ساد الغموض الموقف في جورجيا أمس بعد احتلال أنصار المعارضة مبنى البرلمان وديوان الرئاسة. وأعلن الرئيس ادوارد شيفاردنادزه حال الطوارئ وهدد باللجوء الى الجيش فيما نصب المعارضون "قائماً بأعمال الرئيس" وطالبوا شيفاردنادزه بمغادرة البلاد. وبدأت في العاصمة تبليسي احتفالات واسعة بانتصار ما وصف بأنه "ثورة مخملية" فيما ترددت معلومات عن تحضيرات تقوم بها قوات من الوحدات الخاصة لاستعادة السيطرة على الموقف. وتسارعت التطورات في العاصمة الجورجية بعد نزول عشرات الألوف من أنصار المعارضة الى الشوارع في إطار عمليات احتجاج متواصلة منذ اسبوعين. وكانت المعارضة الجورجية رفضت الاعتراف بنتائج انتخابات برلمانية جرت مطلع الشهر الجاري واتهمت شيفاردنادزه بارتكاب عمليات تزوير واسعة وطالبته بالاستقالة. وتصاعد الموقف في شكل حاد أمس عندما دعا الديوان الرئاسي البرلمان المنتخب الى عقد أول جلساته، ونزل نحو مئة ألف متظاهر الى الشوارع، وتجمهرت غالبيتهم في ساحة مقابل البرلمان بعدما حاصروا الطرق الموصلة اليه فيما اتخذت قوات الأمن تدابير شديدة ورفعت درجة التأهب حول الديوان الرئاسي والبرلمان ومؤسسات حكومية أخرى. ووجه أحد زعماء المعارضة ميخائيل ساكاشفيلي انذاراً الى شيفاردنادزه وأمهله ساعة واحدة للخروج الى الساحة وتقديم استقالته و"الاعتذار للشعب الجورجي" مع تحديد موعد لاحق لإعادة الانتخابات البرلمانية، وإلا فإن "الشعب سيقتحم البرلمان" اذا لم يستجب الرئيس لشروطه. لكن شيفاردنادزه أعلن أنه لن يتراجع عن عزمه على "حضور أولى جلسات البرلمان المنتخب" وبدا متماسكاً وهو يتحدث الى الصحافيين وقال انه يرفض انذار المعارضة. الا ان الرئيس الجورجي بدأ يفقد السيطرة على الموقف خصوصاً بعدما وصل المتظاهرون الى الديوان الرئاسي وضربوا طوقاً حوله في حين ذُكر في تبليسي ان بطريرك الكنيسة الجورجية ايليا الثاني امتنع عن حضور جلسات البرلمان بحسب تقليد متبع في جورجيا، ما اعتبره المراقبون تأييداً لمطالب المعارضة، وتسارعت تطورات الموقف عندما اقتحم ألوف المتظاهرين مبنى البرلمان. وكان لافتاً ان الأجهزة الأمنية التزمت الحياد فيما ساد الغموض مصير الرئيس شيفاردنادزه نفسه بعدما أُعلن أنه تحصن داخل مبنى وزارة الدفاع. وأعلنت نينو بوردجانادزه رئيسة البرلمان وأبرز زعيمات المعارضة نفسها "قائماً بأعمال الرئيس" بحسب الدستور الجورجي الذي يمنح رئيس البرلمان صلاحيات رئيس الدولة الى حين انعقاد انتخابات رئاسية جديدة. ووصفت بوردجانادزه التطورات الأخيرة بأنها "ثورة مخملية" جاءت استجابة لقرار الشعب، وحذرت من محاولة انصار الرئيس شيفاردنادزه افتعال مواجهة مسلحة ووجهت رسالة الى الجيش وقوات الأمن طالبت فيها بالالتزام بالقانون والدستور. في حين ذكرت مصادر في المعارضة ان طائرة جاهزة في مطار تبليسي لنقل شيفاردنادزه الى أي دولة يختارها. وقالت المصادر ان الرئيس الذي يوصف بأنه "ثعلب القوقاز" لم يعد أمامه خيار آخر غير الاستجابة لمطالب الشعب الجورجي. وحذر مراقبون من احتمال تصاعد الموقف خصوصاً بعدما أعلن شيفاردنادزه حال الطوارئ في جورجيا ووصف في حديث مع الصحافيين التطورات بأنها "انقلاب عسكري" وقال ان وزارة الدفاع ستتولى ادارة البلاد ومواجهة الانقلابيين. وكانت معلومات ترددت حول اشراف شيفاردنازه على اعداد وحدات من القوات الخاصة في محاولة لاستعادة السيطرة على الموقف. وحذرت موسكو من احتمال اندلاع مواجهة دموية وأعلنت وزارة الدفاع الروسية ان قواتها المرابطة في جورجيا "لن تتدخل في شؤون جورجيا الداخلية" غير ان سياسيين روس حملوا شيفاردنادزه مسؤولية التصعيد الأخير وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي ديمتري روغوزين ان شيفاردنادزه يدفع ثمن أخطائه السياسية.