ليس كون الشرق الأوسط مصدراً رئيساً للطاقة التي يحتاجها العالم هو - كما يدعى - مركز الاهتمام الوحيد للاعب الكبير في المنطقة. فلا يحق لأحد، بل لا يقدر أحد ان يمنع جريان هذه الطاقة لعالم يحتاجها. ان بعض مسألة الخلاف هنا، في الواقع، هي ان هذه الطاقة تُنتزع انتزاعاً بوسائل غير سلمية وغير ضرورية وتُفرض على دول مصادرها، بدل هذه المادة الحيوية المفيدة، مواد مضرّة عوضاً عنها، السلاح وما تتقيأه صناعات اللاعب الكبير مما تحتاجه المنطقة، أو لا تحتاجه، فيُزق في جوف كيانها زقاً. والمركز الأكبر لاهتمام اللاعب الكبير بالمنطقة يعود الى افتراضه، على ما يبدو، ان سلاماً مزدهراً في المنطقة لن يعود عليه بالنفع الذي يرتجيه، بل سيولد له، على حسبانه، حالاً من الوضع الاستراتيجي غير المرغوب فيه - بل "المخيف" - ألا وهو نمو المنطقة وازدهارها حضارياً في شكل يحرّم اللاعب الكبير ليس من ميزة استغلاله لثرواتها وحدها، بل يُنهي قدرته على السيطرة عليها، وربما - بموجب حساباته - تبدأ المنطقة في منافسته حضارياً، وهو الأمر "المرعب" الذي يسبب له رجفة شديدة. ولا ننسى العامل النفساني السلبي الذي تطبِّع به اللاعب الكبير في أثناء تاريخ علاقاته الطويلة مع العالم الاسلامي. فطالما ادعى اللاعب الكبير انه، نعم، قد استفاد فعلاً من الاسلام الا انه لم يستطع هضمه. وهذا يعني ان "سوء الهضم" يبث على الدوام سموماً اضافية في العلاقات الدولية تتراكم لتستحيل سلسلة من أعمال العدوان يسمونها، في لغتهم الاستراتيجية، "ضربات وقائية" كالتي يعد لها في الوقت الحاضر ضد العراق، بحجج واهية تنسب للنظام الذي هو اصلاً احد أحلاف المنطقة غير المكتوبة في السياسات المحسوبة. وهذه حضارة تسيطر عليها، و تدير دفتها امزجة وثنية يعوزها دين يهديها. والخلاف معها ليس وليد اليوم. ولنتذكر ما كتبه المؤرخ ابن الأثير المعاصر للحروب الصليبية التي غزت ودمرت لقرنين من الزمان، قال عنها انها مناوشات حدودية. هذه "المناوشات" قائمة منذ تاريخ روما. وما هي الآن إلا سحابة صيف لا تلبث، شأن سُحب مرت وانقشعت، إلا وتنقشع ولو بعد حين. الطائف - حسين الشيخ محمد