جاءت استقالة هنري كيسنجر من رئاسة لجنة التحقيق الأميركية حول احداث 11 ايلول سبتمبر2001 "الحياة" 15/12/2002، وقبلها استقالة جورج ميتشل نائب رئيس اللجنة، لتضيف علامة استفهام عريضة الى علامات الاستفهام الكثيرة التي احاطت بتلك الأحداث التي هزت الولاياتالمتحدة الأميركية واعتبرها البعض، مثل الكاتب الأميركي توماس فريدمان، البداية الفعلية للحرب العالمية الثالثة. فالغموض الذي لف هذه الأحداث منذ وقوعها حتى الآن، وتخبط المسؤولين الأميركيين في الأيام الأولى التي اعقبت الهجوم، وتضارب التصريحات والأنباء والتسريبات من اجهزة التحقيق، جعلت الكثيرين يتشككون في الرواية الرسمية الأميركية. ومهما كانت مبررات استقالة كيسنجر او ميتشل، فهي قطعاً لا تقنع احداً، فكلا الرجلين كان يعرف سلفاً الالتزامات المطلوبة منه، وتبعات العمل في لجنة كهذه، ولا يمكن قبول انهما فوجئا بالأمور التي دعمتها للاستقالة. والغالب ان اليمين المتطرف الذي يحكم اميركا الآن، لا يريد لهذه اللجنة ان تتشكل، وإن تشكلت ألاّ تعمل، وإن عملت ألاّ ترى نتائجها النور، لاسيما اذا كان الهدف منها - كما نشر - "التوصل الى الجوانب ذات الصلة بعجز السلطات الأميركية في احباط هجمات 11 ايلول". والحجة جاهزة في كل الحالات: "سرية الأدلة بدعوى حماية الأمن القومي الأميركي". ولن يكون ذلك غريباً او جديداً، فلدينا سابقة تاريخية اميركية، حيث تم تأجيل الكشف عن اسرار اغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي في تشرين الثاني نوفمبر 1963، الى العام 2029، اي بعد نحو 70 عاماً من حادث الاغتيال، حيث يكون الجيل الذي عاصر الجريمة - او معظمه على الأقل - قد غادر الحياة. فهل ينتظر العالم 70 عاماً اخرى حتى يعرف نتائج التحقيق في احداث 11 ايلول 2001؟ نعم، بل ربما لن يعرفها ابداً. الرياض - رمضان عبدالعظيم