تعتقد غالبية من صناع القرار الفلسطيني، تخالفهم في ذلك الحركة الاسلامية المعارضة، ان الانتخابات الاسرائيلية العامة المقرر اجراؤها بعد غد الثلثاء تشكل "استفتاء" على الحرب او السلام. وبالرغم من تصريحات القيادة الفلسطينية المتكررة حول اعتبار الانتخابات الاسرائيلية "شأنا داخليا"، فإن صدى التغيرات السياسية في اسرائيل ظل دوما يتردد بقوة في الساحة الفلسطينية. وقال ممدوح نوفل احد مستشاري الرئيس ياسر عرفات لوكالة "فرانس برس": "تشكل الانتخابات الاسرائيلية محور اهتمام الفلسطينيين، الكل مهتم ويتابع ويدرك انها منعطف مهم وعرفات يدرك ان بقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي وزعيم ليكود اليميني آرييل شارون سيؤثر مباشرة في النظام السياسي الفلسطيني". واضاف ان "استمرار شارون وبقاء ليكود واليمين المتشدد في الحكم سيجعل من مهمة السلام امرا صعبا للغاية". يذكر ان شارون وضع مجموعة من الشروط قبل البحث في احتمال قيام دولة فلسطينية من بينها وقف العنف واجراء اصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية وازاحة عرفات. اما زعيم حزب "العمل" عمرام متسناع فهو يوافق على استئناف فوري ومن دون شروط للمفاوضات مع الفلسطينيين التي توقفت منذ مطلع 2001، كما لا يستبعد اجراء محادثات مع عرفات وان كان انتقده بشدة وقال انه لن يتهاون في ضرب الانتفاضة. وكانت القيادة الفلسطينية دعت في كانون الاول يناير الماضي، بعد هجوم انتحاري مزدوج اسفر عن مقتل 23 اسرائيليا، المجموعات المسلحة الفلسطينية الى "ضبط النفس" ادراكا منها لكون العمليات المسلحة تسحب من الرصيد الانتخابي لليسار الاسرائيلي. وأكدت القيادة الفلسطينية كذلك رفضها اعمال العنف التي تستهدف مدنيين اسرائيليين وفلسطينيين. ولم تلق دعوة عرفات استجابة واستمرت الفصائل الفلسطينية المختلفة في القيام بعمليات، على الرغم من جهود مصر التي دعت الى حوار فلسطيني - فلسطيني يضم الفصائل من أجل مناقشة امكان التوصل الى "هدنة". لكن اذا كان عرفات يفضل حزب "العمل"، فإن غالبية الفلسطينيين تعتقد على العكس انه لا فارق يذكر بين شارون ومتسناع. وأظهر استطلاع للرأي أجراه مطلع العام الجاري مركز الرأي العام الفلسطيني ان 9،48 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون انه لا فرق بالنسبة الى عملية السلام بين حكومة بقيادة حزب "العمل" وأخرى بقيادة "ليكود"، بينما يرى 16.8 في المئة فقط ان الوضع سيتحسن اذا وصل متسناع الى السلطة. ويتسق موقف الحركات الاسلامية مع الاتجاه الغالب لدى الرأي العام، اذ اعتبر الناطق باسم "حركة المقاومة الاسلامية" حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ان الانتخابات الاسرائيلية "يجب الا تعني شيئا بالنسبة الى الفلسطينيين"، وقال لوكالة "فرانس برس": "لا فرق بين محتل ومحتل، لا فرق بين العمل وليكود. اليسار واليمين كلهم محتلون". واضاف ان "بقاء شارون يعني ان الفعل يطابق الواقع اما وجود العمل اواليسار فإنه يعني الخداع والمراوغة مع استمرار المعاناة". غير ان رؤية "حماس" لا تحظى بالاجماع في صفوف النخبة الفلسطينية. وترى النائب في المجلس التشريعي والناشطة السياسية الدكتورة حنان عشراوي ان "القول بعدم وجود فرق بين الاحزاب الاسرائيلية وان انتخابات اسرائيل لا تؤثر فينا هو مجرد تبسيط للامور لا اكثر". وقالت: "اسرائيل تسيطر على واقعنا وعلى حياتنا وبالتالي من غير المعقول ان يدعي احد ان التغيير السياسي فيها لن يؤثر فينا". واستطردت: "لكن ليس لدينا اوهام وندرك ان حزب العمل او اليسار ليس المنقذ الا انه مستعد لبدء الحوار من جديد".