شدد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، على أن باريس تعطي الأولوية للحل السلمي للأزمة العراقية، وأن "التدخل العسكري لن يكون سوى آخر الاحتمالات وبناء على قرار من مجلس الأمن". وأظهر استطلاع ان 77 في المئة من الفرنسيين يعارضون الحرب. وفيما بدأت بريطانيا تعزز وجودها العسكري في الخليج العربي، نافية أنباء تحدثت عن محاولتها اقناع واشنطن بإرجاء الحرب، واعطاء المفتشين وقتاً كافياً، أعلنت استراليا انها بدأت تستعد للهجوم، وأرسلت الولاياتالمتحدة المزيد من الجنود الى الكويت وثلاث قاذفات "بي - 1". واستمرت تظاهرات المتضامنين مع الشعب العراقي ودعاة السلام في بغداد، مطالبة بوقف الحرب، وبينهم نجوم غناء اميركيون ورهبان بوذيون. تطرق الرئيس الفرنسي مجدداً أمس الى موضوع العراق فقال ان "اللجوء الى القوة يشكل دائماً اعترافاً بالفشل وهذا أسوأ الحلول"، وبدا شيراك وكأنه يصحح قوله عندما دعا الجيش الفرنسي قبل أيام الى الاستعداد للحرب. وأضاف في كلمة ألقاها خلال حفل استقبال في قصر الاليزيه لمعايدة الصحافة، انه في اطار الأزمة العراقية "أردنا منذ البداية اعطاء الأولوية للحل السلمي لأن التدخل العسكري بنتائجه الانسانية والاستراتيجية والسياسية ينبغي ألا يكون موضع تفكير، الا في حال فشل جميع الاحتمالات الأخرى وبناء على قرار من مجلس الأمن". وأكد ان فرنسا ستستمر في هذا النهج من دون ان تحيد عن جهودها لتنفيذ القرار 1441. وجدد قوله ان فرنسا تتمسك بحرية تقويمها الكاملة. ورأى ان "القانون وحوار الثقافات واحترام الآخر وقيم الانسانية والتضامن والبحث عن الحل السلمي والتعددية أفضل من القوة، كآلية للاستقرار وخفض النزاعات". يذكر أن استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة "لوفيغارو" والقناة الثانية في التلفزيون الفرنسي أظهرت ان 3 فرنسيين من أصل أربعة، أي ما نسبته 77 في المئة من الفرنسيين يعارضون الحرب على العراق. الى ذلك كانت الدعوة التي وجهها شيراك أمس الأول الى القوات المسلحة الفرنسية، للاستعداد لكل الاحتمالات فسرت باعتبارها تمهيداً لدخول فرنسا الحرب الى جانب الولاياتالمتحدة. إلا أن مصادر مقربة من شيراك أكدت ل"الحياة" ان التحليل خاطئ لأن الرئيس الفرنسي لا يحبذ الحرب. لندن لا تمارس ضغوطا لتأجيل الحرب ونفت الحكومة البريطانية "نفياً قاطعاً" أمس المعلومات الصحافية التي افادت انها تمارس على الولاياتالمتحدة ضغوطاً لحملها على تأجيل الحرب لبضعة اشهر لاعطاء المفتشين مزيداً من الوقت. وقال الناطق باسم رئيس الوزراء توني بلير أمس ان هذه المعلومات "غير صحيحة على الاطلاق". واضاف في ندوة صحافية ان رئيس الحكومة يرغب في ان "يتوافر للمفتشين الوقت الكافي للقيام بعملهم". واكد "نعرف جيدا ان تصريحات صدام حسين حول وضع اسلحته غير صحيحة". وطالب من جديد الرئيس العراقي "باثبات تعاونه تعاوناً تاماً، وانه صادق ويعمل مع المفتشين". وكانت صحيفة "دايلي تلغراف" اليمينية نشرت ان بريطانيا تمارس ضغوطا على الولاياتالمتحدة لتأجيل الحرب بضعة اشهر اي الى الخريف لاعطاء المفتشين مزيداً من الوقت لتوفير ادلة تؤكد ان بغداد تنتهك واجباتها في مجال نزع السلاح. واوضحت الصحيفة ان وزراء ومسؤولين بريطانيين يعتبرون ان لا مبرر حتى الآن لشن عملية عسكرية. وقال وزير الخارجية جاك سترو امس ان العراق سيواجه عواقب وخيمة إذا لم يلتزم قرارات الأممالمتحدة، لكنه أكد ان الوقت ما زال يسمح بالتوصل الى حل سلمي للأزمة. وبدا كأن سترو وهو يتحدث في أكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان، ينأى ببريطانيا عن احتمالات العمل العسكري من دون موافقة الأممالمتحدة على رغم انها تحشد قواتها للحرب. وأضاف انه بما ان قرار الأممالمتحدة "ينص على ان عدم التزام العراق سيسفر عن نتائج وخيمة" فإذا ظهرت أدلة على خرق مادي فإن المسألة ستعود مرة أخرى الى مجلس الأمن. وأكد انه ليس هناك ما يدعو الى عدم امكان نزع أسلحة الدمار الشامل بشكل سلمي إذا اتبع صدام القواعد. وأبلغ حسن ويراغودا وزير الخارجية الاندونيسي مؤتمراً صحافياً ان تقرير المفتشين المنتظر لن يكون له اثر كبير على تشكيل وجهة نظر جاكارتا من أدلة على انتهاكات تؤكدها الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وقال ان اندونيسيا تؤيد "الجهود الدولية عبر مجلس الأمن الدولي لحل الأزمة وتوضيح ما إذا كانت هناك أسلحة دمار شامل في العراق". واعلنت استراليا أمس ان قواتها تستعد للحرب، بعد نشر انباء عن تعبئة قوات خاصة للمشاركة في الهجوم الذي تعد له الولاياتالمتحدة. واكد نائب رئيس الوزراء جون اندرسن الاستعدادات للحرب لكنه رفض ان يذكر تفاصيل. واوضحت صحيفة "ذي استراليان" ان السلطات اوقفت عطل وحدات الكوماندوس المجوقلة في القوات الجوية الخاصة. وقال اندرسن الذي يحل محل رئيس الوزراء جون هاورد في عطلته، ان مسؤولي الدفاع اتخذوا "تدابير احتياطية عاجلة" تحسباً لنزاع عسكري محتمل مع العراق. لكنه عبر في الوقت نفسه عن امله في التوصل الى حل ديبلوماسي للأزمة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الاسترالية روبرت هيل ان الحكومة لم تقرر حتى الآن اذا كانت ستساهم في الحرب. وأضاف: "لم نقطع اي تعهد حول حملة في العراق ونأمل ان تؤدي العملية التي تقودها الاممالمتحدة الى ازالة اسلحة الرئيس العراقي صدام حسين للدمار الشامل". ورفض ان يؤكد الانباء التي تحدثت عن الغاء عطل القوات الخاصة والاستعداد لانتشار محتمل في العراق خلال 15 يوما. يذكر ان رئيس الوزراء الاسترالي من اشد مؤيدي السياسة الاميركية حيال العراق وصرح بأن استراليا ستدرس مشاركة بمستوى مشاركتها في الحملة في افغانستان. الى ذلك، اعلن الجيش الاميركي الاربعاء ان ثلاث قاذفات من طراز "بي-1" اقلعت ليل الاربعاء - الخميس من قاعدتها في داكوتا شمال الولاياتالمتحدة متوجهة الى منطقة الخليج. وقال اللفتنانت ميغان فريل الناطق باسم قاعدة ايلسوورث الجوية ان "ثلاث طائرات اقلعت هذا الصباح". ومن المقرر ان ترسل هذه القاعدة طائرات اخرى "بي-1" و500 رجل الى المنطقة في اطار الاستعدادات للحرب. وقال فريل ان طائرة شحن عملاقة "سي-5" تحمل معدات اقلعت ايضاً، مشيرا الى احتمال توجه حوالى 300 شخص الى منطقة الخليج في نهاية الاسبوع الجاري.