نفت مصادر رسمية أن تكون وزارة الدفاع الجزائرية تلقت "بأي شكل من الأشكال وعلى أي مستوى من المستويات في هرم المؤسسة العسكرية" أي مبادرة سياسية أو اتصال من عباسي مدني زعيم جبهة الانقاذ الاسلامية المحظورة. وأكد مصدر في الوزارة، في اتصال مع "الحياة" أمس، صحة المعلومات الصحافية التي تضمنت نفي ما أورده مدني الموجود خارج البلاد منذ 23 آب اغسطس الماضي عن مبادرة لوقف العنف في البلاد. وقال ان تصريحات مدني "مجرد مزاعم كاذبة". ورأى ان الرجل "تأخر كثيراً في تحمل مسؤولياته التاريخية فيوقف أعمال العنف". وكان مدني أوضح في مقابلة مع "الحياة" ان المؤسسة العسكرية الجزائرية أبدت اهتماماً بالمبادرة التي قال انه ينوي اطلاقها لوقف العنف في الجزائر، مشيراً الى انه تلقى منها "رداً ايجابياً" عليها لكنه رفض كشف الجهات التي تحدث معها داخل الجيش الجزائري، إذ قال "لا أعين أي طرف لأن العمل الآن مبني على السرية". ورأت مصادر قريبة الى وزارة الدفاع ان تصريحات مدني "كان يمكن لها أن تكون ذات جدوى لو تحمل الرجل مسؤولياته التاريخية عندما طلب منه ذلك"، في اشارة الى سلسلة جولات الحوار التي قامت بها المؤسسة العسكرية ورئاسة الجمهورية مع مدني ونائبه علي بن حاج في 1993 و1994 و1995، والتي فشلت بسبب رفضهما ادانة أعمال العنف ودعوة عناصر الجماعات الاسلامية المسلحة الى وضع السلاح في مقابل الافراج عنهم. وحملت مصادر وزارة الدفاع الوطني، في تصريحات نشرتها صحف جزائرية امس، كلا من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ووزير الداخلية يزيد زرهوني مسؤولية "انتهاك" مدني أحكام القرار الصادر عن المدعي العسكري والذي وقعه شخصياً وتعهد التزام العمل به خلال السنوات ال5 المقبلة، ومنها الامتناع عن أي نشاط سياسي أو تصريحات سياسية. وكان مدني حصل على جواز سفر، بعد تدخل الرئاسة كما تردد، من أجل الانتقال الى ماليزيا لتلقي العلاج، لكن كثافة تصريحاته وتنقلاته تركت انطباعاً لدى الأوساط السياسية بأنه يوجد "في مهمة خاصة خارج الجزائر"، مما يفسر سرعة رد قيادة الجيش عليه. الى ذلك أكد محامي وزارة الدفاع الطيب بلولة، أمس، رفع دعوى قضائية على الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد رئيس حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض في شأن تهم أطلقها ضد الجيش خلال مشاركته قبل أيام في أعمال قمة الأممية الاشتراكية. خصوصاً لجهة اتهام المؤسسة العسكرية بالمسؤولية عن عمليات ذبح راح ضحيتها الآلاف من الجزائريين منتصف التسعينات. وهذه المرة الأولى التي ترفع فيها وزارة الدفاع شكوى أمام القضاء ضد رئيس حزب سياسي بسبب تصريحات لها صلة بالأزمة التي عرفتها الجزائر. يذكر انها لاحقت سابقاً الضابط سوايدية المطرود من الجيش لإدلائه بتصريحات مشابهة.