روع تفجيران سكان اسطنبول صباح أمس (قبل الظهر) واستهدفا المصالح البريطانية مسفرين عن أهوال وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات حيث أحصت السلطات 27 قتيلا بينهم القنصل البريطاني روجر شورت في إحصائية غير نهائية وأكثر من 450 جريحا غصت بهم المستشفيات، ووقعا في اليوم الثاني لزيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي جورج بوش لبريطانيا وبعد خمسة أيام فقط من تفجيري السبت اللذين استهدفا كنيسين يهوديين في اسطنبول أيضا. وأعلن وزير الداخلية التركي عبدالقادر اكسو أن تفجيرين استهدفا القنصلية البريطانية ومصرف "إتش إس بي سي" البريطاني وهما امتداد لعمليتي يوم السبت. كما أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية في لندن أن 14 موظفا من الجنسيتين البريطانية والتركية يعملون في القنصلية قد يكونون بين القتلى ال 27. وذكرت وكالة الانباء الايرانية ان عشرة ايرانيين يعملون في فرع مصرف ملات الايراني في اسطنبول اصيبوا بجروح في الهجوم على المصرف البريطاني. ونقلت الوكالة عن مدير الفرع يونس هورموزيان قوله ان اربعة من الجرحى العشرة في حال خطرة. ويقع المصرف الايراني قرب المصرف البريطاني المستهدف. وذكر مصدر في وزارة الخارجية التركية ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو توجه الى اسطنبول مساء أمس عقب التفجيرين. حظر نشر الصور وحظرت محكمة امن الدولة التركية بث او نشر اي صور من موقعي الانفجارين. وصرح متحدث قضائي لوكالة انباء الاناضول انه بموجب هذا الامر يجب على وسائل الاعلام الامتناع عن نشر صور القتلى والجرحى لان ذلك قد يتسبب في نشر الخوف والرعب بين الناس. ويتضمن الحظر كذلك اجراء مقابلات مع شهود العيان وعمال الانقاذ او نشر اي معلومات تتعلق بالتحقيقات في الانفجارات. حيثيات الهجومين وقال وزير الداخلية التركي إن عمليتي التفجير نفذهما على الارجح انتحاريان كانا يقودان شاحنتين مفخختين، كما أعلن وزير العدل التركي جميل تشيتشك أن العمليتين هما تفجيران انتحاريان وأن عملية البنك سقط فيها عشرة أشخاص على الأقل وأن الاسلوب الذي استخدم الاسبوع الماضي استخدم امس. وفي الساعات الأولى للتفجيرين اعتقد الناس أن هناك عدة انفجارات تقع في المدينة، لكنه تبين فيما بعد أن شدة آثار العمليتين امتدت الى المناطق المحيطة التي كانت مبانيها تهتز بفعل قوة المتفجرات مما جعل وسائل الاعلام والمسؤولين والسكان يظنون أنها سلسلة انفجارات. ودمرت عملية القنصلية جناحي المبنى وعددا كبيرا من السيارات في محيطها وغطى الزجاج والحطام الشوارع المحيطة بمكاني الانفجارين. وسادت حالة من الذعر في الشوارع وشوهدت جثث ملقاة وسط الحطام. وأكد القس ايان شيروود الملحق بالقنصلية البريطانية لوكالة فرانس برس ان القنصل البريطاني العام روجر شورت قتل. واكد المصرف البريطاني ان عددا من موظفيه قتلوا في الهجوم وأن اثنين من مباني المصرف اصيبا بأضرار وتم اغلاقه لمدة يوم. وقال احد عمال الطوارئ كان داخل مبنى البنك انه شاهد قتيلا في الطابق الارضي واثنين في أدوار اخرى وعددا آخر في الشارع والسيارات. وهرع رجال الاطفاء لاخماد حريق اندلع داخل المبنى المكون من 12 طابقا. وقال خاقان كوزان (29) عاما لرويترز انه شاهد شاحنة بيضاء تسرع نحو موقع الانفجار قرب القنصلية قبل نحو عشر ثوان من الانفجار. وأضاف: وقع انفجار هائل. وقال محمد جيليك وهو أحد الشهود لقناة سي.ان.ان التلفازية التركية انه شاهد شاحنة صغيرة بنية اللون تتجه مسرعة نحو القنصلية البريطانية قبل ثوان من الانفجار. وكان يقف على بعد نحو عشرة امتار من الموقع. ونقلت فرانس برس عن مسؤول أمني طلب عدم كشف هويته أن شاحنة مفخخة انفجرت داخل حرم القنصلية بعد ان عبرت الحاجز القائم على المدخل. كما نقلت الاناضول عن الشرطة اعتقادها ان القنابل التي انفجرت أمس هي من نفس نوع القنابل التي استخدمت في هجوم السبت. من المنفذ؟ وقد تبنى مجهول في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء الاناضول باسم تنظيم القاعدة و"الجبهة الاسلامية لفرسان المشرق الاكبر"، مسؤولية الانفجارين. وتدعو الجبهة الى اقامة دولة فيدرالية اسلامية في تركيا عن طريق العنف. وتبنت المنظمتان مسؤولية الهجومين على الكنيسين اليهوديين في اسطنبول في 15 نوفمبر اللذين أسفرا عن 25 قتيلا واصابة 300. وافادت الشرطة التركية ان الانتحاريين اللذين نفذا عمليتي الكنيسين هما ناشطان تركيان على صلة بالقاعدة. وقال وزير العدل التركي ان الاسلوب العنيف الذي استخدم الاسبوع الماضي استخدم ايضا امس. وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان عمليتي التفجير في اسطنبول تحملان بصمات تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن ومنظمات شريكة لها. الولايات المتحدة أغلقت قنصليتها وإثر تفجيري الأمس، أغلقت الولايات المتحدة قنصليتها في اسطنبول أمام الجمهور ودعت رعاياها الى تجنب المبنى، حسبما قال ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية يرافق الرئيس الأمريكي جورج بوش في زيارته لبريطانيا. واوضح ان القنصلية الامريكية علقت خدماتها الاعتيادية لمنح تأشيرات الدخول، غير انه تم ابقاء الموظفين الضروريين لتأمين الخدمات الطارئة، مستندا في ذلك الى مذكرة نشرتها القنصلية الامريكية في تركيا. كذلك طلبت القنصلية الامريكية من رعاياها في تركيا تجنب المتاجر التابعة لمصالح غربية والمعابد والمحلات التجارية والمطاعم والحانات. غضب دولي عارم وأعرب المجتمع الدولي عن غضبه العارم إزاء تفجيري اسطنبول. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن بلادنا تدين كافة صور الارهاب وسنحاربه بكافة إمكانياتنا. ورفض أردوغان التحدث عن المسئولين عن الانفجارات ولكنه قال إنها تشبه تلك التي وقعت يوم السبت الماضي، مقدما تعازيه الى بريطانيا. وقال جميل جيجيك المتحدث الرسمي باسم الحكومة للصحفيين: تبدو انها نفس الجماعة التي نفذت هجمات يوم السبت الماضي. وقال وزير الخارجية التركي عبد الله غول في تصريح صحافي في ستوكهولم حيث يقوم بزيارة رسمية: ان تركيا لن تستسلم للارهاب. وقال الرئيس الامريكي جورج بوش الذي كان يتحدث عقب اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في لندن: إن الارهابيين يكرهون الحرية هم يكرهون الشعوب الحرة. وأضاف بوش: الوحشية جزء من استراتيجيتهم، هم يأملون في بث الترويع وإضعاف المعنويات .. ولن يفلحوا. وقال بلير: إن التفجيرات تذكرنا بالشر الذي يمثله الارهابيون للناس الابرياء، لكننا لن نتراجع ولن نقبل بأي تسوية ولن نتردد في مواجهة ذلك الخطر .. وهزيمته. وبعثت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية رسالة تعزية الى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو. وفي رسالة تأييد ومساندة لبلير كتب الرئيس الفرنسي جاك شيراك إن فرنسا تدين مثل هذه الاعمال الهمجية بكل شدة وحزم. وأضاف ان بلاده لن تألو جهدا في جهودها ضد الارهاب بلا هوادة إلى جانب بريطانيا. وفي رسالة مماثلة بعث بها إلى الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار بعث شيراك بتعازيه إلى أسر ضحايا التفجيرات. وقال الرئيس الايطالي ورئيس الاتحاد الاوروبي سيلفيو بيرلسكوني: إن استراتيجية الكراهية والترويع التي يسلكها الارهابيون لن تجدي نفعا ولن تمكنهم من إعلاء كلمتهم ولن يفلحوا في إخراج تركيا عن هدفها في الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي. وفي الوقت الذي تقوم فيه اسرائيل بسفك دماء الفلسطينيين على قدم وساق، أدان قادتها تفجيري اسطنبول، زاعمين أنهم يعتبرون أن المعركة ضد الارهاب عالمية. وقال رئيس وزرائها ارئيل شارون الذي يرفض وقف عمليات الاغتيالات والعدوان على الشعب الفلسطيني: إن الارهاب يشكل خطرا على العالم الحر بأسره، على حد زعمه لاذاعة اسرائيل. وبعث وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر برسائل تعازي إلى نظيريه التركي عبد الله جول والبريطاني جاك سترو. ووصف السفير الأمريكي لدى تركيا اريك ايدلمان الهجومين بأنهما مأساة مروعة للجميع. وقال إنها المرة الثانية التي يحدث فيها شيء كهذا خلال اسبوع. اعتقد انه عمل مروع من جانب اناس يهاجمون جذور حضارتنا الراسخة التي نشترك فيها. يحدوني امل ان يكون بوسعنا مساعدة الاطراف التركية وبالبطع نرسل تعازينا لاسر جميع من فقدوا ارواحهم اليوم. وشجب الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان الاعتداءين. وقال: ليس لدى منفذيهما اي احترام للحياة البشرية. وقدم تعازيه لعائلات الضحايا. وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي جورج روبرتسون: ان الهجومين يشكلان اعتداء على قيم الديموقراطية التي يدافع عنها الحلف، منددا بهذه الاعمال بحزم. واعرب عن صدمته للاعتداء المزدوج، وقال ان الارهابيين الذين ينفذون مثل هذه الاعمال الوحشية سيكونون محط ازدراء كل الشعوب المتمدنة، مؤكدا ان الحلف الاطلسي والاسرة الدولية سيتحدان في التصميم للقضاء على موجة الارهاب هذه التي تهددنا كلنا مهما كان ديننا وثقافتنا وجنسيتنا. وندد نائب وزير الداخلية الايراني علي اصغر احمدي الذي يرأس اللجنة الامنية الايرانية التركية في اتصال هاتفي مع نظيره التركي بالاعتداء. واعرب عن استعداد بلاده لتقديم اي نوع من انواع المساعدة لتركيا. واصدرت حكومة جنوب افريقيا بيانا جاء فيه ان تزايد عدد الاعتداءات الارهابية الموجهة ضد مدنيين يجب ان يدفع الاسرة الدولية الى مواجهة مشكلة الارهاب بشكل شامل. واشار الى ضرورة الاهتمام بالظروف التي تسمح للارهاب بالتطور مثل الفقر والتخلف. ووصف رئيس دولة الفاتيكان البابا يوحنا بولس الثاني الارهاب بأنه جريمة في حق الانسانية. وقال المتحدث باسم الفاتيكان يواكيم نافارو فالس: ان البابا يعتبر ان الارهاب يقوم على الازدراء بالانسانية، وهو بالتالي جريمة في حق الانسانية، لا سيما عندما يتحول الى استراتيجية سياسية. ووصف رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتس الهجمات بأنها فعلة من العنف الاعمى. وذكرت وزارة الخارجية الهندية في نيودلهي أن الهجمات الجبانة تؤكد الحاجة إلى تأكيد عزم المجتمع الدولي في حربه ضد الارهاب. إجراءات وقائية في العالم في برلين شددت الشرطة الاجراءات الامنية حول مبنى السفارة البريطانية في أعقاب التفجيرات التي وقعت في اسطنبول. لكن متحدثة قالت إنه لم يكن هنالك ما يشير إلى أي تهديد، لكنه تم نشر قوات إضافية واغلاق طريق في الحي الدبلوماسي. واتخذت احتياطات أمنية اضافية في مقار السفارات الامريكية والاسرائيلية في اثينا وفي الموانئ والمطارات حول المدينة بالرغم من أن الشرطة اليونانية قالت أيضا ليس ثمة سبب يدعو إلى و قوع هجوم مماثل. وحذرت الحكومات الاسبانية والبريطانية والاسرائيلية رعاياها من السفر إلى اسطنبول في أعقاب الهجمات. وأغلقت وزارة الخارجية البريطانية خدمات القنصلية في المدينة لحين إشعار آخر مضيفة أن هناك خطرا كبيرا من الارهاب في تركيا. ورغم ذلك قالت وزارة الخارجية إنها لن تغير من نصيحتها بالسفر إلى مناطق أخرى في تركيا. وكانت وزيرة الخارجية الاسبانية تقضي عطلة في منتجع البسفور التركي وقت وقوع الهجوم. واعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية انها ستبقي على برنامج رحلاتها الى اسطنبول بعدما درست الوضع في تركيا. وقالت متحدثة باسم الشركة لوكالة فرانس برس ان فريق خبرائنا الامنيين يتابعون الوضع عن قرب. تحدثنا مع السلطات المعنية في تركياوبريطانيا. واضافت اننا راضون عن الظروف الامنية الحالية. واوضحت ان الشركة تقوم حاليا برحلتين الى اسطنبول يوميا، وليست لديها رحلات الى اي مدينة اخرى في تركيا. لكن وزارة الخارجية البريطانية حذرت رعاياها من السفر الى اسطنبول. وقالت: ننصح بعدم القيام باي رحلات الى اسنطبول باستثناء الضرورية جدا منها حتى يتضح الموقف. بريطانيا الهدف التالي المحتمل ويرى خبراء في السياسة الخارجية والامن في لندن ان الاجراءات الامنية المشددة في كافة انحاء بريطانيا دفعت بتنظيم القاعدة الى اختيار هدف سهل هو اسطنبول لتنفيذ هجومين انتحاريين امس الخميس على اهداف بريطانية فيها. الا انهم حذروا في لقاء مع فرانس برس، من ان انتقال مثل هذه الفظائع الى بريطانيا نفسها هو مجرد مسألة وقت. وافادت مهى عزام الخبيرة في شؤون تنظيم القاعدة في المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن ان هؤلاء الارهابيين لم يستطيعوا التسلل او تنفيذ هجمات على اهداف في بريطانيا فاختاروا اهدافا اسهل في مناطق اخرى. واضاف تيموثي غاردن خبير الارهاب في كينغز كوليج في لندن ان هذه مشكلة طويلة الامد .. وعلينا ان نقبل احتمال حدوث هجوم في بريطانيا في وقت ما في المستقبل. وقال غاردن: ما من شك في ان استراتيجية جماعات القاعدة تقوم على زعزعة الحكومات التي تعتبرها تلك الجماعات متحالفة مع الغرب. واوضح ان العديد يعتبرون تركيا نموذجا للطريقة التي يمكن من خلالها لدول يسكنها المسلمون تحقيق ديمقراطية فاعلة .. وعلينا ان نتوقع ان تكون تركيا معرضة لمثل هذه الهجمات. ورجح كل من عزام وغاردن ارتفاع وتيرة مثل هذه الهجمات في الاسابيع القادمة. وقالت عزام: لا اعتقد ان مستوى العنف الذي تنفذه القاعدة او مناصروها سيتراجع. واضافت: اعتقد ان تدخل الولايات المتحدة في المنطقة منح القاعدة ومناصريها تبريرا اكبر لمواصلة مستوى العنف المرتفع. ومن ناحيته قال غاردن ان الرسالة الرئيسية هي ان المشكلة لم تحل ولن تحل لمجرد اننا نقوم بعمل عسكري. وجاءت عمليات التفجير بعد يوم واحد من القاء بوش في لندن واحدا من اهم خطاباته المتعلقة بالسياسة الخارجية. وحدد بوش في خطابه ما وصفه بالركائز الثلاث للامن العالمي ومن بينها ضرورة خوض حرب في بعض الاوقات لحماية الحرية. وقالت عزام ان الرسالة من خطاب بوش هي انه وحلفاءه ومن بينهم بلير مصممون على استكمال المهمة. وتابعت الا ان التهديد الامني لا يزال حقيقيا لدرجة انه يصعب تصور كيف سيواصل الامريكيون والبريطانيون مع مرور الوقت منح دعمهم التام للسياسات المتبعة في العراق. وقال غاردن انه بينما يتفق الاوروبيون والامريكيون على طبيعة التحديات الامنية فهم يختلفون على الطريقة الانسب لمعالجة المشكلة. واضاف: ان العديد في اوروبا، وربما القلة في الحكومة البريطانية، يعتقدون ان التدخل العسكري كخيار اول يساهم في الحقيقة في ازدياد الارهاب. بشاعة بلا حدود انقاض امام مصرف اتش اس بي سي