بصدر رحب وتفاؤل استقبل الأكراد نبأ بدء بث الفضائيات الكردية k-tv وميديا، ذلك ان هذه الفضائيات ستلعب دور الدولة الغائبة، إذ لم يكن امام الأكراد، إلا النظر الى الفضاء، بعد ان قطعوا املهم بالأرض التي لم يجنوا منها إلا المتاعب والحرمان. والشريحة الأكثر تأثراً هي شريحة الشباب، لهذا كانت اكثر ترويجاً لهذه الفضائيات خصوصاً بعدما شاع ان هاتين الفضائيتين ستحملان على عاتقهما مسؤولية المساهمة في تحرير الشباب من تخلف القوانين الاجتماعية ومن السور السياسي الذي بنته احزابهم وأنظمة حكمهم عبر بث البرامج الشبابية لتقارب مشكلاتهم وطموحهم وتطلعاتهم. لكن هناك من يريد ان يسأل اليوم، وبعد ان اصبح لهذه الفضائيات حضور واضح منذ سنوات، ما الذي قدمته وتقدمه هذه الفضائيات من خلال برامجها المخصصة للشباب؟ وما الذي تريد ان تقدمه؟ وهل الشباب ما زالوا ينتظرون برامج تقارب مشكلاتهم ومآسيهم؟ اسئلة صعبة والجواب عنها يبدو مستحيلاً، والسبب يعود الى الجهة التي تساند هذه الفضائيات والمستوى العلمي للكوادر الذين يقدمون البرامج. ولا يخفى على احد ان الجهة التي تقدم العون وتساند هاتين الفضائيتين هي احزاب سياسية: kadek "العمال" سابقاً والديموقراطي الكردستاني يساندان k-tv. والأحزاب دائماً تعلي مصالحها على مصالح المجتمع، ولو ان هناك تفاوتاً في ما يخص علاقة الحزب بالمجتمع، فالمسألة نسبية، إلا انه مهما حصل التقارب بين المجتمع والأحزاب تبقى الفجوة بينهما ظاهرة، وبالتأكيد الحزب الديموقراطي يختلف بعلاقاته عن حزب kadek. فمن الأولى من إدارة هاتين الفضائيتين بمعرفة ما الذي يشغل المشاهد الكردي في هذه المرحلة؟ وماذا تعطيان لهذا المتلقي؟ وهل برامجهما تساهم في توعية الشباب؟ وفي الدخول الى عمق مشكلات الشباب؟ وهل من المعقول ان لا تعرف تلك الإدارة نوع المعاناة التي تواجه الشباب؟ فهل الcd المعلقة في صالة التقديم هو عنوان لحل مشكلات الشباب وبلسمته جراحهم عندما يتلقى مقدم البرامج اتصالاً هاتفياً من المشاهدين، يقارب همّ الشباب وتطلعاتهم؟ في فضائية ميديا يقدم الشاب برنامجه وهو يقف على بعد نصف متر من الطاولة الزجاجية والكرسي الحديدي المتفنن بهيكله وهو يعرج مرة ويبدي ابتسامته المصطنعة والثقيلة مرة اخرى! خصوصاً عندما يتلقى الاتصالات، فالكلمة الأولى - وهي شكل الأسئلة - الذي يوجهه للمشاهد المتصل هو: هل تحب هذا الفنان، من اين انت تتصل؟ وكيف هي الأحوال الجوية هناك؟ وما اسمك؟ وهنا يريد ان يعرف هل الاسم الذي يحمله المتصل كردياً ام لا؟ ويلتفت فجأة ليتمعن ب"السيديّات" المعلقة على الجدران خلف تلك الطاولة في صالة التقديم! في الحقيقة، الأمر يختلف عند مقدم k-tv فهو على الأقل يحمل نفسه ويذهب الى الأمكنة التي يتم فيها "السيران" والرحلات، يحمل ميكروفوناً ويسأل بلباقة الشبان والشابان عن سبب الرحلات والسيران وهل هم مرتاحون، وماذا يدرسون وهل "الكروبّات" اقارب ام اصدقاء وما الذي يربطهم ببعضهم بعضاً... لكنه حريص على ان يترك مسافة بينه وبين الدخول في عمق المشكلات والمعاناة! غريب امر هؤلاء، فهم اظهروا الحقيقة التي كانت تقال: ان الأحزاب وجه ثان لعملة اي لحكم، فلو كان الأمر هكذا، لكانت فضائية ميديا تقلد فضائيات تركية وهي متقدمة، على رغم ان الفضائيات التركية لا تقدم شيئاً غير ثقافة "هشّك بشّك"، إلا انها تلتقي الناس وتنقل معاناتهم ورأيهم حتى في الحكم وصراعاته وتطلعات الشعب التركي من دون خوف. ثمة من يقول، ان هذه الفضائية لا تلامس مأساة الشباب الأكراد ولا تعالج مشكلاتهم، ولا تنقل معاناتهم ولا تسمع رؤيتهم. وإذا كانت هذه الفضائيات تريد ان تقدم شيئاً للشباب فهناك امور كثيرة تنتظر البحث عنها، بدءاً من التعليم واللغة الى الزواج والحال القبلية، فكثير من الشباب ما زالوا يعانون عدم التعليم بلغتهم الأم وكذلك عدم التعليم بسبب الفقر وعدم وجود التنمية في ريفهم... و... و... أليست الحال القبلية سجناً، برأينا ان إدارات هذه الفضائيات تعرف انه ليس بسهولة يتم التحرر منها، فإذا كان المبرر هو ان فضائية ميديا تبث من اوروبا وفضائية k-tv من داخل كردستان، فهل مشكلات الشباب الأكراد الذين في اوروبا قليلة؟ ومعاناتهم معدومة؟!! والسؤال هو، ترى من الذي سيقوم بحمل هذه المهمة، المؤسسات، الأفراد، الأحزاب، ام انظمة حكمهم والأحرى بالفضائيات ان تتنبه لهذه الأحوال، فهي مسيئة وممجوجة؟!