من المؤكد ان الفيلم الذي سيكون من شأنه أن يثير قدراً كبيراً من النقاش خلال دورة هذا العام لمهرجان البندقية فينيسيا، هو الفيلم الجماعي الذي أُنجز انطلاقاً من أحداث 11 أيلول سبتمبر في الولاياتالمتحدة. وتزداد حدة النقاش بسبب عرض الفيلم في الذكرى السنوية. الأولى لتلك الهجمات التي أحدثت تغييراً جذرياً في العالم كله طوال الشهور الفائتة. الفيلم عنوانه: "11 دقيقة، 9 ثوانٍ، وصورة واحدة". وهو مبني على فكرة فرنسية ومن انتاج فرنسي، واختير للمشاركة فيه 11 مخرجاً ينتمون الى شتى الأمم، في الغرب كما في الشرق، بدءاً من كين لوتش الانكليزي وشين بن الأميركي، وصولاً الى عاموس غيتاي الاسرائيلي المشاكس، وسميرة مخملباف الايرانية الشابة، ومروراً بعدد من المخرجين الآخرين مثل دانيس تانوفيتش ويوسف شاهين وميرا نايير... وغيرهم. قامت الفكرة أساساً على إعطاء كل مخرج من هؤلاء 11 دقيقة ونيفاً، يتعين عليه خلالها أن يدلي برؤية ما حول ما حدث في نيويورك وواشنطن، من دون تحديد أي اشكال معينة أو فرض رؤية مسبقة. ومن هنا جاء الفيلم خليطاً من أفكار ورؤى تتراوح في أبعادها السينمائية والرؤيوية، وتعبر في صورة عامة، عما يمكن الفن أن يقول في مثل هذا المجال. حتى الآن لم يعرض الفيلم رسمياً... ولم تصدر عليه أي ردود فعل جدية. كل ما في الأمر ان مقالات نقدية تناولته، بالاستناد غالباً الى ما قاله مخرجوه عنه. ومن هؤلاء يوسف شاهين الذي يبدو أنه كان الأكثر مشاكسة، والأكثر رغبة في وضع الأحداث الارهابية في اطارها الواسع الصحيح: اطار خيبة الأمل ازاء الولاياتالمتحدة، ووجود شعوب مقهورة ويائسة في هذا العالم. وشاهين نحا الى ربط تلك الأحداث بالقضية الفلسطينية. والهندية ميرا نايير، بدورها، عبرت عن أن دافعها الأساس كان التصدي للكراهية التي ظهرت تجاه الإسلام في العالم، بعد الأحداث. أما سميرة مخملباف، فعبرت عن ارتياحها لمشروع كهذا "يتواصل فيه 11 مخرجاً ينتمون الى ثقافات مختلفة". بينما قال كين لوتش ان "تلك الأحداث ترتدي دلالة مختلفة بالنسبة الى أناس مختلفين" وذلك "تحت قناع الدعاية السياسية المباشرة"، بينما أمل شين بن أن "تكون مساهمتي جديرة بالانتماء الى هذه المجموعة الرائعة من المخرجين". وأعلن الياباني شوهي ايمامورا أنه انما أمل "في وصف حال اليقظة الأسمى التي تسمح لإنسان ما بأن يقبل المآسي المرتبطة بالحرب أو بالصراع في شكل عام". أما البوسني دانيس تانوفيتش فقال معلقاً: "إن الأمر يبدو كما لو أن العالم لم يكن لديه من الوقت ما يكفي للتوقف والتفكير في ذاته. وإلا كيف نفسر أن الارهاب لا يزال موجوداً، وان الذين عاشوه هم وحدهم الذين جمدوا في الزمان وفي أحزانهم".