أبدت دول اوروبية انزعاجها من اتفاق مغربي متوقع لتأسيس منطقة تجارية حرة مع الولاياتالمتحدة تسمح في وقت لاحق بدخول سلع اميركية الى الاسواق الاوروبية عبر المغرب ضمن ما يعرف بالتجارة الثلاثية. فشل المغرب والاتحاد الاوروبي في التوصل الى اتفاق جديد لتحرير المبادلات الزراعية والحيوانية بين الطرفين طبقاً لاتفاق الشراكة الموقعة عام 1996 وقررا اجراء جولة مفاوضات جديدة في بروكسل قبل نهاية الشهر المقبل بعد اطلاع كل طرف على اقتراح الطرف الآخر. وذكرت مصادر من وزارة الزراعة المغربية ان الجانب الاوروبي ابدى، خلال الاجتماع الذي عقد اول من امس في الرباط، تشدداً في فتح اسواقه امام بعض الصادرات الغذائية المغربية التي اعتبرها منافساً قوياً لمنتجات زراعية اوروبية. وقالت المصادر ان الجانبين بحثا في امكانية رفع الرسوم الجمركية والحصص التصديرية نحو 100 منتوج زراعي يحظى بالاولوية في مجال التجارة الغذائية التي تمثل ثلث اجمالي المبادلات بين الطرفين المقدرة بنحو 20 بليون يورو. ووافق الطرف الاوروبي على زيادة وارداته من البندورة والحوامض والخضر والفواكه والورود والاسماك المغربية في مقابل فتح الاسواق امام صادراته من القمح واللحوم والالبان والاجبان والتبغ والزيوت والمربى. وتحفظت الرباط على رفع القيود عن واردات زراعية اوروبية قد يؤدي تحريرها الى تدهور الانتاج المحلي وتكبيد خسائر كبيرة للمزراعين خصوصاً في مجالات انتاج اللحوم الحمراء وبعض انواع الحبوب الرئيسية ووافق المغرب بالمقابل على تحرير واردات التبغ التي يستعد لتخصيص شركتها السنة الجارية بطرح اسهم شركة "ريجي دي تابغا" المقدر عائداتها السنوية نحو 700 مليون دولار. كما وافق المغرب على زيادة وارداته من القمح الاوروبي خصوصاً الفرنسي بنحو 16 مليون قنطار اضافي مقابل زيادة حصة المغرب في الصادرات الخريفية مثل البندورة والحوامض. وابدى الطرف الاوروبي قلقه من امكانية ابرام اتفاق منطقة تجارية حرة مع الولاياتالمتحدة تسمح في وقت لاحق بدخول سلع اميركية الى الاسواق الاوروبية عبر المغرب ضمن ما يعرف بالتجارة الثلاثية. وقال المندوب الفرنسي في التجارة الخارجية فرانسوا لوس في تصريحات للصحافة المغربية "ان اتفاق المنطقة الحرة بين المغرب والولاياتالمتحدة خطوة غير منسجمة مع مسار تعميق العلاقات الاقتصادية بين المملكة والاتحاد الاوروبي". وأبدت فرنسا تحفظاً واضحاً في هذا المجال وقالت "ان واشنطن ترغب في جعل المغرب قاعدة لاطلاق تجارتها في المنطقة". ولمح المسؤول الفرنسي، الذي قال انه ابلغ الجانب المغربي هذه التحفظات، الى ان الاتحاد الاوروبي يتخوف من فتح اسواقه امام الصادرات المغربية كافة في وقت تستعد المملكة لابرام اتفاق آخر مع الولاياتالمتحدة الاميركية. واقترحت فرنسا في المقابل تحصيل عقود عمل في مشاريع ضخمة ينجزها المغرب مثل بناء الميناء اليورمتوسطي في طنجة وكلفته بليون دولار ومشاريع اخرى في مجالات الطاقة والمياه والبنى التحتية تزيد كلفتها على 12 بليون دولار وقال "ان باريس ترغب في ان يصبح المغرب قاعدة تجارية وصناعية في منطقة شمال افريقيا لان ذلك شرط لتعزيز الاستثمارات الاوروبية والفرنسية في المغرب". وعلقت مصادر مغربية على التحفظات الاوروبية بالقول "انها خارج جدول الاعمال وهدفها اضعاف الموقف المغربي خلال المفاوضات التجارية المنتظرة في بروكسل الشهر المقبل". وسيطالب المغرب بالاستثناء الزراعي في مفاوضات المنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة التي ستنطلق نهاية الشهر الجاري في واشنطن لطمأنة الطرف الاوروبي على ان المغرب لن يغزو الاسواق الاوروبية كما تتخوف بعض لوبيات الضغط. وهذا اول رد فعل رسمي اوروبي على المفاوضات التجارية بين المغرب والولاياتالمتحدة. وكانت واشنطن اشارت في وقت سابق الى انها ترغب في الافادة من الموقع الجغرافي للمغرب لتعزيز تواجد شركاتها وتجارتها في منطقة المغرب العربي ودعت دول المنطقة الى تفعيل اتفاقات السوق المغاربية المشتركة. وتتخوف اوروبا من موطئ قدم اميركية في المنطقة التي تعتبرها مجالاً اقتصادياً وثقافياً تاريخياً وتحقق معها حجم تجارة يزيد على 50 بليون دولار.