الشاي والقهوة يقللان الإصابة بالسرطان    المملكة توزع 2.100 حقيبة إيوائية في شمال قطاع غزة    لاعبو عمان: جمهورنا كان اللاعب رقم 11 بعد النقص العددي أمام السعودية    تعزيز التوسع العالمي لعلامة جايكو و أومودا مع إطلاق مركز توزيع قطع الغيار في الشرق الأوسط    غزة بين نيران الحرب وانهيار المستشفيات    انخفاض عدد سكان غزة بنحو 160 ألف نسمة في نهاية 2024    ضبط إثيوبيين في جازان لتهريبهما (87663) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    «تعليم مكة» يُكرم 1000 طالب وطالبة لتفوقهم خلال العام الدراسي 1445 ه    أكثر من نصف مليون مستفيد من برامج "جمعية أجياد للدعوة" بمكة خلال عام 2024م    غارات أمريكية وبريطانية تستهدف صنعاء    ولي العهد يعزي رئيس وزراء بريطانيا في وفاة شقيقه    سعود بن نهار يلتقي العتيبي    أمطار وصقيع على الشمالية    أمير المدينة المنورة يرأس اجتماعاً لمناقشة استعدادات الجهات المعنية لاستقبال شهر رمضان    "الجاسر" يقف ميدانيًا على مشروع مطار جازان الجديد    أنجلينا جولي وبراد بيت يتوصلان إلى تسوية بشأن الطلاق بعد نزاع 8 سنوات    ضبط 7 سوريين في الرياض لارتكابهم حوادث احتجاز واعتداء واحتيال مالي    كونسيساو مدرب ميلان يتحدى ابنه في ظهوره الأول مع الفريق    مدير عام «مسام»: نجحنا في انتزاع 48,705 ألغام في عام 2024    أمير حائل يستقبل مدير الدفاع المدني    نائب أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    سوق الأسهم السعودية ينهي آخر تعاملات عام 2024 باللون الأخضر    أصول الصناديق الاستثمارية العامة تتجاوز ال 160 مليار ريال بنهاية الربع الثالث 2024م .. 84% منها "محلية"    تطبيق "سهم" يتجاوز حاجز المليون مستخدم في عام واحد فقط    مجلس الوزراء يشيد بنجاحات القطاع غير الربحي    انتهاء مدة تسجيل العقارات لأحياء 3 مدن.. الخميس القادم    التعاونية وأمانة منطقة الرياض تطلقان "حديقة التعاونية"    «الإحصاء»: معدل مشاركة السعوديات في القوى العاملة يصل إلى 36.2%    بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يبحث مع الرئيس الإماراتي التطورات الإقليمية والدولية    هل يكون 2025 عام التغيير في لبنان؟    الصحة: إيقاف طبيب أسنان مقيم لارتكابه عددًا من الأخطاء الطبية في الرياض وتبوك    صناعة المحتوى الإعلامي في ورشة بنادي الصحافة الرقمية بجدة    النصر بطلًا لكأس الاتحاد السعودي لقدم الصالات    ميزة لاكتشاف المحتوى المضلل ب «واتساب»    المملكة تواسي حكومة وشعب كوريا.. القيادة تعزي الرئيس الهندي    ابق مشغولاً    مداد من ذهب    هزل في الجِد    هل قمنا بدعمهم حقاً ؟    رحلات مباركة    في نصف نهائي خليجي 26.. الأخضر يواجه عمان.. والكويت تلاقي البحرين    التأكد من انتفاء الحمل    زهرة «سباديكس» برائحة السمك المتعفن    مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض يعلن تفعيل أعماله في 19 محافظة و47 بلدية    نائب أمير مكة يطلع على أبرز المشاريع المنجزة بمحافظات المنطقة    لغير أغراض التحميل والتنزيل.. منع مركبات توصيل الأسطوانات من التوقف في المناطق السكنية    «الصفراء» حرمتهم.. والمدرج مكانهم    مُحافظ جدة يُكرّم عدداً من ضباط وأفراد مكافحة المخدرات    القهوة والشوكولاتة.. كماليات الشتاء والمزاج    5 فوائد للشاي الأخضر مع الليمون    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    أمير الشرقية يشدد على رفع الوعي المروري    مغادرة ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    كلام البليهي !    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    13 ألف خريج وخريجة من برامج التخصصات الصحية    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملكة رانيا دعت إلى تغيير الصورة النمطية العربية . حركات نسائية أردنية تخوض معركة اجتماعية وسياسية في مواجهة "المجرمين الشرفاء"
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2003

لم تكن إنعام 17 عاماً تعرف أنها إذا اخفت حقيقة اعتداء والدها عليها، سيقتلها متهماً إياها بإقامة علاقة غير شرعية. ولم يستغرق الأمر اكثر من شهرين ليهتدي احمد إسماعيل إلى أخته حنين 17 عاماً ويقوم بقتلها وهي حامل في شهرها الثاني، بعدما هربت قبل سنتين مع صديقها. ولم تستطع الشقيقتان إقناع الوالد والأخوين بأن اشاعات علاقاتهما الغرامية كاذبة، ولم يستطع الكشف المخبري الذي أكد عذريتهما تنجيتهما من القتل المحتوم. ولم تقنع الفحوصات المخبرية فيصل ك. بأنه الوالد البيولوجي للجنين الذي تحمله امرأته فقام بقتلها. ولم تستطع السنين أن تغفر للأختين زواجهما من دون موافقة العائلة، فقام الأشقاء الثلاثة بملاحقتهما وقتلهما...
باسم الشرف تزهق الأرواح، وتحت رايته نصّب بعض الرجال نفسه قاضياً يحدد الجرم ويختار القصاص... الضحايا المذكورة ليست إلا أمثالاً عن عشرات النساء اللاتي يواجهن الانتقام في مجتمع محافظ تشكل فيه العائلة الوحدة الاجتماعية الإنتاجية. وتتجلى الوحدة بين أفراد العائلة في المشاركة في إنجازاتها وإخفاقاتها، وفي انعكاس العمل المشين على العائلة كلها وليس على مرتكبه فقط. وينعكس "انحراف البنت" في العائلات والمجتمعات التقليدية على العائلة كلها ولا يمس الفتاة وحدها، خصوصاً ان شرف الرجل لا يتعلق بسلوكه إنما بسلوك زوجته وابنته وأمه وشقيقته.
قضية "جرائم الشرف" ليست جديدة في الأردن. إلا أن العدد الكبير المسجل سنوياً من ضحايا الشرف جعل الملكة رانيا تضع القضية ضمن دائرة اهتماماتها هذه السنة. وها هي تتفق وقادة الرأي العام في قمة المرأة العربية التي ترأستها أواخر أيلول سبتمبر الماضي، على القيام بحملة إعلامية لتغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمعات العربية، بغية خلق وعي مجتمعي تجاه القضايا المتعلقة بها، وفي طليعتها "جرائم الشرف".
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 25 امرأة يقتلن سنوياً في المتوسط في الأردن في قضايا مرتبطة بالشرف، وهي نسبة تعتبر من بين الأعلى بالمقارنة مع عدد السكان 8،4 مليون نسمة. وتمثل هذه الجرائم 25 في المئة من جرائم القتل في الأردن.
وغالباً ما تكون أسباب القتل تافهة، كالتحدث إلى رجل غريب، أو الخروج في موعد غرامي. وما يثير الحزن في القضية أن الكثير من الجرائم ترتكب بسبب ظنون خاطئة، إذ في الكثير من الحالات، يؤكد الطب الشرعي بعد التشريح، عذرية الضحايا.
وغالباً ما تكون العقوبات التي تسقط على الجاني مخففة فيقضي شهرين أو ستة اشهر أو سنة على الأكثر داخل السجن، ليخرج بعدها "خروج الأبطال" ويدخل الحارة ضمن أجواء البهجة والزغاريد التي تطلقها الأم والحلوى التي توزع على الجيران، فالفرحة بإنقاذ شرف العائلة غامرة!
تحرك نسائي
وإلى جانب الأسرة المالكة هناك جهات عدّة في المجتمع المدني الاردني تعمل على مكافحة الظاهرة. والتحرك الداخلي ضد "جرائم الشرف" تمسك دفته جمعيات وحركات وفعاليات نسائية، يسجل من خلالها للأردن قيادة التصدي للظاهرة في العالم العربي. في العام الماضي، نجحت جهود الحركات النسائية وجمعيات حقوق الإنسان بتعديل الحكومة للمادة 340 من قانون العقوبات. وتم بموجب التعديل الذي شدد العقوبات على مرتكبي جرائم الشرف، اعتماد العذر المحل للجاني مكان العذر المخفف.
وفي آب أغسطس المنصرم، خاضت الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة سباقاً مع الزمن للضغط على المجلس النيابي للعودة عن قرار إلغاء تعديل المادة الذي أقرته الحكومة في غياب مجلس النواب. ورفض المشرعون الأردنيون التعديل الذي اجري على المادة 340، لأنهم يرون في العقوبات المخففة "وسيلة تردع المرأة عن ارتكاب الزنا وتمنع الانحلال الأخلاقي"، على عكس القانون المقترح الذي يدمر - بنظرهم - الطبيعة المحافظة للمجتمع الأردني القبلي حيث يعتبر الرجل صاحب الكلمة الأخيرة. فما كان من الفعاليات النسائية إلا أن نظمت اعتصاماً أمام البرلمان للاحتجاج على رد التعديلات من قبل مجلس النواب، وتم الالتقاء برئيس مجلس الأعيان في خطوة تهدف إلى كسب تأييد المجلس لدعم قضيتهن.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، لعبت اللجنة الوطنية للمرأة التي تترأسها الأميرة بسمة عمة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وتضم جمعيات اتحاد المرأة الأردنية والاتحاد الأردني النسائي العام وتجمع لجان المرأة الوطني الأردني، دوراً بارزاً في الحملة التي شنّت ضد القوانين المخففة لمرتكبي جرائم الشرف...
ويولي المعهد الدولي لتضامن النساء في الأردن، وموقع "أمان" الإلكتروني التابع له، اهتماماً خاصاً بالقضية، "بصفتها ظاهرة من مظاهر العنف الشائعة ضد المرأة وتلقى قبولاً وتأييداً من المجتمع". ويرصد الموقع حالات وقصصاً لكثير من الفتيات اللاتي سقن إلى الذبح بدافع الشك.
وتشير المحامية هالة عاهد في حديث إلى "الحياة" إلى أن المعهد "حين أنشأ المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة "أمان"، كان ذلك بغية تسليط الضوء على الظاهرة الخطيرة والتحذير منها، عبر نشر الأخبار وإعداد الدراسات اللازمة لرفع الوعي". كما شكل المعهد مع عدد من الفعاليات الحقوقية والنسائية جماعات ضغط، وقاد مع هذه الفعاليات الحملة الوطنية لمكافحة الظاهرة.
وأسفر المخاض عن إجراء التعديل السابق للمادة الدستورية التي تطالب بتشديد العقوبات على "جريمة الشرف"، واصدر المعهد مع الفعاليات المذكورة وثيقة المرأة الأردنية التي تطلب من البرلمان إلغاء الحماية القانونية لمرتكبي هذا النوع من الجرائم المادة 98 الأكثر تطبيقاً في الأردن، وهي ما يستفيد منه الجناة في "جرائم الشرف".
وتعد رنا الحسيني والمحامية أسمى خضر من ابرز الناشطات في مجال التصدي لظاهرة "جرائم الشرف". ووضعت تقارير الحسيني قضية "جرائم الشرف" على جدول الأعمال العام للمملكة. وشكلت الناشطات في الأردن "الحملة الوطنية للقضاء على ما يعرف ب"جرائم الشرف". ولعبت اللجنة دوراً كبيراً في تعديل قانون العقوبات.
وعلى رغم أن منتدى الإعلاميات العرب يعنى بتطوير قدرات النساء الإعلاميات العربيات ورفع سويتهم، إلا أنه يركز على مكافحة العنف والتمييز ضد النساء. وأعدّ المعهد ملفاً خاصاً عن العنف ضد المرأة، ضمنه دراسات وحلولاً عملية لمساعدة النساء. ويعمل المنتدى منذ سنتين على تطوير برنامج Media For Non Media التثقيفي الإعلامي الداعم لقضايا المرأة.
وتجدر الاشارة الى أن الأردن ليس وحده ضحية هؤلاء المجرمين "الشرفاء"، ففي الدول العربية بما فيها دول شمال أفريقيا، وآسيا الوسطى وأميركا الجنوبية، هناك صمت مطبق حول عدد الجرائم ومرتكبيها. لذا يسجل لنساء الأردن المجهود الذي يقمن به لمكافحة الظاهرة. ويبقى السؤال: هل سينجحن في خلق وعي مجتمعي وقوانين تشريعية تساعد على تحسين وضع المرأة وصورة بلادهم في العالم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.