استمر النائب المستقل رياض سيف في استقبال المثقفين والمواطنين في منزله، كما جرت العادة، منذ افتتاحه "منتدى الحوار الوطني" في أيلول سبتمبر الماضي، لكن هذه المرة في "المضافة الشعبية" وليس في "المنتدى"، التزاماً بقرار السلطات السورية "تجميد" نشاطات المنتديات الثقافية ورهن استئناف نشاطاتها بالحصول على موافقات رسمية على المنتدى والمحاضر وموضوع المحاضرة. وأظهر النائب سيف "التزام" قرار السلطات السورية تحويل "المنتدى" إلى "مضافة" حضرها نحو 70 شخصاً بدءاً من توزيع كراسي منزله وتعاطيه مع "الضيوف" وانتهاء بعدم تحديد عنوان محدد ل"النقاش بين المواطنين والنائب باعتبار ذلك واجباً وطنياً". كما حرص المتحدثون على تأكيد "دعم تيار الاصلاح والتطوير" و"حب الوطن والاخلاص للرئيس بشار الأسد". وتناولت "الدردشة الشعبية" سؤالين: هل رفعت الحصانة عن سيف أم لا، ولماذا؟ ما هي أسباب اغلاق المنتديات التي ظهرت كالفطر في الأشهر الستة الأخيرة؟ وتحرك عدد من اعضاء القيادة القطرية ل"البعث" في الاسبوع الماضي واجتمعوا الى أساتذة جامعيين وقيادات الحزب، علماً أن اللقاء الذي كان مقرراً أن يعقده وزير الخارجية فاروق الشرع ظهر الاربعاء الماضي مع صحافيين وكتاب "ارجئ إلى موعد آخر لم يحدد بعد". وأخذ نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام على بيانات المثقفين ولجان المجتمع المدني عدم القيام ب"تحليل موضوعي" ودفعهم الأمور باتجاه "جزأرة" سورية مع "غياب كامل لموضوع الصراع العربي - الاسرائىلي" عن بياناتهم ونقاشاتهم، اضافة الى تجاوزهم "الخطوط الحمر" و"المبادئ الوطنية". وحضر مضافة سيف النائب الدمشقي المستقل محمد مأمون الحمصي تضامناً مع زميله الذي رفع رئيس مجلس الشعب البرلمان عبدالقادر قدورة الحصانة عنه مساء الخميس الماضي تلبية لطلب وزير العدل محمد نبيل الخطيب لخضوعه للتحقيق امام المدعي العام. وقال الحمصي: "نتألم كبرلمانيين من الطريقة التي عومل بها زميلنا سيف ومن الحملة المبغضة التي تعرض لها من الأشخاص الذين تتضرر مصالحهم من الطروحات التي ظهرت في المنتديات". وزاد: "اذا كانت هناك فاتورة سندفعها معاً. لن يهيبنا شيء، حب الوطن في دمنا، ونحن ملتزمون قولاً وفعلاً بالاخلاص للرئيس الأسد". وبعدما قال سيف: "لم يحقق معي حتى الآن، ولم يجر أي تطور بعد تحريك الدعوى" ظهر الخميس الماضي، أشار إلى أن نائب البرلمان عبدالله الموصلي اعتبر قرار قدورة بمثابة "رفع حصانة، إذ ليس هناك نصف رفع حصانة" رداً على قول رئيس البرلمان ان اعطاءه الاذن للمدعي العام التحقيق مع سيف "ليس رفع حصانة إذ للزميل جميع حقوقه القانونية". كما ان النائب سيف لم يكن يعرف أسباب احالته على القضاء، لكن الدكتور شبلي الشامي "توقع" أن يكون السبب دعوة الدكتور يوسف سلامة الى تعديل الدستور في محاضرة ألقاها الشهر الماضي في منتدى سيف عن "الاصلاح السياسي: معناه وأبعاده"، إذ أنه دعا إلى "إلغاء" المادة الثامنة من الدستور التي تعتبر ان "حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع". وقال النائب الحمصي: "إن المثقفين نشطوا لتأكيد ولائهم للرئيس بشار الاسد، وعندما أشاروا الى سلبيات الماضي ليس لأجل نسف مرحلة سابقة، بل لتحميل المسؤولية للمسيئين". وزاد: "لا أحد في سورية إلاّ ويعشق الرئيس الراحل الذي قال قبل رحيله: لو خرج الشعب ضد الفاسدين لكنت أول المتظاهرين". وأشار النائب الحمصي الى ان "بعضهم أراد خلط الاوراق. نحن ملتزمون ومخلصون للأسد قولاً وفعلاً، اما الذين تتضرر مصالحهم لا يريدون النور يريدون اطفاء الضوء"، مستدركاً: "هناك شرفاء في الحزب والدولة وأجهزة الأمن وسنكون يداً واحداً وبشكل سلمي لخدمة الوطن والشعب". وسأل الدكتور وليد البني لماذا حصل ما حصل؟ وهل هناك من يريد فتح الحوار؟ هل هناك من يريد قمع كل شيء؟ وكان أول المتحدثين الدكتور عارف دليلة الذي تأخر مع عشرة آخرين في الحضور لأنهم شاركوا في جلسة ل"نصرة العراق". وتساءل دليلة: "هل يعيد التاريخ نفسه؟"، بعدما أشار الى ان ستة من اعضاء القيادة القطرية ل"البعث" بدأوا في العام 1980 سلسلة من الحوارات مع الاكاديميين ل"الوقوف صفاً واحداً ضد الاخوان المسلمين. كانت وقتذاك هناك أزمة، ولحسن الحظ ليس هناك ازمة الان". وزاد ان الاتهامات التي وجهت الى المثقفين "لم تدخل رأس بعثي واحد ولا مواطن واحد ولا رجل أمن واحد". في المقابل، قدم "الشيوعي" فاتح جاموس الذي خرج من السجن العام الماضي عرضاً موضوعياً أقل حماسة، إذ أنه دعا الى "تأييد البرنامج الاصلاحي، عدم مواجهة الاتهامات باللاوطنية باتهامات مماثلة، والتأكيد ان المثقفين والنشطاء سياسياً لا يريدون الحلول محل السلطة، إذ أن المثقفين قشرة بسيطة تتحرك، ويجب ان نتكاتف صفاً واحداً سلمياً ومن دون ردود فعل، وفق منطق الحوار وبعيداً عن أي منطق اتهامي". وقال إن السلطة اخطأت لأننا "نريد أن نتحمل مسؤولية البحث عن حلول". من جهته، قال الدكتور كمال لبوان إن تحركات المثقفين هي "تلبية لنداء الرئيس الأسد للاصلاح والتطوير، ونحن مخلصون ولسنا مطبلين ولا مزمرين"، محذراً من أن "كم الافواه يعني العودة الى النضال السلبي ... أي أن السلطة تدفع الثمن ونحن نعود إلى بيوتنا". وكعادته وقف عاصم مرزو بلباسه التقليدي - الفلاحي، بادئاً بتقديم "معلومات كاملة عني لمن يهمه الأمر، أنا دمشقي من مواليد ال1936 وطفشت من البلاد الى المانياوموسكو وبكين ومالطا الى ان عدت الى مزرعتي لأربي أبقاراً وأزرع خضاراً من دون أي تدخل في السياسة". وبعدما تفاخر بأنه "أول من توقع انهيار الاتحاد السوفياتي وكان ذلك في العام 1977، وقلت ذلك لقدورة" قبل ان يكون رئيساً لمجلس الشعب "والسبب كان النظام الشمولي" الذي كان موجوداً في موسكو. وزاد بلهجة محلية: "الرئيس الشاب عجبني، هو يريد التطوير والاصلاح وصحوة سورية. وانني مقتنع بأن تقدماً سيحصل معه. الدكتور بشار قال لي: يا مواطن احكي وسمعني صوتك...وهذا ما نفعله".