مع المصاعب الأمنية والسياسية في العراق قدر خبراء حجم العقود التجارية، التي سيتم ابرامها في العراق على المدى المتوسط، بين 25 بليوناً ومئة بليون دولار. وقال الخبراء، الذين شاركوا في مؤتمر عن اعادة اعمار العراق بدأت اعماله في لندن امس، ان كلفة عمليات الاعمار قد تصل الى نحو مئة بليون دولار وستكون الأكبر من نوعها بعد اعادة البناء الواسعة التي جرت اثر انتهاء الحرب العالمية الثانية في المانيا واليابان وغيرهما. اتفقت الآراء خلال مناقشات المؤتمر، الذي نظمته مجموعة "اس ام اي" المتخصصة في ربط قطاعات الأعمال بالمعلومات وبرعاية مؤسسات اخرى مدنية على ان اعادة الاعمار في العراق لا يمكن ان تحقق تقدماً كبيراً من دون توفير الأمن في البلاد وقبل زرع الثقة الاقتصادية والسياسية وتوقف "العمليات الارهابية"!. وشارك في هذا التجمع التجاري والاقتصادي ممثلون عن نحو 150 شركة بريطانية واميركية متخصصة في مجالات عدة من بينها الاعمال والتجارة والاستشارات القانونية والمحاسبة والخدمات والاتصالات وقطاعات النفط وان كان عدد المشاركين من القطاع الأخير ضئيلاً جداً. وكشفت المناقشات ان ما بين 35 و40 شركة بريطانية بدأت بالفعل التواجد والعمل في العراق وهي متخصصة في الغالب بعمليات اعادة الاعمار والتشييد والاتصالات والاستشارات القانونية. وقال احد المشاركين في المؤتمر ان الصعوبات الأمنية تؤدي احياناً الى الحاجة الى أربعة من الحراس الأمنيين لحماية موظف أو خبير في مثل هذه الشركات. وقال المدير التجاري ل"رابطة الشرق الأوسط" التجارية المدعومة من الحكومة البريطانية مايكل توماس ل"الحياة" على هامش مشاركته في المؤتمر "ان المزيد من الشركات البريطانية خصوصاً من القطاع الخاص يسعى الى المشاركة في عمليات اعادة بناء المرافق . وبلغت نسبة قيمة العقود من الباطن الثانوية البريطانية التي تحققت في العراق من العقود الرئيسية الممولة من الحكومة الاميركية 18 في المئة. ومن اجل تشجيع مشاركة القطاع الخاص البريطاني في هذا المجال سيُعقد مؤتمر موسع في عمان بين 9 و10 كانون الأول ديسمبر المقبل في فندق "فورسيزونز" وسيحضره ممثلون عن مئة شركة بريطانية ومندوبون تنفيذيون من 300 شركة عراقية وأردنية للبحث في فرص الاستثمارات ومجالات عمل القطاع الخاص في العراق. الامل بالقطاع النفطي وبالنسبة الى القطاع النفطي قال توماس ان كل الشركات النفطية البريطانية والعملاقة مثل "شل" و"بريتيش بتروليوم" متواجدة حالياً في العراق وتأمل بإعادة تأهيل القطاع النفطي والمشاركة باستثمارات نفطية كبيرة تُقدر ببلايين الدولارات. وتسعى رابطة الشرق الأوسط المختصة بالتجارة والاعمال مع المنطقة ان تشجع الحكومة البريطانية دخول القطاع الخاص البريطاني بقوة في العراق خصوصاً ان الشركات البريطانية لديها خبرة قديمة كبيرة في العراق. ونفى توماس ان يكون الاميركيون يريدون الحصول على كل العقود التجارية، موضحاً ان ما تقوم به شركة "بكتل" العملاقة ليس بوسع شركات اخرى كثيرة القيام به بسب خبرتها الطويلة في التخطيط واعادة الاعمار. الخدمات للبريطانيين ومن بين القطاعات التي تركز عليها الشركات البريطانية المساهمة في اعادة قطاع الخدمات وبناء المدارس والمستشفيات والرعاية الطبية وتوفير الدواء والاتصالات والهواتف النقالة. واعرب مشاركون آخرون في المؤتمر مثل الرئيس التنفيذي لمكتب الاستشارات والاعمار البريطاني المهتم بشؤون العراق كولين آدمز عن ثقته في ان تساهم الشركات البريطانية في العراق باعتباره سوقاً كبيرة تتوافر فيها فرص هائلة للتمويل والاستثمارات والقطاع النفطي. ونظمت أمام المؤتمر تظاهرة محدودة تنتقد سيطرة اميركا وبريطانيا على حد رأيهم على العراق وأسواقه ورفعوا لافتات تقول "العراق للبيع". وعن مؤتمر مدريد للدول المانحة كانت التقويمات من المشاركين ايجابية اعرب بعضهم عن الأمل بإن يتم الوفاء بالوعود التي قطعت في المؤتمر من مساعدات وقروض سهلة تُقدر في اجماليها بنحو 35 بليون دولار، ويعمل هذا المكتب البريطاني في التنسيق بين القطاع الحكومي والخاص بإعادة الاعمار في العراق. واشار آدمز الى ان القول بانه لم تكن هناك مشاركة من رجال الأعمال البريطانيين والخبراء في مؤتمر مدريد "كلام فارغ"، حيث كان هناك ما بين 40 و50 مندوباً وكان عددهم ضعف عدد أي وفد آخر من رجال الأعمال. وأعرب رئيس "وحدة سياسات العراق" في وزارة الخارجية البريطانية نيل كرومبتون، من المستعربين، عن ارتياح الحكومة البريطانية للنجاح الذي تحقق في مدريد و"فاق ذلك التوقعات"، على حد قوله، خصوصاً مع مشاركة 70 دولة. وقال "إن التزاماً سياسياً توافر من هذه الدول التي قدمت المساعدات والمنح بدعم العراق ليس فقط سياسياً، لكن أيضاً اقتصادياً وتجارياً". وقال مراقبون "إن موقف فرنسا كان مثيراً للدهشة خلال مؤتمر مدريد، وكذلك موقف المانيا حيث كان البلدان الأوروبيان الكبيران من الأقلية داخل المؤتمر". واعتبر المراقبون أن فرنسا ارتكبت خطأ، وأن ذلك قد يؤثر سلباً في احتمالات فرص الأعمال التجارية ومشاركة الشركات الفرنسية في العراق. ووصف المراقبون الموقف الفرنسي بأنه كان مثار قلق وفد مجلس الحكم الانتقالي العراقي في مؤتمر مدريد. وعن التقديرات الخاصة بحجم الديون العراقية، قال مدير إحدى المنظمات غير الحكومية المختصة بمسألة الديون جستين الكسندر، "إن حجم هذه الديون، التي تشكل التزاماً مالياً ثنائياً على العراق، يصل إلى 200 بليون دولار". وأشار إلى أن هناك مخاوف من أن الحجم الضخم لهذه الديون قد يعرقل أي فرص لتحقيق تقدم في التنمية الاقتصادية وإعادة التعمير في العراق. وتحدث الكسندر عن إمكان خفض "نادي باريس" لهذه الديون أو شطب جانب منها. وقال ان البديل ل"نادي باريس" هو تشكيل محكمة تختص بالتحكيم والنظر في هذه القروض المستحقة على النظام السابق وإمكان اعتبار بعضها أو كلها قروضاً ليست مشروعة من الناحية القومية.