استطاع المطرب والملحن والممثل التونسي محمد الجبالي خلال ثلاثة عشر عاماً أن يكوّن لنفسه مكانة فنية في تونس وخارجها من خلال مشاركاته في كبرى المهرجانات الغنائية انطلاقاً من مهرجان قرطاج مروراً بدار الأوبرا في القاهرة ومهرجان بابل في العراق والمحبة في سورية والأغنية العربية في بيروت. "الحياة" التقت محمد الجبالي الذي تحدث عن بدايته قائلاً: "انطلقت من برنامج للهواة اسمه "نجوم الغد" لاكتشاف المواهب والذي يقام على مسرح قرطاج. شاركت في كل الأدوار حتى النهائي، ومن هناك كانت البداية الخاصة بي، أخذت ألحاناً عدة من ملحنين تونسيين وشعراء بعدها التحقت ب"الفرقة القومية للموسيقى" بقيادة المايسترو عبدالرحمن العيادي لمدة ثلاث سنوات، وكنا نحيي مهرجانات في كل أنحاء تونس وخارجها، وفي الوقت نفسه انتجت أعمالاً وأغاني خاصة بي، وكان أول شريط بعنوان "غزالة بين الجبال" وهي أغنية للفنان الراحل علي الرباحي، وهو من كبار المطربين التونسيين، قدمت هذه الأغنية عام 1989 في مهرجان الأغنية التونسية الذي يقام كل سنة بالتعاون بين الاذاعة والتلفزيون التونسي ووزارة الثقافة. وحصلت من خلالها على الجائزة الأولى وأحبها الناس وسجلتها بصوتي بتوزيع جديد". وأضاف: "كانت لي أغان خاصة أضفتها الى الشريط الذي أعطيته عنوان الأغنية والذي أصدرته عام 1990، كما شاركت في مراحل متتالية في مهرجان الأغنية التونسية. ففي عام 1991 نلت الجائزة الأولى عن الأغاني التي صدرت عام 1990، وفزت عن أغنية خاصة بي بعنوان "خلّي السحاب يعدّي" من كلمات بشير بن فرح وألحان خالد الصويدي. وفي مهرجان عام 1997 نلت الجائزة الأولى عن أحسن عمل متكامل عن قصيدة للشاعر الراحل عبدالرحمن عمّار وألحان حكيم بلغيت اسمها "صوريني". ونلت في مهرجان عام 2001 أيضاً جائزة أحسن عمل متكامل: كلمة ولحن وأداء عن أغنية "الدنيا أمل" للشاعر حسن شلبي، وهي من ألحاني. وسنة 1999 فزت بالميكروفون الذهبي في لبنان، وبجائزة أحسن عمل متكامل عن أغنية "سراب"، وهي قصيدة للشاعر المنصف المزغني وألحان محمد علاب. وفي رصيدي ستة شرائط من انتاجي الخاص". المعروف في دول المغرب وخصوصاً تونس ان شهرة محمد الجبالي كممثل توازي شهرته كمطرب، هل توازن بين الغناء والتمثيل؟ - أنا فنان بطبعي. أنعم الله عليّ بموهبتي الصوت الجميل والحس الفنّي وأعشق الكاميرا والصورة والحركة، وأحب أداء الأدوار الحساسة التي تقربني من الناس وتعرفهم عليّ، لهذا عندما بدأت التمثيل أحببت أن أتوجه الى المشاهد بشخصيتي كمطرب عبر مسلسل "أمال" الذي كتبه ناصر الأزعر وأخرجه سالم بن عمر، وقدمت فيه شخصية مطرب شاب يشق طريقه في عالم الغناء والتمثيل وتشاركه فتاة الطموح نفسه فيقدمان سوياً فوازير وينجحان في ميدان الغناء. أما العمل الثاني فكان درامياً بعنوان "مهدي" بعيداً من الغناء يحكي عن عذاب شاب في البحث عن فرصة عمل بعد انهاء دراسته الجامعية، ويخوض مجالات صعبة في الحياة ويفاجأ بمشكلات الحياة الاجتماعية التي كان يعتقدها سهلة. هل نجحت كممثل كما نجحت في عالم الغناء؟ - نعم خصوصاً في المسلسل الثاني الذي لاقى نجاحاً كبيراً وأحبه الشارع التونسي. وصار الناس ينادونني باسم مهدي من شدة تأثرهم بالمسلسل ولكنني أبقى مطرباً وأحب ميدان التمثيل وأحاول الفصل بينهما عندما يكون دوري بعيداً من كوني مطرباً. بالعودة الى الغناء كيف استطعت المشاركة في أهم المهرجانات على رغم عدم وجود شركة انتاج تدعمك وتساعدك على الشهرة؟ - صحيح انني لم أكن في الماضي اتعامل مع شركة انتاج واسعة الانتشار عربياً، إلا أنني خلال ثلاثة عشر عاماً استطعت ان أكون لنفسي "امبراطورية" محمد الجبالي الفنية داخل تونس وخارجها من خلال مشاركتي في كبرى المهرجانات الغنائية انطلاقاً من مهرجان قرطاج الذي اعتبره الأساس في مسيرتي الى "دار الأوبرا" في القاهرة، ومهرجان "بابل"، ومهرجان سورية، ومهرجان الموسيقى في لبنان الذي كانت مشاركتي فيه أهم خطوة في حياتي إذ انني تعرفت على الفنان الكبير وديع الصافي، وكانت هذه الخطوات المتتالية بفضل شهرتي في الداخل التونسي التي أمنت لي الشهرة العربية. هل الجولات العربية زادت من طموحك في متابعة الوقوف على مدرجات المهرجانات العربية الكبيرة مثل جرش في الأردن وبعلبك في لبنان والبصرة في سورية؟ - كلما حققت طموحاً أسعى الى أكبر منه، أولى خطواتي كانت الوقوف على مسرح قرطاج وحصل ما تمنيت حيث وقفت لسنوات طويلة وما زلت. وأحلم بالتجوال في كل العالم العربي لاحتفي بعالمي الذي أقدم له أغاني بغض النظر عن تسمية أي مسرح. فكل مكان له مكانة خاصة عندي. هناك مطربون تونسيون لاقوا النجاح في العالم العربي وفي المقابل واجهتهم مضايقات منهم ذكرى، بسبب غنائهم بغير لهجتهم هل حصل معك أمر مشابه؟ - ليس من العيب ان يغني المطرب بغير لهجته، فكلنا نعرف ان أي فنان ناجح في العالم العربي يواجه انتقادات ومضايقات وشائعات وليس فقط "ذكرى" وهذا أمر طبيعي. فالفنان الناجح معرض دائماً للنقد. غنيت الى جانب الفنان وديع الصافي، لماذا اختارك من دون غيرك من المطربين التونسيين؟ - التقيت الفنان وديع الصافي في لبنان عام 1999 أثناء مشاركتي في مهرجان الأغنية العربية في قصر اليونسكو في بيروت وقد أعجب بصوتي، ولم أصدّق نفسي انني أقف أمام هرم فني كبير وأنه يمتدح صوتي ومقدرتي الغنائية. وعندما شارك في العام نفسه في قرطاج حقق لي حلم حياتي عندما طلب مني مشاركته حفلته على المسرح وغنينا سوياً أغنية "على الله تعود". ولا أعرف حقيقة لماذا أنا من دون غيري، ربما لأن صوتي قريب لصوته أم لأن لدي احساساً فنياً مرهفاً كما قال لي، المهم ان حلمي تحقق وغنيت الى جانبه وأتمنى ان يكتمل حلمي لأغني من ألحانه. ماذا حصل للتعاون بينك وبين صوفيا صادق وأمينة فاخت؟ - حتى الآن ما زال الأمر اقتراحاً، فقد اقترحت عليّ صوفيا وأيضاً أمينة فاخت لألحن لكل واحدة أغنية وأنا في انتظار الظروف لتثبيت الأمر. تلحن لغيرك لماذا لا تحتكر ألحانك لنفسك؟ - صحيح ان الكثير من الألحان هي لي ولكن هذا لا يعني أنني لا أتعامل مع ملحنين. فقد تعاملت مع كثيرين في معظم أعمالي، مثلاً في شريطي الأخير "أمان" لحنت لنفسي خمس أغنيات وأخذت ألحاناً من أمير عبدالمجيد في مصر في أغنية "على حساب الوداد" وأسامة منتيرة من مصر أيضاً في أغنية "ولا ترجعيلي" وحسين لضامي من الجزائر في أغنية "شو لداك الزين". ماذا تحضر من جديد؟ - ما زلت استمع الى ألحان بعض الملحنين وأجهز ألحاناً لنفسي وأقرأ القصائد لتكون جاهزة في العام المقبل، كما انني أحضّر عملاً تمثيلياً للاذاعة التونسية، وهو عبارة عن مسلسل في ستين حلقة اذاعية، مدة كل حلقة 15 دقيقة اتحدث فيها عن مطرب وأغنية.