أعلن وزير النفط السوري، الدكتور ابراهيم حداد، ان مشاريع تطوير استكشاف النفط في سورية ستؤدي الى رفع الانتاج الاجمالي بحدود 75 الف برميل يومياً تُضاف الى الانتاج الحالي البالغ نحو 600 الف برميل يومياً، لافتاً الى ان ندوة كبرى ستعقد في 10 كانون الاول ديسمبر المقبل لدعوة الشركات العالمية الكبرى للاستكشاف في 11 موقعاً جديداً وفي المياه الاقليمية السورية. وقال الدكتور حداد، في حديث أجرته معه "الحياة"، ان كل المعطيات المتوافرة لديه تجعله "متفائلاً بمستقبلنا النفطي والحفاظ على الانتاج الحالي في السنوات المقبلة". وأشار الى ان الحكومة ستطرح ايضاً مناقصة عالمية للاستثمار في مشروع الغاز في المنطقة الوسطى، الذي يعتبر الاكبر في سورية، لان كلفته ستراوح بين 600 و800 مليون دولار اميركي. وأكد وزير النفط السوري ان "المعيار الوحيد لاختيار الشركة سيكون اقتصادياً وكفاية الشركة وخبرتها العالمية"، لافتاً الى ان المرحلة المقبلة ستشهد "مرونة" سورية في توقيع العقود مع الشركات الاجنبية من دون ان يعني ذلك "التفريط بأي جزء بسيط من حق البلد". وفي ما يأتي نص الحديث: الى اين وصلتم في عملية تنظيم ندوة النفط والغاز لدعوة عدد من الشركات الاجنبية الكبرى للاستثمار في سورية؟ - ستعقد الندوة في العاشر من كانون الاول المقبل بهدف اطلاع الشركات الاجنبية المؤهلة وذات الامكانات العالية على خطتنا للعام المقبل. كنا أعلنا في مطلع العام عن خمسة مواقع للاستكشاف، ودعونا شركات أجنبية لتقديم عروضها لهذه المواقع، فتقدم عدد من الشركات لأربعة مواقع، وبقي موقع واحد لم يتقدم أحد إليه. بعدئذٍ حددنا عشرة مواقع اخرى وأضفنا إليها هذا الموقع، فأصبح لدينا 11موقعاً بامكان الشركات العالمية تقديم عروضها حتى منتصف الشهر المقبل. فكرنا في البداية بعقد الندوة قبل نهاية تقديم العروض، لكن انعقاد ندوة عن الشرق الاوسط في لندن وعطلات الصيف وشهر رمضان الكريم جعلتنا نحدد الموعد في الاسبوع الثاني من كانون الاول، كي تكون الندوة بارزة وتستقطب عدداً كبيراً من الشركات. ما هي الشركات المشاركة؟ - سندعو الشركات الكبيرة من خلال سفراء الدول التابعة لها. أي اننا سنعطي فرصة للدولة ان تختار من شركاتها. وهناك اعلان عام لكل الشركات نفكر بوضعه على الانترنت. ونأمل ان يكون الحضور كبيراً في هذه الندوة الى الحد المعقول. ما هو الجديد الذي سيُعلن فيها؟ - ستكون هناك ثلاثة امكانات: اولاً، إعلان الاستثمار في مواقع اخرى للاستكشاف، لاننا نرغب في ان نغطي تقريباً كل سورية في الاستكشاف العام الجاري والعام المقبل ان شاء الله. ثانياً، سنعلن خلال فترة شهر دراسة للشاطئ السوري لاستكشاف النفط في المياه الاقليمية السورية. ثالثاً، الاعلان عن فتح استثمار الغاز في المنطقة الوسطى للمنافسة من قِبل الشركات العالمية. هل هناك شروط جديدة في صوغ العقود؟ - لدينا تجربة من خلال العقود السابقة مع "شل" و"توتال فينا" و"ماراثون" وشركات اخرى. بعضها نجح ووقع عقوداً والبعض الآخر لم ينجح وتوقف عن الاستكشاف. سنستخدم النماذج السابقة لكن بمرونة. اين ستكون المرونة؟ - لن تكون هناك حدية في العقود. مرونة في التفاوض، لكن من دون التفريط بأي جزء بسيط من حق البلد، أي ضمن الحفاظ على حقوق الوطن والدولة. ومعروف ان المفاوض السوري قوي وشديد ودقيق ولا يقبل التسامح بمصلحة بلده. هل هناك تقديرات للاستثمارات المتوقعة من قِبل الشركات الاجنبية؟ - حسب العقود ولكل موقع له حساباته الخاصة. ماذا عن مشروع تطوير الغاز في المنطقة الوسطى؟ - ستكون كلفته بين 600 و800 مليون دولار. أي اكبر من عقد تطوير غاز "دير الزور" الذي نفذته "كونوكو" و"إلف" بكلفة تبلغ نحو 420 مليون دولار. يقال ان انتاج سورية النفطي يتراجع؟ وهناك تقديرات بانه في حدود ال600 الف برميل يومياً؟ - وضعنا الانتاجي حالياً جيد. ولايزال انتاجنا في العامين الماضيين على حاله. كان هناك انحدار، لكن الحمد لله منذ بداية العام وحتى الآن يتصاعد. وهو يتصاعد يومياً لدى "شل" و"توتال فينا" و"الشركة السورية للنفط". وهو في حدود 600 الف برميل يومياً. منه 350 الف للاستهلاك المحلي والباقي للتصدير؟ - نصف الانتاج للاستخدام المحلي للتكرير والنصف المتبقي للتصدير. أعلنت عن نيتكم إقامة انبوب نفط بين العراق وسورية بطاقة مليون ونصف برميل يومياً. ماذا حصل به؟ - لا يزال قيد الدراسة من الناحيتين الفنية والمالية. طاقته 5،1 مليون برميل؟ - الطاقة ضمن الدراسة الفنية، يمكن ان تزيد او تنقص. والمفاوضات مع الشركات الاجنبية للانشاء ستجري بعد الانتهاء من الدراسة. الى اين وصلتم في مشروع الربط السوري - المصري - الاردني - اللبناني؟ - تم التوقيع العام الماضي على مذكرة تفاهم بين وزراء الدول الاربع قضت بإنشاء شركة عربية وإقامة خط للغاز يمتد من مصر الى الحدود البحرية السورية في مدينة بانياس. واجتمعنا قبل شهرين لوضع مبادئ هذه الشركة، وتم الاتفاق على المبادئ الاولية. ثم اتفقنا على تشكيل "هيئة عربية للغاز" ووضعنا مبادئ لها أيضاً، وتم إقرارها من الحكومات المعنية، كما أُقرت مبادئ الشركة. وستكون مهمتها إدارة خط نقل الغاز وتسويقه وتحديد من يحتاجه، سواء من الدول الاربع او الدول خارج هذه المجموعة، العربية منها والاجنبية الصديقة. الفرصة متاحة لمصر وسورية لإمداد هذا الخط بالغاز. والفرصة متاحة أيضاً للأردن ولبنان للاستهلاك مع احتمال التصدير الى خارج هذه الدول الاربع. وهناك اتصالات مع قبرصوتركيا لهذا الغرض. كان أُعلن ان رأس مالها نحو بليون دولار اميركي؟ - تغيرت الكلفة الآن. كانت التقديرات مبنية على أساس ان الشركة هي التي ستنشىء خط الغاز من بدايته حتى نهايته. وستقوم الآن كل دولة بإنشاء القسم الموجود في أرضها. ونحن سننشئ الخط لوحدنا، اذ ان قسماً منه موجود في الشبكة، وسيتم إنشاء قسم آخر لربطه ببانياس. أي ان تنفيذ الخط يتقدم ويتطور ليتم استخدامه واستثماره والافادة منه في التصدير بأسرع ما يمكن. وماذا عن طاقته الانتاجية؟ - لم نتفق الى الآن على الرقم النهائي. لكن التقديرات الأولية ان الطاقة ستكون اكثر من تسعة ملايين متر مكعب يومياً. بالنسبة لنا، ان معظم انتاجنا البالغ نحو 26 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الرطب يُستخدم لتوليد الكهرباء، لان معظم المحطات والمؤسسات الانتاجية تحول من الفيول الى الغاز. ونحن بصدد وضع الاجراءات لتحويل محطة بانياس النفطية للعمل على الغاز. اذن، كل الطاقة تُستهلك محلياً؟ - لا، اننا نصدر حالياً نحو ألفي طن اسبوعياً الى لبنان، ووقعنا اتفاقاً لتصدير ثلاثة ملايين متر مكعب يومياً إليه ابتداءً من مطلع سنة 2004. وسترتفع الكمية في المرحلة اللاحقة الى ستة ملايين. هل هناك اي شيء ملموس بالنسبة للمفاوضات مع الاتراك لاستيراد غاز من سورية؟ - كانت هناك لقاءات أولية مع مسؤولين ووزراء أتراك وقبارصة حول هذا الموضوع. لكن لم يتم توقيع أي مذكرة تفاهم لان المحادثات لاتزال في بدايتها. اذن من حيث المبدأ انتم مستعدون لتصدير الغاز الى تركيا؟ - طبعاً. نحن مع تصدير الغاز الفائض عنا او الغاز الذي يمر في سورية. كل ما يفيض عن حاجتنا سنصدره الى تركيا او قبرص او ايطاليا، اذ ان وفداً ايطالياً أراد التفاوض حول تصدير الغاز، فقلنا له اننا مستعدون لذلك، لكن طاقتنا الحالية لا تسمح. وعندما تتنتهي المشاريع المخطط لها، سنوقع اتفاقات للتصدير. بعد الانتهاء من مشروع تطوير المنطقة الوسطى؟ - ان تدشين مشروع غاز "دير الزور" الذي أنشأته شركتا "شل" و"إلف" رفع الانتاج الى 62 مليون. كما ان الانتهاء من مشروع المنطقة الوسطى سيزيد انتاجنا الى نحو 31 مليوناً. ثم ان شركة "اينا" الكرواتية اكتشفت بئرين غازيين بطاقة تبلغ 600 الف متر مكعب يومياً ومستمرة في الاستكشاف. هناك خبراء متشائمون ازاء مستقبل سورية النفطي، لكنني أرى انك متفائل جداً؟ - انني متفائل بناءً على المعطيات المتوافرة. ان كل الآبار السورية المنتجة للنفط هي الآن بوضعها الأساسي. لكن هناك الآن تقنيات حديثة تُستخدم في العالم لتطوير الآبار القائمة والمستثمرة. ان هذه الآبار حُفرت بالأسلوب التكنولوجي الذي كان سائداً منذ 15 او 20 عاماً. لكن هناك الآن اساليب حديثة في الحفر المائل والأفقي العميق، ما يمكن ان يؤدي الى اكتشافات مخزونات نفطية إضافية. هذه التقنية أثبتت في بلدان عدة إمكان الحصول على مخزونات إضافية في الآبار. لذلك أعلنا مطلع العام الجاري استخدام هذه التقنيات في أربع آبار من آبارنا المنتجة حالياً للنفط. كما أوكلنا مهمة تطوير حقل "السويدية" الذي هو من أحسن الحقول النفطية، الى "الشركة السورية للنفط"، بعدما كان هناك احتمال باعطائه لشركة أجنبية. وهناك طموح لرفع الانتاج فيه بمعدل 30 الف برميل يومياً، نتيجة تطوير حقول "السويدية". ونطمح بزيادة مقدارها 25 ألف برميل على الأقل في المواقع الأربع الاخرى التي ستطورها الشركات الاجنبية. فالخطة تتضمن تطوير كافة الآبار الموجودة والقائمة. ونتفاوض مع شركة "شل" لتطوير بعض الحقول القريبة او المرتبطة بالآبار القائمة حالياً. ونأمل من خلال التفاوض على الحفر العميق والمائل مع شركة "شل" في رفع الانتاج بنحو 20-30 ألف برميل يومياً. تقصد ان الانتاج سيزيد بفضل خطة تطوير الحقول القائمة نحو 75 الف برميل؟ - اننا نطمح ان يتم ذلك. لذلك انني متفائل بالوصول الى هذه النتيجة على الأقل. كان هناك تصور بان الانتاج السوري سيتوقف عام 2010، لكن المعطيات التي تقدمها تدحض ذلك؟ - صحيح ان المعلومات المنتشرة تفيد ان الانتاج سينخفض كثيراً في عام 2010. لكن هذه المعلومات بُنيت على أساس الوضع القائم ولم تأخذ الخطط الذي تحدثت عنها. ان الآبار الموجودة هي بعمق يراوح بين الفين وثلاثة آلاف متر تقريباً، وتنتج حالياً بين 550 و600 الف برميل. لكن أصبح الآن ممكناً الحفر الى عمق خمسة آلاف وسبعة آلاف، ما يؤدي الى رفع احتمال زيادة الطاقة الانتاجية. كما ان خطتنا تقضي باستكشاف معظم الاراضي السورية، بعدما كانت مقتصرة على المنطقة الشمالية الشرقية ما تفسيرك لإعلان المدير العام لشركة "توتال فينا" عن خيبة ازاء وضع سورية النفطي؟ - هم كانوا يريدون الحصول على عقد تطوير غاز المنطقة الوسطى مع انهم يعلمون بوجود شركتي "بي اتش بي" الاسترالية وشركة يابانية تجريان اتصالات مع وزارة النفط. قلنا اما أن نعطيه ل"الشركة السورية للنفط" او نعلن مناقصة دولية لاستدراج عروض واستثمار هذا المشروع الوطني الكبير. ونحن بصدد الاعلان عن المناقصة قريباً جداً خلال الندوة المقررة في بداية كانون الاول. بعدها سندرس كل العروض ونقرر أيها الأفضل للصالح الوطني العام. هل سيكون هناك بعد سياسي في القرار؟ - لا. ان المعيار الوحيد هو مصلحة البلد ومصلحة القطر الاقتصادية وان تكون الشركة مؤهلة وعندها خبرة عالية.