قال مصدر أمني ل"الحياة" ان حال الاستنفار اعلنت في صفوف قوات الأمن والدرك في المغرب بهدف تطويق تحركات ناشطي الجماعات الاصولية المتهمين بارتكاب عمليات سطو وسلب وقتل، وذلك بالتزامن مع اعتقال عناصر "خلية القاعدة" في المغرب، وهم ثلاثة يحملون الجنسية السعودية وسبعة مغاربة، بينهم زوجتا اثنين من السعوديين. واشار المصدر الى ان حملات التمشيط مستمرة في انحاء مختلفة من البلاد خصوصاً في أوساط "الافغان المغاربة" أسفرت عن مئات الاعتقالات يتم التحقيق مع المتورطين منهم في اعمال عنف وخطف ونهب تعود الى التسعينات. ولفت الى اعتقال 14 أصولياً جديداً في ضواحي مدينة مكناس، وسط البلاد، عمدوا ليل أول من أمس الى مهاجمة حفلة زفاف في خطوة هي الأولى من نوعها تحدث في البلاد. ولاتزال تجهل دوافع الاصوليين في مهاجمة الحفل، مما ادى الى اصابة المدعويين بجروح متفاوتة الخطورة اثر تلقيهم طعنات بالسلاح الابيض. وربط بين الهجوم واحتمال اغلاق السلطات مسجداً كان يرتاده هؤلاء في ضواحي المدينة المعروفة اساساً بتفشي البطالة والفقر. وذكر شهود ان المهاجمين الاصوليين كانوا "يسيطرون" على المسجد الذي تكفل ببنائه محسن سعودي لم تأت المصادر على ذكره، قبل ان "يبلغ" شقيقه المقيم في المغرب السلطات ب"الاستنفار الاصولي المتشدد السائد في داخله" ما حدا الى اغلاقه. في غضون ذلك، قال مصدر طبي ان اوضاع الاصوليين الاثنين الذي أصيبا قبل يومين في الدار البيضاء "مستقرة" بعد انتزاع الرصاصات من جسميهما. وأضاف ان حالهما الصحية تشبه حال رجل الأمن الذي اصيب بطعنة في صدره خلال اشتباك بين الاصوليين وقوى الامن في حي شعبي في ضواحي الدار البيضاء استخدمت فيه الذخيرة الحية والسلاح الابيض. يذكر ان تسعة من جماعتي "التكفير والهجرة" و"الصراط المستقيم" رهن الاعتقال الانفرادي في سجن الدار البيضاء وُجهت اليهم رسمياً تهم "القتل وتعنيف الضحايا واستخدام السلاح الابيض". أما جماعة "السفلية الجهادية" فقد نأت بنفسها عن التهم الموجهة اليها باستخدام وسائل غير قانونية في نشر العقيدة الاسلامية. ونقلت صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" التي يديرها رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي عن زعيم الجماعة المتهم يوسف فكري الذي لقبته ب"أمير الدم"، قوله في التحقيقات انه كان يستخدم هوية مزورة باسم "عبدالعزيز السواطر" واقتنى ثلاث بنادق من احد "الافغان المغاربة" الذي درب مناصريه في تنظيم "السلفية الجهادية" على استخدام السلاح وصنع المتفجرات. لكن صحيفة "التجديد" الاسلامية وصفت "أمراء الدم" بأنهم "إما مهووسون او مدسوسون". وكتبت أمس: "دعونا مراراً الى التعقل وتجنب الاستنتاجات السريعة حول حقيقة الاحداث وحقيقة مرتكبيها ودوافعهم ومن يحركهم، ونادينا بتجنب الاستخدام السياسي لاحداث لم تظهر حقيقتها كاملة، واكدنا خط الاعتدال والعمل الدعوي السياسي السلمي المعادي لكافة اشكال العنف". واضافت الصحيفة: "دعونا المتطرفين العلمانيين ايضاً الى الفضيلة نفس، لكن المرضى يأبون الا ان يضربوا تحت الحزام لتشويه سمعة الاسلاميين". وخلصت الى القول: "علمتنا الاحداث الراهنة والماضية - والجزائر نموذج لها - ان امراء الدم كما يصفهم اليساريون نوعان اما مهووسون او مدسوسون". وكتبت وكالة "رويترز" أمس ان الاعتقالات التي تستهدف المتشددين الإسلاميين في المغرب في اطار جهود تفكيك كيان تنظيم "القاعدة"، قد تضر بفرص فوز جماعات اسلامية اكثر اعتدالا في الانتخابات البرلمانية في ايلول سبتمبر المقبل. وقال ديبلوماسي غربي: "هذه الاعتقالات التي تزامنت مع عملية تفكيك شبكة القاعدة في المغرب ستضر دون شك بصورة الجماعات المعتدلة مثل حزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات". وحزب العدالة والتنمية الذي اسسه عبد الاله بنكيران في اوائل الثمانينات هو الحزب الاسلامي الوحيد الممثل في البرلمان البالغ عدد مقاعده 325 مقعداً، اذ يشغل 14 مقعدا في مجلس النواب. وقال المحلل السياسي عبدالغني ابو العزم ان حزب العدالة والتنمية والجماعات الاسلامية الاخرى المعتدلة مثل جماعة العدل والاحسان يجب ان يدينا اعمال العنف التي يرتكبها اسلاميون متشددون "لصون صورتهم المتسامحة". واضاف ان الاعتقالات والتحقيقات الجارية في جرائم يخطط لارتكابها او ارتكبها اسلاميون متشددون خلقت بالفعل حال تشوش وذعر على مستوى وسائل الاعلام وبين افراد الشعب. وقال: "يبدو ان المغرب المعروف عنه التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود بات فجأة هدفاً للاسلاميين المتشددين وبينهم مجاهدون افغان سابقون". وبعض النشطين المعتقلين كانوا في افغانستان ولهم صلة بشبكة القاعدة التي يتزعمها اسامة بن لادن التي تحملها واشنطن مسؤولية هجمات 11 ايلول سبتمبر التي قتل فيها نحو ثلاثة الاف شخص. وهون بنكيران السياسي المعروف من تأثير الاعتقالات على اراء الناخبين في انتخابات 27 ايلول. وقال ان اعتقال اسلاميين متشددين ظاهرة محدودة سرعان ما ستنسى. وفي رد على تكهنات اعلامية بأن المغرب قد يدخل في دائرة من اعمال العنف مماثلة لتلك الدائرة في الجزائر اساساً بقيادة "الجماعة الاسلامية المسلحة"، قال بن كيران انه "ليس هناك مجال للمقارنة بين البلدين". وقال "ان المغرب ليس الجزائر ولن يكون"، مضيفاً ان الاصوليين المعتدلين جزء من الساحة السياسية في المغرب ودرع واق ضد المتشددين. وتابع ان الاسلاميين المتشددين ليس لهم نفوذ على الناخبين، مشيرا الى انه لا يتوقع ان يكون لهم اي سيطرة عليهم. وقال بنكيران ان حزب العدالة والتنمية والاتحاد الوطني للشغل التابع له سيستهدفان الفوز بما يتراوح بين 15 و20 في المئة من مقاعد البرلمان. ومن غير المعروف ما اذا كانت جماعة العدل والاحسان التي تتمتع بتأييد كبير في المناطق الحضرية ستطلب من مؤيديها التصويت. وقاطعت الجماعة قبلا الانتخابات بسبب ما قالت انه "افتقار للشفافية".