ترك غسان كنفاني، لي شخصياً ولغيري من القراء، قصصه ورواياته المتميزة خصوصاً بلغته الحادة، وإدراكه المبكر جداً، ان قداسة القضية الفلسطينية ونُبلها لا يكفيان لصنع أدب جيد، بل لا بد من مراعاة الشروط الفنية لكتابة الرواية والقصة القصيرة. أتذكر هنا روايته "رجال في الشمس" ومجموعته "أم سعد" و"أرض البرتقال الحزين"... لقد توسل في كتابة أدب المقاومة حتى بتقنية الرواية البوليسية، ومعنى هذا أن أدبه لم يكن محملاً على قطار القضية، ولكن على قدرته الفنية التي كانت بارزة في كل نص كتبه. ويكفي أن ننظر الآن في رواية "ما تبقى لكم"، وفيها بلغ امتلاكه أدواته الفنية ذروة غير مسبقة ورواية "رجال في الشمس" هي من الأعمال التي ساهمت في تكويني الادبي، ولهذا أعود إليها بين الحين والآخر لأستمتع بتقنيتها الفنية المذهلة التي سبقت محاولات تجديد كثيرة في الرواية العربية. وأود أن انتهز هذه المناسبة لأتوجه الى الناقد جابر عصفور الأمين العام للمجلس الاعلى المصري للثقافة مذكراً إياه بمشروع ندوة عن غسان كنفاني تقدم به اليه منذ فترة الشاعر المصري شعبان يوسف، أرجو أن يولي الناقد عصفور هذا المشروع ما يستحقه من اهتمام لأن هذه الندوة ستكون بمثابة تحية ليس فقط لهذا المبدع العظيم وانما ايضاً للشعب الفلسطيني في الظروف القاسية التي يمر بها حالياً.