بعد يومين على التفجير الارهابي الذي دمر قسماً كبيراً من مبانيه، بدا مجمع المحيا السكني غرب الرياض وكأنه تعرض لزلزال. كان رجال الدفاع المدني بالعشرات وهم في ملابسهم الصفراء يعتمرون خوذهم يجوبون ارجاء المجمع لنبش الركام تحسباً لوجود ضحايا، وكانت سيارات ضخمة تنقل بقايا الركام وسيارات اخرى جاء بها سكان من المجمع لنقل ما تبقى من ذكريات حياة كانت جميلة ووادعة. لدى دخول "الحياة" المخيم برفقة وفد من وزارة الخارجية اللبنانية وسفير لبنان لدى السعودية احمد شماط طالعتنا سيدة لبنانية تتشح بالسواد حدادًا على قريبة لها قضت في الحادث، وروت للوفد بعضاً مما رأت وهي تجمع بقايا اثاث في منزلها الذي تحطمت معظم جدرانه. كان يفصل بيتها عن مكان الانفجار صف من المنازل الاخرى أتى الانفجار عليها بالكامل. شرفات معلقة بلا جدران وابواب ونوافذ طارت كيفما اتفق وفتحات تكييف فغرت فاها دونما حياة. حتى الخزائن الداخلية في المنازل قذفت ما في بطنها ليتحطم على الارض ويغطي زجاجه المنطقة. وكان رجال الامن يروحون ويجيئون لحماية ممتلكات بيوت أخلاها ساكنوها وحطم الانفجار ابوابها. كان لا بد من التحقق من كل قادم، وكانت مديرة المجمع السيدة هنادى فندقلي تتولى استقبال العائدين وتلاقيهم بلهفة كأنهم قادمون بعد طول غياب ولتجيب على رتل من الاسئلة عن حال هذا وماذا حل بذاك. كان عدد من سكان المجمع يشاهد آثار الدمار للمرة الاولى، فبعضهم لم يكن داخل المجمع وقت الانفجار، واكثرهم غادره ليلاً من دون ان يتسنى له رؤية ما حدث، فبدت العيون زائغة تبحث عما تبقى من حاجياتها في المنزل، تستوقفها رؤية صديق او جار نجا من الانفجار فتتداعى الذكريات دموعاً وأنيناً. وامام احد المنازل تناثرت تحت ظل شجرة كبيرة مجموعة من الكراسي ظلت واقفة تحكي قصة امسية كانت الاخيرة في مجمع سكني كان ينبض بالحياة، وقبالتها سيارة محطمة تركها صاحبها امام منزله شاهداً على ما فعلته يد الارهاب. وعن بعد كانت شاحنة صغيرة تغادر المجمع حاملة أصص نباتات صغيرة هي كل ما تبقى من ذكريات ايام كانت جميلة.