وقعت 50 شخصية سياسية فلسطينية وإسرائيلية أمس مذكرة تفاهم تقترح حلولا لقضايا الحدود والمستوطنات واللاجئين والقدس المطروحة على أجندة التسوية الدائمة بين الجانبين، في اجتماع غير رسمي استضافه الأردن في منتجع سياحي على شاطئ البحر الميت، ودام يومين، وأحيطت مداولاته بتعتيم إعلامي شديد. وأعلن القائم بالأعمال الفلسطيني في عمان عطا الله خيري ل"الحياة" أن "المجتمعين وقعوا بالأحرف الأولى على مذكرة تلخص اتفاق سويسرا" الذي سيوقع الشهر المقبل في جنيف، تتويجا لسلسلة محادثات بين الجانبين بدأت العام الماضي برعاية وتمويل سويسري، وتنقلت بين اليابان وبريطانيا وإسرائيل والأردن. وقال ان "الاتفاق يعكس تزايد معسكر السلام لدى الطرفين في وقت تحاول فيه الحكومة الاسرائيلية جرّ المنطقة الى المزيد من العنف والدماء". واعتمدت المذكرة خطة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون التي نشرت في كانون الثاني يناير 2000، ووثيقة "بيلين - أبو مازن" الموقعة في تشرين الأول أكتوبر 1995 مرجعين أساسيين لها، وتدعو الى عودة معظم اللاجئين الفلسطينيين الى الدولة الفلسطينية. وتقترح المذكرة حلّ قضية المستوطنات بموجب خطة كلينتون التي نصت على تنازل اسرائيل عن غالبية مستوطناتها، وفي مقدمها مستوطنة "أرييل" شمال الضفة الغربية، واحتفاظها بتجمعات استيطانية أخرى، في مقابل تعويض الفلسطينيين أراض في جبل الخليل، فيما تقسم القدس الى قسمين، وفقا لمقولة كلينتون: "كل ما هو يهودي فهو لليهود، وكل ما هو عربي فهو للعرب". وحضر المحادثات عن الجانب الإسرائيلي الرئيس السابق لحزب "العمل" وعضو الكنيست عمرام متسناع، والرئيس السابق للأركان العامة في الجيش أمنون شاحاك، وأعضاء الكنيست أبراهام بورغ ويولي تمير العمل وايلان ليبوفيتش وايتي ليفني شينوي وعسكريون سابقون، فيما حضرها عن الجانب الفلسطيني الوزير السابق ياسر عبدربه ووزير شؤون الأسرى هشام عبدالرازق ونبيل قسيس ومندوبون عن أمين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي المعتقل لدى اسرائيل. وأبلغت مصادر فلسطينية "الحياة" أن "المحادثات بين الوفدين غير الرسميين شهدت خلافات حادة حول ملف الأسرى الفلسطينيين والجدار الفاصل، وجوانب أخرى تتعلق بأمن كلا الجانبين، قبل أن يتدخل وزير الخارجية الأردني مروان المعشر ومسؤولون أردنيون للحؤول دون انسحاب أعضاء من الوفدين من الاجتماعات". وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني التقى في عمان قبل أسبوعين المشاركين، وحضهم على "إعلاء صوت السلام، وطرح مقاربات للقضايا الشائكة بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وقلّل مسؤولون اسرائيليون من اهمية مسودة الاتفاق الذي وقع في الاردن امس بالاحرف الاولى، مشيرين الى ان الموقعين عليه من الاسرائيليين لا يتمتعون بأي نفوذ رسمي وحتى شعبي. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم انه ينبغي التعامل مع الاتفاق "بحجمه الطبيعي" متهماً الشخصيات اليسارية التي شاركت في اجتماعات الايام الثلاثة الاخيرة في الاردن بأنها لم تستخلص العِبَر من اتفاقات اوسلو "التي ما زالت تكبّد اسرائيل ثمناً باهظاً" فيما قال الوزير جدعون عزرا ان النائب اليساري السابق يوسي بيلين الذي يقود الجانب الاسرائيلي في الاتفاق الجديد المعروف ب"اتفاق سويسرا" يورّط اسرائيل من جديد في اتفاقات على غرار اتفاق اوسلو.