نيويورك - رويترز - قال محللون في نيويورك أمس الثلثاء ان قيام الولاياتالمتحدة بشن حرب على العراق يعزز فرص عودة فنزويلا الى أسواق المال الدولية والتصالح معها، حيث ان اقتصادها المريض يستفيد من أي قفزة في أسعار النفط. وساعدت احتمالات شن الولاياتالمتحدة حملة عسكرية على العراق في دفع أسعار النفط الى الارتفاع الى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أشهر، ما دعم اقتصاد فنزويلا المعتمد على النفط، وحوَّلها الى ملاذ آمن للمستثمرين في اميركا اللاتينية التي تواجه معظم دولها أزمات مالية حادة. ودعم ارتفاع أسعار النفط العائدات على سندات فنزويلا السيادية، في حين بقيت سندات دول اخرى في اميركا اللاتينية من دون تحسن حتى الآن السنة الجارية. وبلغ عائد سندات الدين في فنزويلا 13.6 في المئة سنوياً، مع ارتفاع سعر الخام الاميركي في التداولات الآجلة اول من أمس الاثنين الى 29.84 دولار للبرميل للمرة الاولى منذ 11 شهراً، وهو مستوى جيد بالنسبة لدولة شهدت انقلاباً عسكرياً قصير الأمد في نيسان ابريل الماضي، والتي يوصف رئيسها هوغو شافيز بانه الخصم الرهيب لوول ستريت بسبب أسلوبه الخطابي المناهض للرأسمالية. وقال كبير الاقتصاديين في "ايه بي ان امرو"، كارلوس جانادا، "ان السبب الرئيسي وراء الارتفاع الذي تشهده السندات حقيقة ان أسعار النفط ستظل مرتفعة في الأمد القصير بسبب هذه الحرب المحتملة بين الولاياتالمتحدةوالعراق". وعلى رغم ان فنزويلا تتخبط وسط اضطرابات سياسية متصاعدة، الا ان ارتفاع العائدات العام الجاري يضعها في مكانة أعلى بكثير من جيرانها. فالبرازيل تواجه فزع المستثمرين من احتمالات فوز التيار اليساري في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الاول اكتوبر المقبل. كما ان تداعيات ما يحدث في البرازيل والارجنتين قد أثرت على غالبية دول القارة. لكن المحللين يشيرون الى ان ارتفاع عائدات السندات ناجم عن ارتفاع أسعار النفط اكثر منه بسبب نمو اقتصادي قوي. وتشهد فنزويلا ركوداً بعد خروج مكثف لرؤوس الاموال، بسبب الوضع السياسي، ما دفع الحكومة الى تعويم العملة الوطنية، البوليفار، في شباط فبراير الماضي. وفي الوقت الذي يشعر المستثمرون بالقلق ازاء اقتصاد فنزويلا المتداعي وقدرتها على التعامل مع ديون تبلغ قيمتها تسعة بلايين دولار في 2002، يقول خبراء ماليون ان آفاق الدين الحكومي ليست قاتمة كما هي الحال في دول اخرى في المنطقة. ويعتبر هؤلاء الخبراء ان التعامل مع ديون فنزويلا، التي تبلغ نسبتها نحو 20 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، هو أسهل بالمقارنة مع عدد كبير من دول المنطقة. فصافي الدين العام في البرازيل على سبيل المثال، يبلغ 250 بليون دولار، اي ما يعادل 59 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وأحرز وزير المال توبياس نوبريخا كذلك تقدماً في ما يتعلق بالاصلاحات المالية. فقد أقر البرلمان الاسبوع الماضي زيادة في الضرائب على تحويلات البنوك وضريبة القيمة المضافة، في اطار برنامج الحكومة الاقتصادي. وتأمل فنزويلا في تغطية عجز الموازنة بزيادة الضرائب والحد من الانفاق واصدار السندات والحصول على تمويل من الأسواق الدولية. لكن محلل سوق السندات في مؤسسة "بير ستيرنز" خوسيه سيريتيل يشير الى انه يبدو ان سعر النفط له التأثير الاكبر على السندات. كما ان شن هجوم اميركي على العراق من شأنه تعزيز مكانة فنزويلا في السوق الدولية، لانه سيخلق قدراً من عدم التيقن في الشرق الاوسط من شأنه دعم أسعار النفط. وأضاف "انها حقيقة مؤسفة لبقية العالم، لكن فنزويلا ستكون من القلة المستفيدة في شكل قاطع في هذه الحالة". وكانت صادرات النفط التي توفر للبلاد حاجتها من العملات الصعبة، قد خففت من وطأة الانكماش الاقتصادي. لكن ارتفاع أسعار النفط لن يأتي سهلاً لفنزويلا، حيث ان منظمة البلدان المصدرة للبترول اوبك قد خفضت سقف انتاجها الى أدنى مستوى منذ سنوات، في اطار جهود المنظمة لدعم اسعار النفط، ما خفض الارباح المتوقعة لشركة النفط الحكومية في فنزويلا الى النصف، لتبلغ نحو بليوني دولار في 2002. وعلى الصعيد الداخلي، يقول المحللون ان المشاكل السياسية اكثر اثارة للقلق من مشاكل الموازنة مع تزايد حدة التوتر بين أنصار الرئيس واعدائه. وقد انهارت محادثات المصالحة، واحتمالات قيام تمرد جديد تزيد من القلق في البلاد. وينفذ شافيز منذ انتخابه عام 1998 برنامجاً يعتمد على سياسات يسارية، مثل الاصلاح الزراعي والاقراض الرخيص. لذلك يرى عدد كبير من الفقراء فيه فرصتهم الرئيسية لحياة افضل، لكن معارضيه ينتقدون أسلوبه مدعين بانه يدمر اقتصاد البلاد.