بعض الاسرائيليات: ويل سيلف صحافي وكاتب بريطاني معروف، له ماضٍ مسجل مع المخدرات حتى انه ضبط وهو يتعاطاها في طائرة رئيس الوزراء، ثم تزوج الصحافية ديبرا اور، التي تكتب في "الاندبندنت" وتاب حتى كأنه انسان آخر هذه الأيام. قبل أسابيع زار ويل سيلف الأراضي الفلسطينية وكتب معلقاً على ما رأى ان اسرائيل تبني للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة معسكرات اعتقال كبيرة، وان الولاياتالمتحدة تدعم تصرفات اسرائيل بمنحها خمسة بلايين دولار مساعدة كل سنة. وقامت قيامة لم تقعد على ويل سيلف، واتهم وهو يهودي بأنه "يكره نفسه". غير انه لم يتراجع وقال ان هذه التهمة تهدف الى اسكات المنتقدين، وأضاف مفنداً ادعاءات الصهيونيين المتطرفين، ومؤكداً انه لا يكره نفسه أو اسرائيل، وإنما يكره "اليهود الذين يطلقون صواريخ تقتل المدنيين الفلسطينيين، اليهود الذين أطلقوا مسلحي الكتائب على مخيمي صبرا وشاتيلا، اليهود الذين يمارسون سياسة عنصرية مجردة في ما يزعمون انه معقل الديموقراطية". وهو اختتم مقالاً له في جريدة "ايفننغ ستاندارد" المسائية قبل أيام بالقول "تقدم يا آرييل شارون، لأنني أكرهك فعلاً، وبصراحة فالاضطهاد الشرير للفلسطينيين لن يتوقف حتى نرى ان غالبية من الاسرائيليين تجد في قلبها الشجاعة لتكرهك أيضاً". وكنت كتبت مرة بعد مرة وأكتب اليوم ان أي انتقاد أو هجوم يجب أن يقتصر على آرييل شارون وحكومته المتطرفة، فهناك غالبية دائمة من اليهود في اسرائيل والعالم تريد السلام، ويجب عدم الخلط بينها وبين تجاوزات حكومة مجرمي الحرب في اسرائيل. وأزيد للقراء العرب اليوم ان ديبرا اور، زوجة ويل سيلف وجمايما خان، زوجة عمران خان وابنة جيمس غولدسميث، وبيلا فرويد، من أسرة سيغموند فرويد المشهورة، كن ضمن مجموعة زارت جنوبلبنان والأراضي الفلسطينية لمساعدة أطفال الفلسطينيين. هوارد جاكوبسون كاتب بريطاني يهودي آخر وليبرالي ألف كتاباً عن اليهود انتجت على أساسه حلقات تلفزيونية، منعت في الولاياتالمتحدة لأنها اعتبرت مهينة لليهود. وهو تعرض لحملة من بعض المتطرفين اليهود، ورد عليها في "الاندبندنت" بالقول انه يتعاطف مع الأهداف الأصلية للصهيونية، الا انه يحزن لتشويه الحكومة الاسرائيلية الحالية هذه الأهداف ويعارض "الفرْض الوحشي للمستوطنات، واللاسامية المضادة، ويدرك ان تهمة اللاسامية اصبحت أحياناً أداة للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه...". توني جودت تلفظ جوت أستاذ تاريخ سابق في جامعة اكسفورد، ورئيس معهد في جامعة نيويورك الآن، وله مؤلفات مهمة في حقل اختصاصه، وهو فاجأ اسرائيل وأنصارها بمقال رئيسي في العدد الحالي من مجلة "نيويورك ريفيو اوف بوكس" النافذة يقترح فيها دولة واحدة تجمع اليهود والفلسطينيين كمخرج من دوامة العنف المتفاقم. جودت يهودي ليبرالي أيد يوماً فكرة دولتين: فلسطين واسرائيل، إلا أنه بات يعتقد بأن عملية السلام انتهت والمطلوب دولة علمانية تجمع الفلسطينيين والاسرائيليين. وهو اختتم مقاله بالقول: "ان الحقيقة المرّة هي ان السلوك الحالي لإسرائيل ليس مسيئاً لأميركا فقط، مع انه كذلك، وليس مسيئاً لاسرائيل فقط، مع ان اسرائيليين كثيرين يقرون بذلك، وانما الحقيقة المرة هي أن اسرائيل اليوم مسيئة لليهود". وأثارت هذه الإدانة الصريحة للحكومة الاسرائيلية غيظ كلاب اسرائيل في الولاياتالمتحدة، فكان هناك "كورس" من المدافعين، وأكثرهم من أحقر أنواع المحافظين الجدد مثل جون بودهورتز الذي اخترع اعذاراً لاخفاء عنصرية رفض دولة مشتركة، وديفيد فروم، وهو كاتب خطابات سابق للرئيس بوش، اعتبر حملة جودت "إبادة ليبرالية" لاسرائيل. أتوقف هنا لأقول "وصلت لي حقوقي" فإذا كان صحافي يهودي وكاتب يهودي واستاذ جامعي يهودي يهاجمون، فإنني لا أستغرب أن يتعرض كاتب عربي مثلي لهجوم لئيم أو شرس، لا يهمني لؤمه أو شراسته، بقدر ما يهمني تغيير الكلام أو اجتزاءه، أو نسبة كلام إليّ لم أقله أبداً. لا أعتقد ان الاعتذاريين لاسرائيل سينجحون في التغطية على جرائم حكومة شارون، على رغم انتشارهم كالسرطان. وقارئ "الحياة" تابع قصة البروفسور اندرو ويكلي من جامعة اوكسفورد، الذي رفض تدريس الطالب الاسرائيلي آميت دوفشاني لأنه اسرائيلي. والواقع ان هناك أكثر من ألفي بروفسور في بريطانيا وغيرها يعارضون أي تواصل اكاديمي مع اسرائيل بسبب سياستها الوحشية ازاء الفلسطينيين. وربما زدنا على هؤلاء فيونا ماكتاغارت، الوزيرة المسؤولة عن المساواة العنصرية في حكومة توني بلير، فهي قالت ان تصرف الحكومة الاسرائيلية ازاء الفلسطينيين يعادل المحرقة النازية لليهود. وكانت الوزيرة تكلمت في بداية هذا الشهر، وانقضى الشهر والحملة من أنصار اسرائيل عليها مستمرة. لا أستطيع أن أزيد هنا عما سجلت من آراء في اسرائيل ليهود وغيرهم، ولكن أقول ان كل من يؤيد اسرائيل وعلى رأسها حكومة مجرمة نازية شريك في جرائم هذه الحكومة، ويداه ملطختان بدماء اليهود والفلسطينيين من ضحايا العنف المستمر.