قُتل أمس في اسطنبول 23 شخصاًِ على الأقل، نصفهم من اليهود، وجرح نحو 250 آخرين بانفجار سيارتين يعتقد بأنهما عمليتان انتحاريتان استهدفتا كنيسين يهوديين وسط المدينة. واعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان العمليتين بأنهما تستهدفان "الاستقرار والسلام في تركيا"، فيما اتهم وزير خارجيته عبدالله غل "منظمات إرهابية دولية" بالضلوع بالتفجيرين. وأعرب وزير الداخلي التركي عبدالقادر اكسو أن التفجيرين قد يكونان عمليتين انتحاريتين. راجع ص8 ودانت غالبية دول العالم، في مقدمها سورية والولاياتالمتحدةوفرنسا وباكستان وايطاليا والفاتيكان، التفجيرين. ودعت إسرائىل العالم إلى محاربة "قوى الشر"، فيما حملها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي استنكر التفجيرين، مسؤوليتهما. واستيقظ أهالي اسطنبول أمس على صوت انفجارين شديدين سبق أحدهما الآخر عشر دقائق، استهدفا معبدين يهوديين في منطقتي جلاطة وشيشلي، وهي من الأحياء المكتظة وسط اسطنبول. ولم يلق إعلان "جبهة فرسان الشرق الإسلامية الكبرى" مسؤوليتها عن الحادث أي اعتبار، خصوصاً أن قياديي الجبهة يقبعون في السجن منذ سنوات، وان معلومات الاستخبارات التركية تفيد أن الجبهة لم يبقَ منها من يستطيع القيام بهذا العمل المنظم. ووجه السفير الإسرائيلي لدى أنقرة بنحاس افيفي اصابع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة"، إلا أنه قال بأنه لا يملك الدليل على ذلك بعد. وأثارت المعطيات التي توافرت عن الحادثين حيرة أجهزة الأمن التركية، ذلك ان المواد التي استخدمت في التفجيرين لم يتم استخدامها من قبل في أعمال مماثلة داخل تركيا. كما أن كاميرات الأمن في معبد نيفا شالوم سجلت وقوف سيارة حمراء أمام المعبد نزل منها سائقها. وقبل أن يكمل تفاوضه مع حراس المعبد الذين أمروه بإبعاد سيارته عن المكان وقع الانفجار، مما يضع عدداً من علامات الاستفهام في شأن كون هذا الحادث هجوماً انتحارياً أم أن السائق طلب منه ايصال السيارة إلى ذلك المكان فقط وتم تفجيرها عن بعد. وكانت مصادر مطلعة تركية ذكرت أن تركيا تلقت تحذيراً من إسرائيل الأسبوع الماضي بعدما قبضت على أربعة طلاب من عرب إسرائيل يدرسون في الأردن، بعدما شكت في أنهم ينتمون إلى خلية إرهابية. واعترف أحدهم بأنه كان ينوي السفر إلى تركيا لتنفيذ عملية هناك. وعلى الصعيد السياسي أشارت أوساط حزب العدالة والتنمية إلى أن الحادث سيدفع بالحكومة إلى ما كانت تحاول تجنبه قدر الإمكان وهو التقارب أكثر من إسرائيل، وإلى زيادة دعم السياسات الأميركية التي تهدف إلى وقف المقاومة في العراق، بعد الشعور بأن وجع الإرهاب أصبح يطال الجميع في المنطقة. وفي القدس، قال وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم في بيان: "ما من دولة في العالم محصنة ضد الإرهاب لذلك يتحتم على كل الدول محاربة قوى الشر". وأضاف: "نأمل ألا يكتفي المجتمع الدولي بإدانة ما حصل في اسطنبول، بل ان يتصرف بأقصى درجات الحزم الممكنة ضد الإرهاب الذي يشكل ظاهرة عالمية". وقال مدير قسم الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية داني شيك ل"وكالة فرانس برس" إن "الاعتداءين نفذتهما على ما يبدو منظمة من التيار الإسلامي مناهضة للغرب ولإسرائيل ولليهود ... انه اسلوب تنظيم القاعدة، لكننا لا نملك حالياً معلومات أكثر دقة". وفي القاهرة، علق الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى على التفجيرين بالقول إن العنف الذي يجتاح عدداً من المدن ويؤدي الى مقتل المدنيين مسألة مرفوضة ولا أحد يقبله. لكنه اضاف "إن هناك أجراسا كثيرة تقرع بأن ما يحدث في فلسطين وانسحاب الوساطة أو عجزها أدى إلى استشراء السياسة الاسرائيلية لدرجة لم تصبح مقبولة من أي إنسان عنده مجرد شعور بالمسؤولية والإنسانية، لذلك فالمسؤولية في كل هذا تقع على السياسة الاسرائيلية والسماح لهذه السياسة الوصول الى هذه الدرجة من الافتراء والاستشراء". واضاف أنه في ظل احتقار اسرائيل للقانون الدولي والنظام الدولي كل شيء سيحدث، ويمكن أن تحدث أمور لها تبعاتها الان. وما لم يفق المسؤولون الى خطورة السياسة الاسرائيلية أو التمادي او التغاضي عنها، سيؤدي ذلك الى كثير من التداعيات والمسؤولية على من يغمضون أعينهم عن هذه السياسة وللأسف الضحايا من المدنيين، وأي إنسان لا يمكن أن يقبل هذا". وفي واشنطن، جاء في بيان صادر عن الخارجية الأميركية أن "الولاياتالمتحدة تدين بحزم الاعتداءين الإرهابيين الفظيعين ضد كنيسين في اسطنبول". واتصل وزير الخارجية كولن باول بنظيره التركي ليعبر له عن "تعاطف" الولاياتالمتحدة، ويقدم "التعازي للضحايا وعائلاتهم والشعب التركي"، مؤكداً ان "الولاياتالمتحدة تقف بحزم إلى جانب حليفها التركي القريب في الحرب ضد الإرهاب". وفي باريس، عبر الرئيس جاك شيراك عن "تعاطف فرنسا وتضمانها" مع تركيا، داعياً إلى "تعزيز إرادة الأمم الديموقراطية في محاربة معاداة السامية وعدم التسامح والإرهاب". وقال الرئيس الفرنسي في رسالة إلى نظيره التركي أحمد نجدت سيزر إنه "صدم بالاعتداءات الإرهابية الجديدة التي ارتكبت ضد كنيسين في اسطنبول". وفي إسلام آباد، صرح الناطق باسم الخارجية الباكستانية مسعود خان بأن بلاده "تدين بشدة الهجمات الإرهابية في اسطنبول ونقدم التعازي لحكومة وشعب تركيا لضحايا العملين الجبانين". وفي الفاتيكان، دان البابا يوحنا بولس الثاني، في رسالة تعزية بعث بها إلى الشعب التركي. وقال الكاردينال انجيلو سودانو في رسالة إن "البابا كرر طلبه من جميع الرجال والنساء في أنحاء العالم كافة للتحرك من أجل السلام وضد الإرهاب"، وانه دعا إلى "احترام حرية المعتقدات والقناعات الشخصية حتى لا يكون الانتماء الديني مصدر نزاعات دامية". وفي دمشق، أعلن وزير الإعلام السوري أحمد الحسن: "اننا نؤكد تضامننا مع الحكومة التركية والشعب التركي الصديق في مواجهة هذا العمل الاجرامي والجهات التي تقف وراءه". وقال إن "سورية تدين الإرهاب بكل أشكاله وأينما استهدف المدنيين الأبرياء. ان استهداف أماكن العبادة والمدنيين الأبرياء عمل مدان أينما وقع ومن قبل أي جهة كانت".