لم تعد «حارة الأشراف» إلا بقايا أطلال، ومنازل متداخلة، وأزقة مغلقة ،بل إن أكثر سكانها من المواطنين غادروا الحي إلى أطراف مكة تاركين خلفهم منازل مهجورة وشققا تؤجر للغادي والرائح دون هوية ولا رقابة، هناك عند نزلة كدي وعلى عتبات حي الهجرة تربض حارة قديمة متشبثة بأسرارها وحكاياتها التي طواها الزمن وبقي بعض الأهالي شاهدا على واقعها المر وحيلتهم العاجزة أمام ركام السنوات. واجمع عدد من سكان الحارة أن أكثر ما يقلقهم هو تجمع أعداد كبيرة من الوافدين في أزقة الحارة وبين الأطلال وكثيرا ما يعقدون صفقات مشبوهة لبيع الممنوعات وربما السرقات الليلية رغم جهود الجهات المختصة التي تقف لهؤلاء بالمرصاد. «عكاظ» زارت الحارة والتقت بالمواطنين هناك للاطلاع على أحوالهم ومشاكلهم وما يكدر صفو مقامهم من نقص الخدمات وأثر العشوائية وتكاثر العمالة في الحي. يستعيد صالح عوض سيرة ثلاثين عاما من المقام في هذه الحارة، ويقول: «كنا نسكن في عمارتنا القائمة هنا، لكن بعد وفاة الوالد غادرنا إلى مخطط الشوقية، ولم يتبق لي هنا إلا هذه البقالة التي أشغل بها وقتي». مقابل بقالة العم صالح يقبع حوش مهجور بعض جدار منزل قديم، ويشير إلى الخرابة قائلا: «هذا مكب نفايات الحي، وقد تسبب في تلوث الأجواء، ولم يحمنا منها إلا سد البوابة بأخشاب لمنع رمي المزيد من النفايات فيها، ويكفي أنها تكدست لسنوات ولم تنظفه البلدية سوى مرة واحدة»، ويطالب العم صالح من البلدية رش الحي فهو بيئة عامرة للذباب والناموس. وصحبنا العم صالح إلى دهاليز الحي مشيرا إلى الأزقة الضيقة والروائح المتشابكة، ويقول صالح: «كل الأزقة تعاني من تكدس النفايات ونضطر احيانا لدفع 60 ريالا لعمال النظافة حتى يقوموا بجمعها وإيصالها إلى مرمى النفايات التي تصل إليها سيارة النظافة». أما سلطان سعيد فيعتبر أن تجمع عمالة من الجنسيات الآسيوية في بعض ممرات الحي وخاصة بعد المغرب يشكل ظاهرة غير حضارية ويجب التنبه لها، حيث تدار الصفقات المشبوهة وتخطط للأعمال الإجرامية، ويؤكد أن الحارة بحاجة ماسة إلى التطوير دون الإضرار بمحدودي الدخل الذين يسكنون فيها وأغلبهم من المقيمين الذين يستأجرون بيوتا غادرها أصحابها إلى الأحياء الجديدة والمتطورة. ويقول عادل الحكمي إن الحي يعاني من عدم وجود مسار واحد للسيارات، فالداخل ليس له حل إلا العودة للخلف نظرا لضيق المكان وامتداد الحي إلى الجبل الذي تم رصفه بالمدرجات الإسمنتية في مشروع سابق للبلدية. ويشير عادل إلى إحدى العمائر السكنية موضحا أن حارس العمارة وهو من الجنسية الآسيوية يدير الإسكان فيها ويجتمع فيها شقق للعمالة العزاب والعوائل، ودون رقابة أو متابعة من أي أحد، وغالبا ما يسكنها المتخلفون بلا هويات ولا إقامة. ويذهب أحمد جابر إلى أن الأزقة بدون إنارة وتحتاج إلى متابعة من قبل عمال النظافة فتكدس النفايات يعني تناقل الأمراض بين أطفال الحي معتبرا أن الحي يحتاج إلى الاهتمام من قبل لجان التطوير حتى لا تتزايد مشاكل الحي فضيق الأزقة وتقادم بعض العمائر وعدم الرقابة يجعلها مقصدا للمخالفين.