شككت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في الاعترافات التي أدلى بها الفلسطيني المتهم ب"التعاون" مع أجهزة الأمن الإسرائيلية أكرم محمد الزطمة 22 عاما عن دور محتمل لعملاء آخرين مزروعين في الدائرة المحيطة بالشيخ الشهيد صلاح شحادة القائد العام ل"كتائب عز الدين القسام". ويبدو أن الزطمة ألقى حجرا في المياه الراكدة للعلاقة بين السلطة الفلسطينية و"حماس" عندما قال في مؤتمر صحافي نظمه له الأمن الوقائي في غزة الأربعاء الماضي انه يتوقع أن يكون هناك عملاء مندسون في شبكة علاقات الشهيد شحادة يقومون بإبلاغ أجهزة الأمن الإسرائيلية بتفاصيل تحركاته كلها. وردا على أسئلة "الحياة" وإلحاحها في المؤتمر الصحافي، قال الزطمة انه لا يملك معلومات من ضابط المخابرات الذي كان يتصل به ويدعي "أبو أيهاب" بل استنتج ذلك من خلال المرات العديدة التي اخبره فيها ضابط جهاز الأمن العام الإسرائيلي شاباك أبو أيهاب بوجود شحادة في أماكن عدة. وكان الزطمة اعترف خلال المؤتمر الصحافي بدور رئيسي لعبه في اغتيال شحادة في 22 تموز يوليو الماضي. وأشار إلى أن أبو أيهاب ابلغه في إحدى المرات أن شحادة سيزور بين الساعة الثامنة والتاسعة مساء احد الجرحى في مستشفى الشفاء، طالبا منه التأكد من انه جاء إلى المستشفى. وأضاف انه راقب تحركات شحادة أكثر من مرة في أماكن ومواعيد محددة بتعليمات من ضابط المخابرات الذي كان يبلغه بمعلومات مسبقة عن تحركاته ومواعيد وصوله إلى الأماكن التي ينوي زيارتها أو الوصول إليها بما فيها منزله الجديد في حي الدرج في غزة حيث وقعت المجزرة التي راح ضحيتها 14 آخرين بينهم تسعة أطفال. وتعقيبا على هذه الاعترافات، افاد مصدر رسمي في حركة "حماس" في بيان تلقت "الحياة" نسخة منه إلى انه "بدراسة معمقة لتصريحات الزطمة من جهة والمعلومات المتوافرة لدى الحركة من جهة أخرى فان هناك العديد من التناقضات في اقوال المتهم، خصوصاً إشارته الغامضة والمشبوهة إلى دور أشخاص قريبين من الشيخ صلاح شحادة لم يتم تحديدهم في إعطاء معلومات عنه وعن تحركاته". وأعربت الحركة في البيان عن "خشيتها من أن يكون المؤتمر الصحافي الذي عقد للمتهم والأقوال المتناقضة التي وردت على لسانه محاولة لصرف الأنظار عن عملاء رئيسيين وآخرين متورطين في الجريمة، وهي تعتبر أن الملف ما زال مفتوحا ولم يغلق من طرفها بعد". وطالبت "السلطة الفلسطينية، التي يتساءل أبناء شعبنا عن دور أجهزتها الأمنية في حمايته من العدو وعملائه، بإعلان الحقائق كاملة وعدم بترها أو اجتزائها". ومما لا شك فيه أن البيان يدل على غضب الحركة وتشكيكها في رواية العميل الزطمة، ويعكس بداية توتر العلاقة مع السلطة، وربما يساور الحركة شكوك في شأن دور الأمن الوقائي في ما قاله الزطمة. ويرى مراقبون ومحللون ان هناك ثلاثة احتمالات في شأن ما جاء على لسان الزطمة الذي أكد خلال المؤتمر الصحافي انه قدم استنتاجات وتحليلات وليس معلومات في هذا الشأن: أولها أن يكون صادقا مئة في المئة في ما روى من معلومات، ما يستوجب على "حماس" وفي كل الأحوال أيضا، أن تجري تحقيقا من جانبها لمعرفة هل هناك احد المندسين في دائرة الشيخ شحادة، إضافة إلى إتاحة المجال امام الأمن الوقائي للقيام بهذه المهمة أيضا. الأمر الثاني أن يكون الزطمة كاذبا تماما وان يكون ضابط المخابرات الاسرائيلي أقنعه بأن يدلي بهذه الأقوال أثناء التحقيق معه أو الحديث لوسائل الإعلام في حال افتضح امره واعتقلته أجهزة الأمن الفلسطينية. والأمر الثالث أن يكون الأمن الوقائي قد طلب، لسبب ما، من الزطمة أن يقول ذلك، وهذا ما سربه وقاله مقربون من "حماس"، وهو احتمال نفاه مسؤول في الأمن الوقائي جملة وتفصيلا. وكما تفيد رواية الزطمة وتحقيقات الأمن الوقائي عن الساعات الأخيرة من حياة شحادة، فان الزطمة لم يكن الوحيد الذي يعرف أن شحادة في منزله أو سيصل إليه ومن سيأتي إليه أيضا، بل هناك جهات أخرى غير معروفة. وقال المسؤول الامني ل"الحياة" ان ثمة حلقة مفقودة في قضية اغتيال شحادة، ولم يستبعد أن يكون هناك عملاء آخرون شاركوا في الإدلاء بمعلومات اللحظة الأخيرة عنه. ولفت إلى أن معظم التنظيمات الفلسطينية بلا استثناء مخترق من عملاء ومندسين يعملون لصالح أجهزة الأمن الإسرائيلية وهناك كثر منهم وقعوا في أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية. ويعترف مسؤولون وقياديون في الفصائل الفلسطينية، خصوصا تلك التي تستخدم الكفاح المسلح والعمليات وسيلة لتحرير فلسطين، أن هناك تركيزا من أجهزة الأمن الإسرائيلية على اختراقها، وهو الأمر الذي تم فعلا على مدار سنوات النضال وافتضح امر الكثير من العملاء.