ادى تطور الحياة الاجتماعية وتبدل العادات والتقاليد ودخول المرأة معترك الحياة الى جانب الرجل وظهور قيم ومفاهيم جديدة الى ظهور مشكلة تأخر سن الزواج عند الشباب وذلك إثر تدهور الوضع الاقتصادي لغالبية الاسر السورية وتراجع متوسط دخل الفرد الى نحو مئة دولار أميركي شهرياً. وتبين الاحصاءات الرسمية لعام 2000 ان مجموع حالات الزواج في سورية بلغ 843،139 حالاً اي بنسبة 8 بالألف من عدد السكان الذي يبلغ تعدادهم حالياً 18 مليون نسمة، وان عدد الزيجات في دمشق وصل الى 17155، علماً ان عدد سكانها يتجاوز اربعة ملايين نسمة. ويرى بعض المهتمين بالقضايا الاجتماعية ان دخول المرأة الى سوق العمل وتحررها من القيود الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تمارس عليها ساهم الى حد بعيد في تطوير قدراتها العقلية والذهنية ومنحها هذا التحول في حياتها حرية اكبر في اختيار ما يناسبها على رغم ادراكها العميق بأنها لا تزال تعيش في مجتمع يقدس العادات والتقاليد ويحث الابناء على التقيد بها وعدم التخلي عنها ورفض كل ما يتناقض معها. ويعتقد هؤلاء ان هذه العوامل وغيرها ساهمت في تزايد اعداد الفتيات اللواتي تجاوزن سن الزواج الطبيعي. ويبدو ان انتشار الفقر وارتفاع اسعار الشقق السكنية وغلاء المهور وانتشار البطالة وهجرة اعداد كبيرة من الشباب وغياب المؤسسات الاجتماعية التي ترعى شؤون الشباب وتساعدهم في بداية حياتهم أدى الى دخول اعداد اضافية ضمن لائحة الرافضين للزواج في ظل هذه الاوضاع. وترى عبير مسعود 29 عاماً وهي موظفة منذ اكثر من عشر سنوات ان سعي الفتاة للحصول على اعلى المراتب في التعليم لتكون نداً للرجل ساهم في ارتفاع اعمار الفتيات وتأخرهن في الزواج، إضافة الى تمسك بعض الاسر بالمثل القائل "يللي مثلنا تعالوا لعندنا". وخصوصاً الاسر الغنية حيث قرأت اخيراً ان الفتيات اللواتي ينتمين الى الاسر الغنية يعانين العنوسة بسبب اصرار الاهل على ان يكون العريس من اسرة غنية، وهذا ما يصعب وجوده في الحياة العملية لأن غالبية الاسر السورية هي من الطبقات المتوسطة او الفقيرة. وتعتقد فداء العبدالله 32 عاماً ان سبب تأخر سن الزواج عند الفتيات يعود الى ارتفاع مستوى المعيشة وتدني الرواتب والأجور ما يدفع الشباب الى الهجرة سعياً وراء مستوى حياة افضل والزواج من فتيات اجنبيات وتكوين اسر في المهجر تاركين بنات بلدهم لأن غالبية الاسر ترفض فكرة زواج بناتها وسفرهن الى الخارج. ويعزو بعض الشباب اسباب تأخرهم عن الزواج الى عوامل اقتصادية واجتماعية لا تزال راسخة في اذهان بعض الآباء والامهات. وقال علي سليمان 38 عاماً وهو موظف وحاصل على شهادة في الادب الفرنسي "ان المجتمع يتحمل مسؤولية كبيرة في بقاء اولاده من دون زواج من خلال طلب بعض الاسر مهوراً مرتفعة ووضعها شروطاً صعبة من المستحيل على شباب اليوم تحملها"، وأضاف: "عندما تقدمت الى احدى الفتيات لخطبتها راح اهلها يطلبون مهراً عالياً ومنزلاً مستقلاً وهم يعرفون وضعي الاقتصادي. فأنا موظف لا يتجاوز راتبي الخمسة آلاف ليرة سورية ولم استطيع تلبية طلباتهم لذلك فضلت البقاء عازباً حتى اجد الفتاة التي تقبل بوضعي". وقال سامر اسعد 35 عاماً الذي عاش قصة حب جميلة مع زميلته في الجامعة لم تتكلل بالنجاح لأن اهله رفضوها لأنها متحررة مودرن ولا تتلائم مع بيئتهم الاجتماعية "إن الزواج من دون حب مستحيل وهو قائم على الاحترام والتفاهم، ولكن مشكلتي مع الزواج ان اهلي رفضوا تزويجي ممن احببت وراحوا يبحثون لي عن فتاة تتلاءم مع محيطهم الاجتماعي ضاربين بعرض الحائض مشاعري وأحاسيسي، ولكنني رفضت الانسياق وراء رغباتهم على رغم كل الاغراءات المادية التي وعدوني بتقديمها من منزل وسيارة، وقررت البقاء عازباً لأنني بقيت اسير من احببت".