رجحت الاوساط الحزبية والاعلامية في اسرائيل ان يؤدي تهديد رئيس الحكومة ارييل شارون بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية عشرة اشهر الى تقديمها فعلاً، بغض النظر عما اذا كان صادقاً في تهديده ام لا. وجاءت عناوين الصحف العبرية امس وتعليقاتها لتؤكد ان تصريح شارون ادخل اسرائيل في دوامة الانتخابات. وبثت اذاعة الجيش نقلاً عن قريبين الى شارون عزمه على تقديم استقالته في حال صوّت نواب حزب "العمل" في الكنيست ضد مشروع الموازنة للعام المقبل او حصل على غالبية برلمانية لانه يخشى من ان يسجل تصويت "العمل" وانسحاب وزرائه من الحكومة او اقالتهم على خلفية معارضتهم الضربات الاقتصادية التي يحملها المشروع ضد الشرائح المعوزة نقاطاً لمصلحة الحزب، على حساب تراجع شعبية "ليكود" الذي يتزعمه، وتتوقع استطلاعات الرأي ان يضاعف تمثيله البرلماني 19 نائباً في الكنيست الحالية على ارضية انجراف الشارع الاسرائيلي نحو اليمين المتطرف. ورأى معلقون بارزون في الشؤون الحزبية ان خطوة شارون قد تعود عليه وبالاً لافتين الى تعاظم شعبية خصمه على زعامة "ليكود" بنيامين نتانياهو ما يعني احتمال انتزاعها منه. وكتب بن كسبيت في صحيفة "معاريف" ان شارون نسي ما حصل لاسلافه شمعون بيريز وبنيامين نتانياهو وايهود باراك الذين لوحوا بسلاح تقديم موعد الانتخابات وخسروا مناصبهم. وكتب ناحوم بريناع في "يديعوت احرونوت" مشككاً في رغبة شارون تقديم موعد الانتخابات، مضيفاً ان ردود الفعل الحزبية على تهديده اطلقت شرارة البداية لمعركة انتخابية. لكنه اشار الى ان انتخابات مبكرة رهن بموعد الهجوم الاميركي على العراق "فالمفتاح اذاً ليس في يدي شارون انما في يد الرئيس بوش وقراره قد يغير كل شيء دفعة واحدة سلباً او ايجاباً، سواء على جبهة الارهاب او في العلاقة بين حكومة اسرائيل والفلسطينيين او في المزاج العام في المجتمع الاسرائيلي". وتطرق الكاتب الى امكان حصر المعركة بين شارون والمرشح الجديد لزعامة "العمل" رئيس بلدية حيفا عمرام متسناع، محذراً من ان التطورات الحاصلة والمتغيرة تباعاً لا تضمن ان يصل هذان الرجلان الى "خط النهاية"، في اشارة الى احتمال تزعم نتانياهو وبنيامين بن اليعيزر الحزبين الكبيرين "ليكود" و"العمل". وكان متسناع اعلن امس رسمياً ترشيح نفسه لزعامة "العمل" معللاً ذلك بانه ليس قادراً على ان يبقى متفرجاً وهو يرى الدولة على شفير الهاوية: "نقترب من الهاوية يومياً… عملية انتحارية تليها اخرى… مزيد من الثكل والدمار ومزيد من الفقر وارتفاع عدد الذين يفقدون الامل"، قال الميجور جنرال في مؤتمر صحافي عقده وتابع ان النزاع الاسرائيلي الفلسطيني هو اكثر المواضيع التي ينبغي حلها فوراً لانعكاساته على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وهاجم سياسة الحكومة التي تستثمر الاموال الباهظة في المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ودعا الى البدء في مفاوضات عاجلة مع الفلسطينيين من دون شروط مسبقة، ومن دون اشتراط هوية قيادتهم. وزاد ان الامر مطلوب ليعود الشعبان الى طريق الامل: "لا حاجة لشروط مسبقة اما اذا تعذّر الحل فعلينا تلعمل بشكل احادي الجانب لما فيه المصلحة العليا لدولة اسرائيل"، مضيفاً ان دعوته هذه لا تعني التنازل عن ضرورة "محاربة الارهاب تحت كل الظروف وبكل قوة وبالوسائل المتوفرة حتى نتمكن من دحره". ويعتبر متسناع من حمائم حزب العمل المحسوب اصلاً على يسار الوسط على رغم ماضيه العسكري الحافل بقيادة جيش الاحتلال لقمع الانتفاضة الفلسطينية الاولى التي اندلعت عام 1987. وفي سجله ايضاً مطالبته ابان العدوان على لبنان عام 1982 وزير الدفاع في حينه ارييل شارون بالاستقالة على خلفية "توريط اسرائيل في الوحل اللبناني". ومع خلعه ملابسه العسكرية مطلع التسعينات انضم الى حزب "العمل" وانتقل للإقامة في مدينة حيفا تمهيداً لتسلمه ادارة شؤون بلديتها عام 1993 .