصحيفة ان الحزب لم يتعر ض لأهداف اميركية منذ 1996 على رغم وقوفه خلف العديد من الهجمات على مثل هذه الأهداف في الثمانينات. وقال مسؤول أميركي ان الهدف من وجود "حزب الله" في العراق راجع الى رغبة قيادته في مساعدة الشيعة في العراق على تدبر أمورهم السياسية بعد سقوط صدام وسنوات الاضطهاد الطويلة التي واجهوها في ظل حكمه. أما بالنسبة الى الدور الإيراني في العراق، فنقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أنه نابع في الأساس من حرص الإيرانيين، وغالبيتهم من الشيعة، على ضمان وجود قيادة روحية في النجف وكربلاء ذات ميول إيرانية. إذ أن المرجعيات الشيعية في إيران تحسب لهذا الأمر حسابا كبيرا. وأوضحت أنه إلى جانب هذا الاهتمام الأساسي تشعر إيران بقلق لوجود جماعة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة في العراق والتي كانت تحظى بحماية صدام ودعمه. وقالت ان الإدارة الأميركية احتارت في البداية في كيفية التعامل مع هذه المنظمة. وبرزت كتلتان داخل الإدارة واحدة تدعو الى استخدامها ضد إيران وأخرى تدعو الى نزع سلاحها. ويبدو أن كفة الكتلة الثانية رجحت، إذ أمر الرئيس بوش بنزع سلاحها. مع ذلك نقلت الصحيفة عن مسؤول في واشنطن أن القوات الأميركية ما زالت تساعد أنصار المجموعة في التنقل بين العراقوإيران، فيما تحتفظ المجموعة بإذاعتها في العراق. وقالت الصحيفة ان هذا الأمر لم يساعد الإيرانيين على التخلص من شكوكهم بنيات واشنطن، على رغم أن مستشارة الرئيس للأمن القومي كوندوليزا رايس أكدت في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي أن إدارة بوش تعتبر "مجاهدين خلق" جماعة إرهابية. ويرى مسؤولون في الإدارة أن هذه الشكوك تدفع إيران الى استخدام وجود "حزب الله" في العراق كورقة قوية ضد وجود المعارضة الايرانية. لذلك يعتقد بأن إبقاء نشاط "حزب الله" تحت رقابة طهران هو عبارة عن رسالة إيرانية إلى واشنطن ومحاولة لدفعها لفتح حوار ثنائي لتسوية الخلافات بين البلدين. لكن مسؤولا أميركيا قال ان شروط إيران في الحوار مع واشنطن غير مقبولة لأن الإيرانيين يرغبون بالحصول على رضى الأميركيين وفي الوقت ذاته أن تسلم لهم واشنطن جميع أعضاء "مجاهدين خلق". ولخص مسؤول أميركي آخر الوضع الراهن في العلاقة بين الولاياتالمتحدةوإيران بأن الإيرانيين يبعثون برسالة واضحة أنهم "قادرون على المساعدة أو إحداث الأذى".