بعد أربعة أشهر من تكليف مجلس الامن مجلساً مستقلاً لمراقبة انفاق الولاياتالمتحدة عائدات نفط العراق يقول الديبلوماسيون ان واشنطن تمنع المجلس من تنفيذ مهمته. ويرجع الديبلوماسيون التأخير الى اعتراض الولاياتالمتحدة على الاعضاء المرشحين لمجلس الرقابة الاستشاري الدولي الذي لم يتشكل بعد. وكان يجب ان يتشكل بمقتضى قرار لمجلس الامن صدر في 22 ايار مايو الماضي. وقالوا ان الخلاف يعكس رغبة اميركية في ابقاء الاعمار في أيدي الاميركيين وحدهم، وهو سلوك يقولون انه جعل حكومات أخرى تحجم عن تحمل حصة أكبر من تكاليف الاعمار. وفي واشنطن قال مسؤولون في الادارة انهم متحمسون لتشكيل المجلس وبدء عمله لكنهم يريدون ان يقتصر عمله على حفظ الدفاتر. وقال مسؤول اميركي طلب عدم نشر اسمه "تدخل آخرين سيثير انتقادات كثيرة لكيفية انفاق المال". وأضاف: "نحن موجودون على الارض ونعرف الحاجات وملزمون ضمان ان ينفق المال بشكل مناسب وبشفافية". وقال مسؤول اميركي آخر ان المشكلة لا تتعلق بواشنطن بل بسلطة التحالف الموقتة التي يرأسها بول بريمر في العراق. وأضاف: "السلطة ليست هي الحكومة الاميركية". ودعا قرار 22 ايار الى ايداع عائدات النفط العراقي والاموال المخصصة للاعمار بما فيها المتبقي من حسابات برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي اغلق في 21 تشرين الثاني نوفمبر في صندوق تنمية للعراق يتولاه البنك المركزي العراقي. ويمنح القرار مقاعد في مجلس الرقابة الاستشاري الدولي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاممالمتحدة والصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكنه لا يوضح المهمات المحددة للمجلس. ولم تشكل الادارة الاميركية التي تحكم العراق منذ سقوط نظام صدام حسين لا المجلس ولا الصندوق، وبدلاً من ذلك تودع المال بشكل موقت في حساب في بنك الاحتياط الاتحادي في نيويورك. وعلى رغم ان مبيعات النفط العراقي ما زالت ضئيلة حتى الآن الا ان هناك بليون دولار، على الاقل، حولت من برنامج "النفط مقابل الغذاء". ورفض المسؤولون الاميركيون الافصاح عن حجم هذه الاموال. وبدأت الادارة في انفاق بعض من هذا المال قبل بضعة اشهر لكنها توقفت بعدما شكك صحافي فيما اذا كان ذلك مسموحاً به بمقتضى القرار الذي ينص على انه لا يحق للادارة الاميركية صرف المال الا "بالتشاور مع الحكومة العراقية الموقتة" التي لم تشكل بعد. ويتعلق الامر بخلافات على الخطوط الارشادية لعمل المجلس والمعروفة بالمرجعيات. وقال جو سابا مسؤول البنك الدولي المختص بالعراق ان الاعضاء المرشحين للمجلس اتفقوا على مسودة المرجعيات ورفعوها الى السلطة الاميركية. واضاف في تصريحات للصحافيين في دبي قبل اسبوعين: "نأمل بأن نتمكن من التوصل الى اتفاق". وقال عضو في مجلس الامن: "اذا لم يشكل المجلس ويبدأ عمله قبل مؤتمر المانحين في مدريد سيكون ذلك امراً محرجاً للغاية للولايات المتحدة". وسيجتمع ممثلون عن عشرات الدول في 23 و24 تشرين الاول اكتوبر الجاري في مدريد بناء على دعوة من اسبانياوالولاياتالمتحدة والامارات العربية المتحدة للحصول على تعهدات بتمويل تكاليف العراق للاعمار. وفي حين قدرت الاممالمتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التكاليف بنحو 35.6 بليون دولار خلال الاعوام الاربعة المقبلة لا يتوقع ان يتعهد المانحون سوى بأقل من بليوني دولار في مؤتمر مدريد.