برزت خلافات حادة وتباينات في مفاوضات السلام الجارية بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة الدكتور جون قرنق، خصوصاً في شأن حدود المناطق التي يجب أن يشملها حق تقرير المصير بعد انتهاء الفترة الانتقالية. وفي غضون ذلك، رفض ابناء جبال النوبة ضم مناطقهم الى الكيان الشمالي، واعلنوا تمسكهم بضرورة بقاء مناطق جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ضمن الكيّان الجنوبي. راجع ص 6 وتعد قضية حق تقرير المصير من أهم القضايا التي اتفقت عليها الخرطوم وحركة قرنق في "بروتوكول ماشاكوس" الذي نص على منح أبناء جنوب السودان حق تقرير المصير واجراء استفتاء على الوحدة مع الشمال، أو الانفصال عنه وإعلان دولة مستقلة ذات سيادة في جنوب البلاد، وذلك بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حُددت بست سنوات. وعلمت "الحياة" من مصادر قريبة الى المفاوضين في بلدة مشاكوس قرب العاصمة الكينية نيروبي، "ان الخلافات بين وفدي الحكومة وحركة قرنق تتمحور حول تحديد المناطق التي يجب أن يجري سكانها الاستفتاء على تقرير المصير". وذكرت "ان قرنق يطالب بضم مناطق جبال النوبة في وسط البلاد، ومناطق جبال الانقسنا في جنوب النيل الأزرق، ومناطق أبيي بين بحر الغزال والنيل الأبيض الى الكيان الجنوبي، فيما يتمسك الوفد الحكومي ببقاء هذه المناطق في الكيان الشمالي". وتسيطر حركة قرنق التي تضم في صفوفها قيادات ومقاتلين من أبناء النوبة والنيل الأزرق على أجزاء واسعة من تلك المناطق. في موازاة ذلك، رفضت وثيقة للحزب "القومي السوداني" المعارض والذي يتركز وجوده في جبال النوبة، "ضم الجبال وجنوب النيل الأزرق الى الكيان الشمالي". ويتجاوز عدد سكان جبال النوبة 2.5 مليون شخص نزح كثيرون منهم الى الشمال بسبب الحرب الدائرة منذ العام 1983 في السودان. وترى الوثيقة التي سُلمت الى كل من وسطاء عملية السلام السودانية والأمم المتحدة وأطراف النزاع، "ان ما تبقى من مسائل خلافية لا تقل أهمية عن ما تم التوصل اليه في بروتوكول مشاكوس، خصوصاً ما يتعلق بتحديد حدود الشمال والجنوب". وعبّرت الوثيقة عن "الرفض التام لتجزئة اقليم جبال النوبة وشعبه وباقي الأقاليم والشعوب المهمشة في السودان، والتأكيد على الهوية الافريقية لشعوب جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وأعالي النيل، والاستوائية وبحر الغزال". وتطالب بضرورة ضم النوبة والنيل الأزرق الى الكيان الجنوبي، أو السودان الافريقي، أو السودان الجديد الذي يمتد حتى حدود 13 درجة شمالاً"، مشيرة الى ان وحدة تلك المناطق في "الهوية الافريقية والنضال المشترك".