حمل الجنرال المتقاعد خالد نزار وزير الدفاع الجزائري السابق التيار الإصلاحي خلال حكم الرئيس السابق الشاذلي بن جديد مسؤولية أحداث تشرين الأول أكتوبر 1988، والتي راح ضحيتها أكثر من 500 شخص في أعنف مواجهات بين المتظاهرين وقوات الجيش تعرفها الجزائر منذ الاستقلال. وأعرب نزار عن قناعته بأن المؤسسة العسكرية تعرضت إلى "مؤامرة" كان الهدف منها هو تمرير الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وقال: "أؤكد لكم أن أحداث الخامس من أكتوبر 88 كان الاصلاحيون من ورائها"، والهدف من ذلك "إخراج الجيش إلى الشارع، ومن ثم توفير الفرصة لتمرير مشروعهم الإصلاحي. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت رئاسة الجمهورية مبنى شاغرا، أي أصبحنا من دون رئيس بعدما اختفى الشاذلي بن جديد في مكتبه، ولم يعد يظهر للعيان. فاضطررت لأطلب منه الخروج إلى الشارع ليراه المواطنون". وأضاف: "الشاذلي بن جديد هو أسوأ رئيس في تاريخ الجزائر". وجاءت هذه الشهادة المثيرة التي أدلى بها وزير الدفاع السابق خلال عرضه، مساء الأحد في فندق الأوراسي كتابه الجديد "محاكمة من أجل الحقيقة... الجيش الجزائري في مواجهة التضليل". وقد يؤدي ذلك الى احياء الجدل في شأن دور الحكم في هذه الأحداث والتي تم إثرها إبعاد كبار الشخصيات النافذة من الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، مثل الراحل محمد الشريف مساعدية. كما أدت لاحقا أيضا إلى انسحاب العسكريين من العضوية في اللجنة المركزية للحزب. وبحسب نزار الذي كان يشغل خلال هذه الأحداث منصب قائد القوات البرية في الجيش الجزائري، دبّر التيار الإصلاحي الذي يتزعمه السيد مولود حمروش، الذي كان حينذاك الأمين العام للرئاسة، هذه الأحداث. وقال: "الاصلاحيون هم من كانوا وراء الأحداث لفرض خطتهم. .فقد بدؤوا بإبعاد الجيش من العاصمة حيث كانت أقرب وحدة منها في الجلفة 210 كلم جنوباً ثم دفعوا بالشعب إلى حمام من الدم". واتهم الشاذلي بالخضوع للاصلاحيين، إذ "لم يكن يعير اهتماما لأراء الجيش... وكلما استقبلني الرئيس الشاذلي بن جديد في الرئاسة يأتي مولود حمروش بعدي ليمحو كل شيء قلته للرئيس"، معتبراً ان سماح حمروش للجبهة الاسلامية للإنقاذ تنظيم المسيرات الشعبية والتجمعات أمام رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع الوطني خلال فترة توليه منصب رئيس الحكومة "كان يهدف من وراء ذلك إلى إرباك الجيش وتمرير إصلاحاته". واعتبر نزار الذي قاد الانقلاب على الشاذلي، إثر حصول جبهة الإنقاذ على غالبية مقاعد البرلمان في انتخابات 26 كانون الأول ديسمبر 1991، "أن التيار الإصلاحي يتحمل قسطا كبيراً من المسؤولية في توفير الأجواء لدفع المؤسسة العسكرية إلى التدخل لمنع وصول الإسلاميين إلى الحكم". وعن الاتهامات التي كان وجهها في بيان أصدره في 11 تموز يوليو الماضي ضد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لكونه قاد الحملة في الخارج على الجنرالات الجزائريين، قال: "بالنسبة إلي من دبر هذه الحملة هم جبهة القوى الإشتراكية والجبهة الإسلامية للإنقاذ ومن يدعمونهم في الخارج". وأكد أنه تلقى دعما من المؤسسة العسكرية في المحاكمة ضد الملازم الفار حبيب سوايدية. وقال: "لا تتصوروا أن الجيش عبارة عن كيس من الأموال. أنا ما تلقيته هو الدعم السياسي من طرف الفريق محمد العماري رئيس الأركان ومن خلاله من طرف قادة القوات المسلحة". يشار الى أن كتاب اللواء نزار صدر عن "المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار والتوزيع" الجزائرية بالإشتراك مع منشورات "مارينور" الفرنسية، ويقع في 464 صفحة عرض فيها الكثير من الشهادات والوثائق التي تتعلق بالأحداث التي عاشتها الجزائر في العشرية الأخيرة، وموقع المؤسسة العسكرية وبعض الشخصيات والأحزاب السياسية في هذه الأحداث.