يفتتح اليوم في العاصمة الاسبانية مؤتمر المانحين لاعادة اعمار العراق الذي ترعاه الولاياتالمتحدة، وسط اجراءات أمن مشددة وبمشاركة حوالي 60 دولة متفاوتة التمثيل ومتباعدة الاهداف. وحولت التدابير الامنية قسماً من مدريد الى ما يشبه الثكنة العسكرية حيث سيشرف حوالي خمسة الاف رجل بينهم وحدات من قوات مكافحة الارهاب على تأمين سلامة المشاركين في المؤتمر الذي يعقد في قصر المؤتمرات البلدي في طرف العاصمة. وشددت السلطات الاجراءات ايضاً حول الفنادق التي ستستضيف المشاركين البالغ عددهم حوالي ثلاثة الاف شخص يضاف اليهم حوالي 2500 صحافي. ويشارك من العالم العربي السعودية والبحرين والامارات ومصر والكويت والمغرب وقطر وتونس وسورية. ويرأس وزير الدولة الاماراتي لشؤون المال والصناعة محمد خلفان بن خرباش يرافقه وفد الامارات الذي يضم عددا من كبار موظفي وزارتي المالية والخارجية. وارسل معظم الدول الاوروبية وفوداً على مستوى منخفض مقارنة بوفد اميركي عالي المستوى مما يعكس الشك الاوروبي في دوافع الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة على العراق. واستبعد مصدر ديبلوماسي فرنسي ان تقدم فرنسا مساعدات اضافية غير تلك التي ستساهم بها عبر المؤسسات الاوروبية والدولية، وقال ان فرنسا تقبل على مؤتمر مدريد بروح منفتحة وبناءة لكنها تعتبر في الوقت نفسه ان الظروف ليست مواتية للخوض في مشاريع كبرى، ومن هذا المنطلق ستعطي الاولوية للمساعدة عبر الاقنية الدولية، اي الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي، لتكون طرفاً مانحاً بطريقة غير مباشرة. واشار المصدر الى ان فرنسا التي تتمثل بالوزير المفوض للتجارة الخارجية فرنسوا لوس يعاونه رئيس البعثة الحكومية المكلفة الازمة العراقية السفير فرنسوا دوبفير على قناعة بأن استقرار العراق الاقتصادي يمثل اولوية للجميع ينبغي التحرك لتحقيقها لكنها ايضاً على قناعة بأن الشروط الضرورية لإطلاق عملية اعادة الاعمار وعلى رأسها الامن غير متوافرة حالياً. واوضح ان غياب الامن يؤدي الى مجازفات بالنسبة الى الاجانب العاملين في العراق تضاف اليها مشكلة الامن القضائي، اذ ان اعادة الاعمار في حاجة الى التزامات قانونية لتسهيل عمل المستثمرين وانه في غياب حكومة عراقية معترف بها دوليا هناك مخاطر عدم التسديد خصوصاً بالنسبة الى المشاريع الكبرى الطويلة الامد. وأبدى المصدر قلقه حيال اقتراب موعد انتهاء العمل ببرنامج "النفط مقابل الغذاء" في 21 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، الامر الذي سيؤدي الى نقل الاشراف عليه الى التحالف. وقال ان فرنسا قلقة من ظروف هذا الانتقال الذي يتوقع ان يتم وسط فوضى كبيرة نتيجة افتقار التحالف القدرات الانسانية اللازمة مما قد يعزز الاضطراب الاقتصادي في العراق. وقد اعلن مسؤول في الاتحاد الاوروبي في بروكسل امس ان الاتحاد سيتعهد تقديم مبلغ يراوح بين 700 و 750 مليون يورو بينها 375 مليونا من بريطانيا و260 مليونا من اسبانيا والباقي من المفوضية الاوروبية. وكان البنك الدولي اعلن الثلثاء انه سيقترح انشاء صناديق دولية للتنسيق وادارة المساهمات المالية لاعادة اعمار العراق. واضاف في بيان ان مجلس ادارة البنك قدم دعمه لاقتراح مثل هذ النظام. وعمليا يتعلق الامر بصندوقين دوليين مستقلين يدير البنك الدولي احدهما والامم المتحدة الاخر. واوضح البنك ان هذا النظام يرتكز على المبادىء التي ترتكز عليها عادة الصناديق الدولية لدول في وضع ما بعد الحرب، مذكراً بأنه تصرف على هذا النحو في افغانستان وتيمور الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. من جهة اخرى، وافق حكام البنك الدولي على ان يقترح رئيس البنك جيمس ولفونسن في مدريد دعماً مالياً من البنك بين ثلاثة وخمسة بلايين دولار على مدى خمس سنوات لتقديم قروض تكون مشروطة بدفع الديون العراقية والوضع على مستوى الامن على الارض وادراة جيدة لشؤون الدولة.