ظهر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز متعافياً نوعاً ما في الصور الأخيرة التي نشرت له أثناء زيارته البرازيل، وذلك بعد علاجه مرتين من مرض السرطان، وبدا على استعداد تام لخوض الانتخابات التي ستجرى في 7 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. إلا أن بعض المصادر الاستخبارية تصر على أن تشافيز مريض جداً، وأن علاجه في كوبا أحيط بسرية شديدة بسبب حدة المرض. في المقابل فإن منافسه إنريكه كابريليس شاب عمره 40 عاماً، يتبنى أيديولوجيا معاكسة تماماً لأيديولوجيا تشافيز، الأمر الذي يجعل التنافس على الرئاسة في النهاية بين الفقراء المستفيدين من تشافيز والأغنياء المتضررين منه. واضح أن أثر الانتخابات الفنزويلية على أسواق النفط سيتمثل في ما إذا نجح تشافيز أم لا، لكن هناك احتمالاً لو تحقق فستكون له أصداء مدوية في أسواق النفط العالمية وقد يرفع أسعار النفط أكثر من 15 دولاراً للبرميل بين يوم وليلة. 1- الاحتمال الأول (عدم التغيير): نجاح تشافيز بالانتخابات بصرف النظر عن نزاهتها. في هذه الحال لن يتغير شيء في فنزويلا، وبالتالي لن تتغير المعطيات في أسواق النفط. وتميل غالبية المحللين في أسواق النفط إلى هذا الاحتمال، بناء على تحليلات خبراء السياسة الذين يرون أن تشافيز استطاع أن يبني قاعدة صلبة ستمكنه من الفوز بسهولة، في وقت ما زالت المعارضة ضعيفة ومتفرقة. بناء على هذه النتيجة سيستمر إنتاج فنزويلا من النفط في الانخفاض كما كان متوقعاً، الأمر الذي سيدعم أسعار النفط المرتفعة. وستعاني فنزويلا مشكلات كبيرة لا يمكن حلها تتمثل في انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم والحاجة إلى مزيد من الإعانات الحكومية في وقت ينخفض إنتاج النفط الفنزويلي وتتدهور القدرات المالية والتقنية لشركة النفط الفنزويلية. وهذا يعني أن سعر النفط الذي تتطلبه فنزويلا لتجنب مشكلات مالية خطيرة سيكون عالياً، وقد يصل إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، والذي يترجم إلى أكثر من 125 دولاراً لخام برنت. ونتيجة لذلك، سيؤدي انهيار أسعار النفط إلى هزة كبيرة في الاقتصاد الفنزويلي، وقد تنتج منها مشكلات سياسية كبيرة، تحد من قدرة تشافيز في التأثير في الدول الأخرى سواء في أميركا اللاتينية أو غيرها مثل سورية. والمشكلة الأساسية في هذا الوضع هو احتمال موت تشافيز وهو في منصب الرئاسة بسبب مرض السرطان، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية في البلاد بسبب عدم وجود شخصية تخلفه من جهة، وعدم قدرة هذه الشخصية مهما كانت أن تتمتع بالقدرات الفذة التي يتمتع بها تشافيز. في هذه الحال يتوقع مزيد من التدهور في إنتاج النفط، وبالتالي ارتفاع أسعاره. 2- الاحتمال الثاني (التغيير): يظهر بعض استطلاعات الرأي أن منافس تشافيز، كابريليس، يتفوق على تشافيز بنقاط. إذا فاز كابريليس بالرئاسة، يتوقع أن يرجع إلى سياسات ما قبل تشافيز في التسعينات، وهي سياسات انفتاحية ستمكن شركات النفط العالمية من الاستثمار في فنزويلا. وهذا يعني أن إنتاج فنزويلا من النفط سيزيد عبر الزمن، وسيساهم في منع أسعار النفط من الارتفاع فوق المستويات الحالية. إلا أن الخبراء يجمعون على أن إعادة الوضع إلى ما قبل تشافيز في قطاع النفط يتطلب سنوات، وربما الفترة الرئاسية كلها. هذا يعني أن اتجاهات الانخفاض في إنتاج النفط الفنزويلي لن تتغير خلال السنوات القليلة المقبلة. ونظراً إلى أن الرئيس الجديد سيتمكن من الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنوك العالمية، لن تنخفض العملة الفنزويلية كما لو فاز تشافيز، وبالتالي ستكون معدلات التضخم أقل بكثير، الأمر الذي يعني، على الأقل، عدم زيادة الإعانات، وبالتالي ستكون متطلبات الموازنة أقل، وسيكون سعر النفط الذي تحتاج إليه فنزويلا أقل مما لو فاز تشافيز. 3- الاحتمال الثالث (الثورة): ماذا لو فاز المرشح المنافس كابريليس ورفض تشافيز تسليم السلطة له بحجة وجود مؤامرة إمبريالية عالمية زورت الانتخابات، واعتقل رموز المعارضة، وتفجرت تظاهرات في كل المدن الفنزويلية، وحصلت صدامات دموية في الشوارع بين أنصار تشافيز وأعدائه؟ في هذه الحال ستنخفض صادرات النفط الفنزويلية وقد تتوقف تماماً. وسينتج عن ذلك ارتفاع شديد في أسعار النفط، خصوصاً في الولاياتالمتحدة. ويرى البعض نظراً إلى قوة تشافيز حالياً، أن هذا السيناريو «الثوري» قد يحصل في حال وفاة تشافيز بعد فوزه بالانتخابات. خلاصة الأمر تشير نتائج الانتخابات الفنزويلية إلى أنها لن تؤثر في اتجاهات أسواق النفط وتوقعاتها في المدى القصير سواء فاز تشافيز في الانتخابات أم لا إذ سيستمر الإنتاج الفنزويلي بالانخفاض. وستؤثر في أسواق النفط في المدى الطويل إذا فاز كابريليس لأنه سيسمح بالاستثمارات الأجنبية وسيعطي «شركة النفط الفنزويلية» نوعاً من الاستقلالية. وسترتفع أسعار النفط في شكل كبير إذا فاز كابريليس ورفض تشافيز تسليم السلطة وقرر استخدام القوة لقمع المعارضة. عندها سيجد تشافيز مستشارين كثيرين من روسيا إلى سورية، مروراً بالصين وإيران. في هذه الحال سيفرض المجتمع الدولي عقوبات على فنزويلا، وسيحظر استيراد النفط منها. * اقتصادي في شركة «إن جي بي» الأميركية.