ملمحان أظهرتهما الحفلة الغنائية التي أحيتها المطربة اللبنانية "حنين" والفرقة الكوبية في "قلعة عمان"، ضمن تظاهرة "سوق عكاظ" التي ينظمها مركز "الشرق الأوسط الأردني للثقافة والتطوير وتستمر حتى الحادي والعشرين من الجاري. الملمح الأول هو في إمكان صوغ عرض موسيقي خليط من الأنغام العربية أغنيات عبدالوهاب وفريد الأطرش والسيد درويش والايقاعات اللاتينية بحسب أغنيات وموسيقى كوبية. والثاني كان في الفسحة المتوافرة لأهل الموسيقى والغناء العرب في ثلاثينات القرن الفائت واربعيناته، إذ كانوا طليقي الذائقة والخيال، عبر وضعهم ألحاناً هي في حقيقتها غير بعيدة من أصول لاتينية وغربية كما الحال في "التانغو" و"الفالس" وغيرهما. من هنا كانت العقبات أزيحت من أمام مشروع الغناء العربي - اللاتيني وتحديداً من أمام "حنين" فهي وفقت في اختيار أغنيات "عربية" تعود الى أصول لاتينية في لحنها. الفرقة الكوبية حملت بعازفيها ومغنيها "أعباء" نجاح الحفلة، فهي أشبعت عند الجمهور حاجته الى ما يرضي مزاجه "اللاتيني" ولا سيما ان اللون الموسيقي السائد راهناً في العالم، لون موسيقي لاتيني. وقدمت ألوان "السالسا" والتشاشا" و"الرومبا" وغيرها من الألوان التي اختلطت فيها أشكال "الجاز" و"الريغي" والراب". وأزاء هذا الفيض الايقاعي الراقص، بدا غناء "حنين" ظلاً خفيفاً لا يجاري عبر "نعومة" الصوت و"أنثوية" الاداء، التدفق الصادر للايقاعات التي وفرتها آلات: "كونغا"، و"درامز" و"باص غيتار". غنت "حنين" وسط حفاوة ايقاعية لحن سيد درويش "الحلوة دي" فبدا مشرقاً بحسب خلفية لاتينية، وقادراً على ان يواكب الموجات المتعاقبة من ضربات الطبول وتنويعات الأبواق الصادحة. والمزاج "الوهابي" الذي مثلته أغنية "كان أجمل يوم" ُحسب لمصلحة صوت المغني الكوبي الذي شارك باسبانيته، غناء "حنين" العربي، والحال تغيرت بعض الشيء حين تدفق لحن "على بالي يا ناسيني" ليصفو "الغناء العربي" ويلتقط أنفاسه من بين تدفق ايقاعي قارب الصخب بعض الأحيان. وبينما غابت "حنين" عن المسرح وانسحب الأثر "العربي"، تولت الفرقة الكوبية اداء اللحن اللاتيني الكلاسيكي "وانتاناميرا" وطلب المغني ان يهرع الحضور الى الرقص ويشاركوه خشبة المسرح، فلبّوا النداء ليملأوا مشهد "قلعة عمّان" الأثري رقصاً لاتينياً، يبعث على التساؤل: من أين تعلم شبان أردنيون وحسناوات أردنيات كل هذه الألوان من الرقص اللاتيني؟ وحاولت "حنين" العودة الى شيء من الصفاء حين غنّت من فيروز "لبيروت" ومن عبدالحليم حافظ "أهواك"، غير ان المحاولتين قوبلتا بفتور في التلقي.