وسط الأجواء والمناقشات والتخمينات التي تدور حول شن الرئيس الأميركي جورج بوش وإدارته حرباً على العراق، اتسعت دائرة النقاش في أميركا لتشمل قطاعات ومناطق أخرى غير الهيئات الرسمية والسياسية في العاصمة. دائرة النقاش وصلت الى مشاهير هوليوود، وكان لهم، وفق قناعة كل منهم وإيماناً بأن للإعلام عامة والممثلين بخاصة تأثيراً كبيراً في الرأي العام، مواقف مختلفة تجاه الحرب الأميركية على العراق. فمنهم من كان معها وصرح بذلك علناً ومنهم من كان ضدها فانتقد السياسة الأميركية وكان في أول صفوف التظاهرات المناهضة لموقف بوش. شغلت مواقف المشاهير الصحف العالمية، فكان تسليط الضوء على مواقف فناني هوليوود كبيراً. وهنا عرض لبعض هذه المواقف. في السادس من تشرين الأول أكتوبر، تجمع عدد من نجوم هوليوود هم أنفسهم الذين عملوا سابقاً على جمع التبرعات والمساعدات للمتضررين من حوادث 11 أيلول سبتمبر ورفعوا شعارات الاحتجاج ضد مخطط الرئيس الأميركي جورج بوش لضرب العراق. سوزان ساراندون، تيم روبينز، مارتن شين، جيسيكا لانغ، داني غلوفر، اد اسنر، جوان وودوارد وجاين فوندا كانوا من بين الموقعين على العريضة وصرحوا علناً بمواقفهم ضد سياسة الرئيس الأميركي. بيان "ليس بإسمنا" عدد كبير من الممثلين والمنتجين والكتاب وقعوا على بيان بعنوان "ليس بإسمنا" الذي نشر في "نيويورك تايمز" و"لوس أنجليس تايمز" كإعلان مدفوع أعربوا فيه عن موقفهم المناهض لسياسة تهديد الحريات المدنية وسوء معاملة العرب الأميركيين. وعقد مؤسسو "ليس بإسمنا" في متنزه مدينة نيويورك المركزي اجتماعاً ضمّ روبينز، ساراندون وشين. وحثّ شين المحتجّين على تصعيد الضغط على ممثليهم في الكونغرس لمعارضة مسعى بوش الى شنّ الحرب. إضافة الى ذلك، أعلنت الممثلة جيسيكا لانغ في مدريد وبعد أيام من اجتماع "ليس بإسمنا" أنها تكره الرئيس بوش وأن هجومه ضد العراق "غير شرعي، غير أخلاقي وغير دستوري". ولعل بربارة ستريسند المتعددة المواهب تعد من أكثر النجوم صراحة في انتقاد سياسة الحرب ضدّ العراق. فأثناء حفلة موسيقية لجمع التبرعات لمجلس النوّاب الديموقراطيين في تشرين الأول، دعت المغنية والممثلة إلى "تغيير النظام" في العاصمة الأميركية. وقالت "أعتقد أن وضع البلاد على شفير الحرب، ومن طرف واحد أمر مخيف جداً". ومن المواقف المهمة ضد الحرب الأميركية كان موقف الممثلة جين فوندا التي أعلنت أنها ضد الموقف الأميركي وضد سياسة الرئيس بوش. تصريح فوندا عمل على إثارة بعض المواقف في المجتمع الأميركي فعمل بعضهم على دعم موقفها وشن حملة لمساندة رأيها على الإنترنت. كما عمل الطرف الآخر على شن حملة ضدها عبر الوسيلة نفسها. والجدير بالذكر أن فوندا تساند عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط وقد قامت أخيراً بزيارة الأراضي الفلسطينية وتقفدت هناك بعض الأهالي. الحرب ليست الحل وفي العاشر من الشهر الجاري وقّع أكثر من 100 فنان في هوليوود على إعلان يهاجم "ضربة إستباقية على العراق". وتضمنت اللائحة تواقيع مات دامون، وبطلي السلسلة الشهيرة "أكس فيلز" X-Files جيليان أندرسن وديفيد دوتشوفني فضلاً عن فرقة الروك "ر.ي.م"، كيم باسينجير، سوزان ساراندون، تيم روبينز، بيتر كويوت، أنجيليكا هيوستن، وغيرهم من الكتاب والممثلين والموسيقيين... وفي محاولة لكسب المعركة من دون حرب، اجتمع الفنانون في احد مقاهي لوس أنجليس وأبدوا قلقهم تجاه تعصّب إدارة بوش التي تخنق النقاش في الحرب. وجاء في الرسالة التي أثمرها هذا اللقاء: "أن الكلام عن الحرب في واشنطن خطير وغير ضروري... نحن أميركيون وطنيون، وباعتقادنا أن صدام حسين لا يمكن أن يسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل". وأكدت الرسالة "أن أي احتلال عسكري إستباقي للعراق سيؤذي المصالح القومية الأميركية". ونشرت الرسالة في "نيويورك تايمز". في الثالث عشر من الشهر الجاري وصلت المغنية شيريل غرو الى حفلة توزيع جوائز الموسيقى الأميركية في لوس أنجليس مرتدية قميصاً كتب عليه بخط كبير "الحرب ليست الحل" The war is not the answer. وقام الممثل شون بين أخيراً بزيارة العراق وتفقد خلالها بعض الأطفال في المستشفيات وبعض الأماكن المدمرة منذ حرب الخليج. وأعلن للصحافيين أنه قام بزيارة العراق لأنه كان محتاجاً "لرؤية بعض الابتسامات وشم بعض الروائح"... وأضاف: "لن أقوم هنا بانتقاد السياسة الأميركية سأفعل ذلك عندما أصل الى هناك حيث يستطيع الفريق الآخر أن يناقشني بوجهة نظره". ودفع بين أكثر من خمسين ألف دولار لنشر إعلان في الجرائد يتهم من خلاله الرئيس بوش بزرع الرعب في قلوب العراقيين وخنق أي حوار أميركي في الموضوع". مناصرون لبوش من ناحية ثانية، أعرب بعض الممثلين والفنانين عن وقوفهم الى جانب الرئيس الأميركي وبالتالي دعمهم لموقفه من العراق. ومن أبرز هؤلاء المشاهير توم كروز والمخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ اللذان أعلنا دعمهما الرئيس بوش أثناء وجودهما في روما لترويج فيلم "مينوريتي ريبورت" Minority Report. وقال سبيلبرغ أن "للرئيس الأميركي براهين فعلية الى وجود أسلحة الدمار في العراق وإلا لما كان صرح بذلك، لذا لا يمكنني الا دعم سياسته". بدوره أعلن الممثل توم كروز موقفه قائلا: "شخصياً، لا أملك كل المعلومات التي يعرفها الرئيس بوش. ولكن أؤمن أن صدام ارتكب جرائم عدة تجاه الإنسانية والشعب العراقي معاً". مواقف فناني هوليود ليست بالجديدة، فقد شهدت لهم أثناء الحرب الفيتنامية مواقف مهمة وجريئة. وفي حين يتوجه بعضهم بنقد نجوم هوليوود بحجة التدخل بالأمور السياسية والتي تخرج من دائرة اختصاصهم، يأتي هؤلاء النجوم ليسجلوا موقفهم مؤكدين أنهم يمثلون شريحة مهمة من المجتمع الأميركي ولهم حق ابداء الرأي والمشاركة في سياسة البلاد. وسط كل هذه المواقف يبقى علينا أن نعرف موقف الرئيس بوش وماذا ينوي فعله تماماً؟