قبل تلبيته دعوة وجهتها الولاياتالمتحدة إلى مسؤولي ستة فصائل عراقية معارضة لزيارتها، أكد الدكتور أياد علاوي، الأمين العام لحركة "الوفاق الوطني" ل"الحياة" ضرورة حماية وحدة أراضي العراق وحدوده وسلامة أراضيه ابان التغيّر وبعده، مشدداً على أن "ازالة نظام صدام، وبأسرع وقت ستخفف كثيراً من الأخطار والتشنجات في المنطقة وليس العكس". وفيما يجري نقاش مكثف واتصالات بين الأطراف الستة المدعوين وبين واشنطن، تعكف "حركة الوفاق" على دراسة دعوة تلقتها من رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية السيد محمد باقر الحكيم لزيارة طهران للتشاور حول التطورات العربية والدولية والاقليمية. وفي ما يأتي نص الحديث: هل تعتقدون أن الموقف الأميركي من تغيير النظام العراقي واسقاطه وما يرافقه من تحركات عسكرية وسياسية، أكثر جدية من المواقف الأميركية السابقة؟ وفي هذه الحال، ما تقدير حركة الوفاق للعناصر الجديدة في التوجه الأميركي؟ - الموقف الأميركي، وبالمناسبة الموقف الدولي أيضاً، هو بمنتهى الجدية الآن، والتخطيط والعمل من قبل هذه الدول باتجاه اسقاط النظام متقدم جداً. أما العناصر الجديدة فهي بناء التحالف الاقليمي والدولي الحقيقي ضد نظام صدام، وإصرار مجلس الأمن على عودة المفتشين الدوليين إلى العراق، ودعم جهود المعارضة لتوحيد صفوفها. كيف تفسرون التعارضات في مواقف الأجنحة المختلفة في الإدارة الأميركية؟ ألا تعتقدون أنها تنطوي على بعض التشويش؟ - أميركا دولة مؤسسات شأنها شأن الديموقراطيات الأخرى في العالم، وللأسف نحن لا نزال نجهل - كعرب - هذه الحقيقة، لأننا لا نعرف معنى وماهية ودور المؤسسات في مجتمع ديموقراطي. من هنا اختلطت الأمور في أذهاننا، هل هناك اختلافات وصراعات بين أجنحة الإدارة المختلفة أم تباين في وجهات النظر حول الأولويات وما إلى ذلك... اننا نرى أن ما يحصل في أميركا هو تباين في وجهات النظر ليس إلا، وهذه ليست مشكلة، فهي ظاهرة تحصل في الديموقراطيات كما أسلفنا. التوجه الاستراتيجي أو الأساسي هو واحد والقرار في النتيجة هو واحد... وهذه مجرد رؤية أو فهم خاص بنا لأننا لسنا أميركيين. بصدد مجموعة الأربعة حركتكم إضافة إلى المجلس الأعلى والحزبين الكرديين، هل حققت أهدافها على صعيد ما يجمعها من مواقف مشتركة وتحرك مشترك؟ - نعم، حققت مجموعة الأربعة صيغة عالية من التنسيق والتفاهم حتى في موضوعات تعمها اجتهادات عدة ومتنوعة، ونجحنا - نحن الأربعة - بابقائها ضمن الحوار الحضاري الاخوي البناء. هل تفكرون في جعلها أوسع، بإضافة أطراف أخرى تقاربت تحركاتها ومواقفها معكم؟ - تجاوزت الأحداث الأخيرة، وبالأحرى الحالية، كل الصيغ الآن، حيث أصبح من المحتم بناء مؤسسة واسعة للمعارضة العراقية بكل أطيافها، مؤسسة تمتلك الآليات اللازمة والمقتدرة لإدارة الصراع في المرحلة المقبلة والدخول الفاعل في عملية انقاذ العراق بأقل الخسائر الممكنة مع التأكيد على وحدته الوطنية وسيادته ووحدة أراضيه. ونعتقد أن مجموعة الأربعة مع اضافات بسيطة، يمكن أن تكون قلب أي تكوين جديد للمعارضة. ما هي المستلزمات الضرورية لتحسين صورة المعارضة والارتقاء بأدائها؟ - كما أسلفنا، الماضي أصبح تاريخاً، هناك الآن حاجة لتكوين جديد ذو آليات واضحة، هذا التكوين يجب أن يكون أشمل قدر الإمكان، ووضع الحركة الصحيحة في المكان الصحيح والشخص الصحيح في المكان الصحيح... الأهم هو قدرة الكيان الجديد على أن يكون عاملاً - وربما عاملاً مهماً - بالتلاحم مع قوى الشعب والجيش في الداخل لتحقيق التغيير المنشود. هناك حاجة لقيادات سياسية وأخرى ميدانية وثالثة إعلامية ورابعة لاستقطاب الدعم العربي والإسلامي والدولي وهكذا... كل القوى المستعدة والراغبة في التغيير في العراق والتى ترى في الموقف الدولي عاملاً مهماً ومساعداً في التغيير يتعين عليها أن تعمل معاً من خلال مؤسسة قادرة، ترقى إلى مستوى الأحداث الكبيرة التي ستحصل قريباً. تحركت مجموعات من العسكريين بنشاط خلال الأسابيع الماضية، برز المجلس العسكري العراقي والحركة الوطنية. كيف تتعاطى حركة الوفاق مع دور العسكريين والآلية المناسبة لذلك ضمن المعارضة العراقية؟ - نحن في "الوفاق" نؤيد كل الحركات التي حصلت والتي ستحصل والتي تصب في خانة انقاذ الشعب العراقي. ولنا اخوة أعزاء جداً بين الذين تصدروا هذه المحاولات. ل"الوفاق" تنظيمه العسكري المقتدر أيضاً، كما لأحزاب وحركات أخرى منها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية فيلق بدر، باعتقادنا يجب أن تعمل كل هذه الكيانات العسكرية تحت غطاء سياسي مشترك، وهذا ما نأمل بأن ترتقي المعارضة العراقية إلى مستوى تحقيقه، آخذين في الاعتبار وبشكل رئيسي دور شعبنا وجيشنا في العراق كأساس، حيث ستبقى الكيانات في الخارج تعكس الجزء البسيط والبسيط جداً من قوى شعبنا. الجزء الأعظم هو شعبنا وجيشنا في العراق، علينا أن لا نقع في مطبات الوصاية على شعبنا. في أحسن الأحوال نحن جزء وجزء مقدام من شعبنا، لأننا كمعارضة تصدينا وبقوة للنظام، ولا نريد لأحد أن يأتي إلى مواقع في الحكم الجديد في العراق من خلال إرادة غير عراقية. على صيعد الإسلاميين، تم إعلان "شيعة العراق" وتأسست مجموعة أو ائتلاف إسلامي. كيف تنظرون إلى التوجهات والمطالب التي عبروا عنها؟ - الائتلاف الإسلامي شيء وإعلان شيعة العراق شيء آخر. هذه كلها ارهاصات متوقعة وستحصل أكثر كلما اقتربنا من الحسم. وهذا حق مشروع، وإعلان الشيعة أيضاً حق مشروع لمن ينادي به... في "الوفاق" لا نتفق مع تجزئة الوضع العراقي. نحن مع دستور يحمي كل العراقيين، يكرس وحدتهم ويساهم بخلق مساواة ناجزة. نحن مع مبدأ المشاركة في السلطة على أسس ديموقراطية. صدام حسين ونظامه حاولا استعداء السنة ضد الشيعة والمسلمين ضد المسيحيين والعرب ضد الكرد، والكرد ضد التركمان... وهكذا ضمن سياسة التفرقة. "الوفاق" يسعى إلى الارتقاء بخلق هوية عراقية واحدة غير قابلة للتكسير. كل عراقي هو مواطن من الدرجة الأولى بغض النظر عن العرق والطائفة والدين. فيما تؤكد الولاياتالمتحدة عزمها على اسقاط النظام، لا يزال الموقف الاقليمي متشككاً ويبدو غير مشجع، هل تعتقدون أن هناك مساعٍ للمعارضة العراقية للانفتاح على الاقليم العربي، وإن كانت موجودة، فهل حققت بعض النجاح؟ - نعم، بعض الدول الاقليمية يشترك في الجهد وبعضها الآخر موافق عليه، "الوفاق" دعا وسيبقى يدعو إلى تحرك باتجاه الدول الاقليمية العربية وغير العربية، لأن سكان المنطقة هم الأجدر والأقدر والمعنيين الأساسيين بحمايتها وتطويرها، فهم يعيشون معاً، لذا ينبغي العمل على التفاهم والايمان بالعيش المشترك بمقاييس حضارية. ولعل تقرير الأممالمتحدة الأخير حول التنمية البشرية في الدول العربية والذي يسير بوضوح إلى التخلف المرعب للعرب والذي تجاهلته للأسف الأوساط الفكرية والسياسية العربية، هو دليل قوي على وجوب وجود آليات ومبادئ حضارية للنهوض بشعوب منطقتنا المقهورة. كيف تفسرون القلق العربي من تغيير النظام؟ - القلق العربي مشروع، وهناك ما يبرره، فالحروب المستمرة وانتشار أسلحة الدمار الشامل والتعقيدات الحاصلة في الصراعات القائمة أساساً كالصراع العربي - الإسرائيلي كلها تلقي بثقلها وتعكس هذا القلق الهائل. العراق لن يتجزأ، لكن هناك مشاكل حقيقية وخطيرة في المنطقة. ونحن نرى أن ازالة نظام صدام وبأسرع وقت سيخفف كثيراً من الأخطار والتشنجات في المنطقة لا العكس. ولكن يحق التساؤل لماذا يثير انقاذ العراق وشعبه من طغيان حاكم أحمق كل هذه المخاوف؟ نحن نعمل لبناء نظام سياسي متمدن في العراق، وذلك سيحتاج إلى بعض الوقت ونحن بحاجة إلى مساعدة الجميع. هل هناك مساومات، كما يلمح بعض المصادر، من قبل الأطراف الاقليمية والعربية قبل الذهاب إلى إعلان مواقف محددة من الخطط الأميركية؟ - بالتأكيد تجري مساومات، ومساومات كبيرة، وهذا ليس بالأمر الغريب ولا المستبعد وفي كل مراحل السخونة والمنعطفات المهمة تحصل مثل هذه المساومات. ونحن نشدد على أن العراق لن يكون ضعيفاً ولن يتكون من دويلات الطوائف والأعراق، لكنه سيكون عراقاً قوياً بوحدة شعبه وبالتوجهات الديموقراطية وقيام المؤسسات الدستورية. هذا ما سيكون عليه العراق والعراقيين بإذن الله. قبل زيارتكم المرتقبة لواشنطن مع مجموعة الستة، ماذا تريد المعارضة العراقية من واشنطن بشكل محدد؟ - أ، دعم الشعب العراقي وقواه السياسية في عملية تغيير نظام الحكم. ويعني ذلك حماية العراقيين وكردستان العراق باعتبارها الجزء المحرر من العراق. ب، دعم التغيير وحماية حدود العراق وترابه الوطني ابان التغيير وبعده. ج، إعادة النظر في قرارات مجلس الأمن بعد زوال صدام ورفع أي حيف لحق العراق بسبب جرائم صدام، فالعراق ليس صدام. د، الدعم السياسي والاقتصادي للتجربة الديموقراطية التي ستقوم في العراق على أنقاض حكم صدام ونظامه من خلال تحالف استراتيجي مع الولاياتالمتحدة وأوروبا يقوم على توازن المصالح والاحترام المتبادل.