لا أستطيع ان أزيد في هذه السطور شيئاً على ما ينقل التلفزيون يوماً بعد يوم من صور النازية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين. الاسرائىليون يدفعون الثمن ايضاً، وإن بشكل آخر، ومجرم الحرب آرييل شارون تمتّع بتأييد قياسي بعد تسلّمه رئاسة الوزارة، إلا أن شعبيته انخفضت تدريجاً، حتى أصبح معارضوه اليوم أكثر من مؤيّديه. وهناك بنيامين نتانياهو الذي ينتظر ان يخلفه ليواصل جرائمه ويزيد. وقد أظهر آخر استطلاع لأعضاء اللجنة المركزية لحزب ليكود أن 56 في المئة يؤيدون نتانياهو في مقابل 21 في المئة فقط لشارون. السؤال لم يعد كَمْ سيستمر الصمود الفلسطيني. فهو مستمرّ حتى لم يعد السؤال يُطرح، وإنما أصبح الحديث عن مدى قدرة الاسرائىليين على الصمود. وقد عدّل الأميركيون مواقفهم بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، ما سيزيد الضغط على حكومة شارون. في يوم واحد هذا الاسبوع قرأت في الصحف الاسرائىلية: - زاد استعمال المهدئات التي لا تحتاج الى تقرير طبّي بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. ويقبل الاسرائىليون على تعاطي مهدئات مستخرجة من الزهور، أو سوائل، لإراحة أعصابهم في الليل والنهار. أما العقاقير المهدئة فيحتاج الحصول عليها من صيدلية الى تقرير طبيب صحة أو طبيب نفسي. - يوم الاثنين الماضي نظّمت جريدة "يديعوت أخرونوت" وشركة اسرائيلية خدمة هاتفية مفتوحة للذين يعانون التوتر أو القلق أو الخوف. ودُعي الراغبون الى الاتصال على خط خاص بين الواحدة والرابعة بعد الظهر، وردّ عليهم أطباء مختصّون. - أعلن الدكتور شاؤول شرايبر، مدير خدمة الطب النفسي في مستشفى اتشيلوت في تل أبيب ان القلق جزء من غريزة البقاء البشرية. وقال ان أفضل نصيحة عنده للذين يشعرون بتوتر أو قلق أن ينتظروا مرور العاصفة، وأن يقللوا الاستماع الى الراديو ومشاهدة التلفزيون. وهو ايضاً نصح بشرح الوضع للأطفال ولكن من دون تفصيل كبير، كما اقترح أخذ إجازات. - انخفض عدد الاسرائىليين الذين يستعملون النقل العام بسبب ازدياد العمليات الفلسطينية. وفي حين ان الاحصاءات تُظهر هبوط عدد الركاب بنسبة خمسة في المئة منذ بدء انتفاضة الأقصى، فإن الانخفاض يزيد على 15 في المئة بعد كل هجوم مباشرة. ولوحظ ايضاً انخفاض عدد الركاب في المساء وفي نهاية الاسبوع. وانخفض كذلك عدد رواد المطاعم والمقاهي. - شكا الصليب الاحمر الدولي من قتل الجنود الاسرائيليين العاملين في الهلال الاحمر الفلسطيني. وفي أوسلو، في نهاية الاسبوع الماضي، نظّمت تظاهرة ضمّت 15 سيارة إسعاف أنوارها مضاءة إنطلقت في شوارع العاصمة حتى السفارة الاسرائىلية إحتجاجاً على ضرب سيارات الاسعاف الفلسطينية. - أعلنت شركات الحراسة الخاصة في اسرائيل أنها بحاجة الى ألوف الحراس الجدد بسبب ارتفاع الطلب على خدماتها. وقال مدير احدى هذه الشركات انه لم يرَ مثل هذا الاقبال منذ 20 سنة، وهناك 90 طلباً للحراسة لا تستطيع شركته تلبيتها. وفي الضواحي الغنية يدفع أهل الطلاب أجر الحراسة الإضافية للمدارس، أما في المناطق الفقيرة، فلا يزال الأهالي يطالبون الحكومة بتوفير الحراسة على نفقتها. - وصل الى اسرائيل 500 صحافي وعامل في ميدان الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع الشهر الماضي، ووصل 300 آخرون في الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر. وبلغ عدد الصحافيين الأجانب في اسرائيل حوالى الفٍ، مع أنهم في الأيام العادية لا يتجاوزون الثلاثمئة. وبين القادمين من أنصار اسرائيل جيرالدو ريفيرا وبرباره والترز، التي ستُجري مقابلة مع شارون الأسبوع المقبل. وجود الصحافيين الأجانب يعني توقّعهم كارثة، والأرجح ألا يخيّب شارون ظنّهم. غير أنني أريد ان أختتم "اسرائيليات" اليوم بموضوع مختلف أرجو ان أوقف الجدل حوله الى حين. الموضوع هو اللاسامية الجديدة، وقد كتبت عنه، ثم أجبت عن أسئلة قرّاء علّقوا على ما كتبت، وأرسلت ردوداً خاصة الى آخرين، ومع ذلك ففي كل يوم منذ أسابيع رسالة جديدة. مرة أخرى، يجب التفريق بين يهود العالم واسرائيل، ثم يجب التفريق بين اليهود في اسرائيل الذين يريدون السلام مع الفلسطينيين والعرب، والعنصريين من أمثال آرييل شارون. وكنت أعد رداً بالبريد الالكتروني على الأخ فراس عندما وجدت رداً أفضل في "نيويورك تايمز"، فقد نشرت مقالاً بعنوان "قولوا لا للاحتلال الاسرائىلي" كتبه اسرائيلي هو ايشاي مينوشن، وقال فيه ان اجتياح لبنان فتح عينيه على حقيقة الاحتلال، وقد رفض بعد ذلك الخدمة في الجيش الاسرائىلي وسُجن 35 يوماً سنة 1983 لرفضه الخدمة. وهو دعا في مقاله الاسرائىليين إلى الانضمام إليه وإلى زملائه من الجنود السابقين في قول "لا" للاحتلال. يجب التفريق بين شارون ومثل هذا الرجل، وتجنّب جميع مظاهر اللاسامية، جديدة كانت أو قديمة لإقناع الاسرائىليين بإمكان التعايش، رغم المتطرفين من الجانبين. وربما زدت ان "نيويورك تايمز" يملكها يهود، ومع ذلك فهي متوازنة في نقلها أخبار المواجهة، وقد تنشر لصهيوني عنصري من نوع وليام سافاير، إلا أنها تنشر لكتّاب معتدلين منصفين، بينهم يهود أميركيون. ومثلها "واشنطن بوست" في موازنة التغطية والمسؤولية، فلا يجوز أن يشمل الغضب على ممارسات الحكومة الاسرائىلية اليهود حول العالم، فمثل هذه اللاسامية مرفوضة بذاتها، ولأنها ترتدّ على من يمارسها وتُصيبه قبل أن تُصيب المستهدف بها.