شكلت الذكرى ال33 ل"الحركة التصحيحية" التي تسلم الرئيس الراحل حافظ الاسد الحكم بعدها، مناسبة لطرح مسؤولين سوريين عددا من الاسئلة تتعلق بالاصلاح وفكر حزب "البعث" الحاكم منذ العام 1963، انطلاقا من سؤال واحد: هل يصلح الان ماكان صالحا في العام 1970؟ من حيث المبدأ، بدا هناك اجماع على ان "الجمود قاتل للافراد ومدمر للبلاد، وليس الجمود في سياسة سورية او في طبع السوريين"، وعلى ان "أحد أهم اسباب انهيار الاتحاد السوفياتي هو جمود الحزب الحاكم..."، وعلى ان "السبب الاخر" هو فتح الباب في موسكو ل"حرق المراحل التي حرقت الاهداف" لان "نمو الافكار والثقافات يحتاج الى مناخ معين"، غير ان النقاش طاول موضوع السرعة وطبيعية الاصلاحات. وكان الدكتور بشار الاسد طرح لدى انتخابه رئيسا بعد رحيل الرئيس حافظ الاسد في العام الفين، مشروعا للاصلاح في البلاد. وبعد نقاش داخلي استند "مشروع الاصلاح والتحديث" الى مبدأ "التغيير في اطار الثوابت" على الاساس التدرجي بحيث "لا يتناول التغيير العقيدة الاساسية للنظام بل الفكر والممارسة" بسبب وجود اعتقاد بأن "تغيير المبادئ يعني تغيير الحزب". وكانت هذه النقاط موضوع نقاش في لقاء بين نائب الرئيس عبدالحليم خدام وعدد من الصحافيين العرب والاجانب. وهو قال ان أربعة عوامل اساسية تطرح سؤال التغيير بعد ثلاثة عقود على "الحركة التصحيحية" هي: - انتهاء الحرب الباردة ووجود قطب واحد وعالم يتصارع مع هذا القطب ويرفض وحدانيته. - هناك تغيرات جدية جرت في العالم. ليس انهيار الاتحاد السوفياتي وحسب، بل التطور العلمي الذي اتاح انتقال الثقافات عبر وسائل الاعلام. - التطور الاقتصادي العالمي واتساع دائرة العولمة الدولية وبروز منظمة التجارة العالمية وقرب توقيع سورية اتفاق الشراكة مع اوروبا. - التطور في الفكر والادارة واعادة النظر في الادارة والتعليم والتربية. في بداية السبعينات اعطيت جرعات اصلاحية للاقتصاد القائم منذ الستينات على التخطيط المركزي، وفق ما عرف وقتذاك ب"سياسة التعددية الاقتصادية" القائمة على المزاوجة بين القطاعين العام والخاص. لكن تبين ان هذه الاجراءات لم تعد تلب التغييرات الجذرية في العالم في السنوات الاخيرة، فطرح مشروع الاصلاح الذي تضمن اعطاء دور اكبر للقطاع الخاص بتأسيس مصارف وجامعات وصحف خاصة وطرح مشروع للاصلاح الاداري. وقال خدام: "ان الخطوط العامة التي وضعها الرئيس بشار الاسد وقيادة "البعث" للحكومة الجديدة برئاسة المهندس محمد ناجي عطري هي تطوير الادارة، الاصلاح الاقتصادي، تطوير التربية والتعليم، وتطوير وسائل المعرفة وتعلمها". كما دخل "البعث" في نقاشات داخلية لتطوير افكاره في ضوء نتائج مؤتمره القطري بين 17 و20 حزيران يونيو 2000 وبعد صدور قرار القيادة القطرية في ايار مايو الماضي ب"اختيار الاكفأ بصرف النظر عن الانتماء السياسي" وحصر دور الحزب في "التوجيه والتخطيط والمحاسبة والاشراف"، وضع نائب الرئيس في موضع النقاش مبادئ الحزب المتعلقة ب"الوحدة والحرية والاشتراكية" و"الامة العربية". وفي هذا الاطار تساءل خدام وهو عضو في القيادة القطرية: "عندما نتحدث عن الوحدة العربية، هل هي الوحدة السياسية كما حصل بين سورية ومصر العام 1958 ام هي اقتصادية؟ نحن حزب اشتراكي: ما هو فهمنا للاشتراكية؟ هل هو اقتصاد الدولة؟ هل تستطيع الدولة تحقيق التوازن بين متطلبات المجتمع وامكاناتنا الذاتية؟ ثم ما هو الهدف من الاشتراكية؟ عندما نقول امة عربية: ماهو مفهوم الامة؟ هل هو فهم عرقي شوفيني ام مفهوم اشمل لان هناك قوميات متعددة؟ هل هذه القوميات جزء من الامة العربية ام لا؟ اذا كانت جزءا من الامة كيف يجري تحقيق المساواة في الوطن العربي بين مختلف مكوناته؟" وصولا الى "مسألة فهمنا لعلاقة الدين بالامة والدولة". وكانت حصة الجانب السياسي في الحديث عن الاصلاحات اقل في ضوء وجود قرار باعطاء الاولوية لابعاد الاقتصاد والادارة والتعليم في الاصلاح. وبعدما لاحظ خدام ان السوريين "يتحولون الى كتلة واحدة عندما يكون هناك تحد خارجي: يتوحد الخطاب ويتوحد الموقف" ووجود "افراد واشخاص في سورية لهم وجهات نظر"، تساءل: "هل هي تتعارض مع سياسة سورية حول ما يواجه سورية من تحديات؟ ان النسيج الاكبر لا يتعارض بل يتوافق". كما تساءل: "هل جرى التعرض الى أحد؟" من اولئك الذين "ينتقدون النظام في الصحف السورية والعربية" بعدما "كان في مرحلة ما انتقاد النظام ممنوعا". وخلص نائب الرئيس السوري الى ان "التحديث والتطوير والاصلاح لا تعني انقلابا في البلد. هناك فرق بين الاصلاح والانقلاب. الانقلاب هو نسف كل ما هو قائم والتحديث شيء آخر".