توقع النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه الذي التقى أمس في القاهرة الرئيس حسني مبارك توقيع اتفاق سلام نهائي مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في "غضون اسابيع"، فيما أكد زعيم الحركة العقيد جون قرنق أمام آلاف من الجنوبيين في مدينة رومبيك انه لا رجعة عن خطوات السلام. وفي غضون ذلك، تلقى الرئيس عمر البشير اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الاميركي كولن باول جدد فيه تعهد واشنطن دعم عملية السلام لانهاء الحرب في جنوب السودان. قال النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه عقب اجتماعه مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة أمس، انه يتوقع التوصل الى اتفاق سلام نهائي في السودان في "غضون اسابيع"، وإن بلاده ستركز في المرحلة المقبلة على إصلاح ما دمرته الحرب وإنعاش الاقتصاد السوداني، و"ان ذلك يقتضي مساهمة الأشقاء العرب في عدد من المشاريع لإنعاش الاستثمار". وتوقع أن تؤدي هذه المشاريع الى عائدات مشتركة لشمال السودان وجنوبه. واوضح إنه نقل الى مبارك رسالة من الرئيس السوداني عمر البشير تناولت تطورات السلام في جنوب السودان، خصوصاً الاتفاق على الترتيبات الامنية مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، اضافة الى برنامج الجولة المقبلة من المفاوضات المقررة في العاشر من الشهر الجاري، وكذلك الدور المصري والعربي المطلوب لدعم هذه المفاوضات. وقال طه إنه سيلتقي خلال وجوده في القاهرة كلا من زعيم "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض محمد عثمان الميرغني وزعيم حزب "الامة" رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي. وذكر انه سيبحث معهما في ما تم التوصل إليه لتحقيق السلام الشامل، والمرحلة المقبلة في إطار التشاور مع القوى السياسية التي بدأ الحوار معها في الخرطوم. واعتبر أن الاتفاق مع "الحركة الشعبية" على الترتيبات الأمنية والعسكرية في مفاوضات السلام "يمثل بداية حقيقية لبناء الثقة بين الشمال والجنوب... ويمثل جسراً للثقة باعتباره ينظم التفاصيل الفنية المهمة المتعلقة بالعلاقات العسكرية والإدارية بين القوات التي كانت تتولى قضية الحرب". واشار الى إن جولته الحالية ستشمل عدداً من دول الجوار في أفريقيا والدول العربية، وستقوده السبت الى السعودية ثم الى قطر. وفي اسمرا، قال الناطق باسم "التجمع الوطني الديموقراطي" حاتم السر ل"الحياة"، أن الميرغني "سيبحث مع طه في توسيع العملية السلمية واشراك القوى السياسية في"، موضحاً أن "الميرغني سيستمع إلى تنوير من طه ووزير الدفاع اللواء بكري حسن صالح عن الاتفاق الامني، فيما سيركز التجمع على توسيع عملية السلام مع الحركة الشعبية". وشدد على أن "التجمع يقف مع الحل السياسي الشامل، وأن الميرغني على اتصال مستمر مع قرنق لعقد اجتماع لهيئة القيادة خلال الأيام القليلة المقبلة للبحث في تطورات عملية السلام". قرنق في الجنوب الى ذلك بث التلفزيون السوداني الحكومي في خطوة لافتة، مشاهد من احتفال "الحركة الشعبية" باستقبال زعيمها جون قرنق في مقر رئاسة "الحركة" في مدينة رومبيك في جنوب السودان اول من امس. وقال قرنق امام الالاف من انصاره الذين كانوا يقاطعونه بالهتافات التي ترحب بالسلام والرقصات الشعبية ان الاتفاق الاخير الذي وقعته "الحركة" مع الحكومة في منتجع نيافاشا الكيني خطوة نحو السلام لا رجعة فيها، لكن ما زالت هناك قضايا كثيرة يتعين حلها، مؤكداً ان "لا عودة الى الحرب مجدداً". واقترح رئاسة السودان بالتناوب بين البشير وحركته خلال الفترة الانتقالية التي تستمر ست سنوات، موضحاً ان الحركة وقعت اتفاقا مع الحكومة بعدما اعترفت ب"الجيش الشعبي لتحرير السودان" الذراع العسكرية للحركة الشعبية كجيش وطني على قدم المساواة مع القوات الحكومية. وتعهد قرنق نبذ طريق الحرب، وقال "كنت في السابق ابحث عن السلاح للحرب، لكن الوضع مختلف الان، فانا ابحث في كل مكان اذهب اليه عن اسواق لمحاصيلكم التي تزرعونها وابحث عن التنمية والتعمير ولن اخرج مرة اخرى من اجل البندقية والطلقة". دقيقة صمت ووقف قرنق دقيقة صمت حداداً على قتلى القوات الحكومية و"الحركة الشعبية" واشاد بتضحياتهم وجسارتهم موضحاً ان السودانيين ما كانوا يصلوا الى السلام لولاهم، وحض انصاره على الاستعداد الى مرحلة ما بعد الحرب، وقال انه يتوق للعودة الى منزله السابق في ضاحية الحاج يوسف الشعبية شرق الخرطوم للقاء جيرانه.