تمسك حنين، المغنية الشابة التي ستطل على الجمهور للمرة الأولى في 17 و18 و19 الجاري في "مهرجانات بيبلوس الدولية" مفاتيح النجاح، ليس لأنها جميلة أو صاحبة قدٍّ ممشوق، بل لكونها تملك صوتاً يختزن سحر الشرق بما يحوي من تلاوين غنية بالمشاعر والصدق والحنين. هذه الفتاة اللبنانية التي لا تتجاوز ال25 من عمرها، جلبها الحظ الى عالم الأضواء. صحيح انها آتية من خلفيةٍٍ ثقافية محترمة، فهي درست الحقوق، وكانت دخلت الى الكونسرفاتوار الوطني في السابعة عشرة حيث تخصصت في الغناء الشرقي وعزف العود، لكنها لم تكن لتصدّق انها ستنطلق في عالم الغناء في هذا الزخم لو لم تتلقف الفرصة التي قدمها ميشال الفتريادس أثناء مقابلات أجراها لاختيار مغنية عربية لمشروعه الذي يرتكز على الدمج "غير الطبيعي" للموسيقتين العربية والكوبية. بعد عامين من البحث في هافانا عن موسيقيين كوبيين أكفياء، وبعد عشرات المقابلات المضنية في لبنان مع مرشحات للغناء صاحبات أشكال جميلة وبشعة ومتوسطة وأصوات تتراوح بين الجيدة والرديئة، وقع اختيار الفتريادس الفوري على حنين هذا اسمها الحقيقي بعدما سمعها للمرة الأولى في استديو "جورج وديع الصافي"، هكذا انطلق المشروع الغريب بعناصره كلها: في موسيقاه العجيبة، وموسيقييه الغريبي الأطوار ومغنيته اللبنانية بملامحها الإسبانية، ويتضمن المشروع غناء روائع الأغنيات العربية القديمة لسيد درويش وفريد الأطرش وأسمهان ومحمد عبدالوهاب وسواهم، بالمواكبة مع مختلف أنماط الموسيقى اللاتينية من ال تشاتشا، السالسا، المامبو، البوليرو، الغاجيرا وسواها. وإذا كانت حنين شعرت ببعض الغرابة بين الموسيقيين الكوبيين وآلاتهم الغريبة ولغتهم المختلفة، فإنها كانت مرتاحة في أدائها الأغنيات العربية لأنها اعتادت تردادها مذ كانت صغيرة، "بدأت الغناء مذ صرت ألفظ الحروف وطالما كرهت النشاز وأغضب لدى سماعي صوتاً لا يؤدي في شكلٍ صحيح. أذكر أنه في سن السادسة، سمعني مارسيل خليفة أثناء وجوده في حفلةٍ في القرية، فأبدى اعجابه بصوتي وطلب من والدي أن أغني في الكورس معه، لكن صغر سني منعني من ذلك". ورغم انصرافي الى الدراسة تابعت الغناء في حفلاتٍ على نطاق ضيق الى أن بدأ تعاوني مع ميشال الفتريادس، وتضيف "حين قُبِلت لم أصدق الأمر، وكان لقائي الأول مع الفرقة الكوبية ممتعاً، وقد راحوا يعاملونني باهتمام كبير وأعجبوا جداً بالأغنيات العربية، شخصياً لم يكن وارداً لدي تغيير أي شيءٍ في النوطات، من جهتهم كان الموسيقيون الكوبيون يعتبرون بعض خصائص الغناء العربي مثل ربع الصوت كنوطاتٍ خاطئة! كان التواصل اللغوي بيننا معدماً، لكن ما لبثنا أن تفاهمنا"، حنين مقتنعة تماماًَ بالمشروع الذي دخلت فيه حتى أنها غير مستعدة للعمل في مجال المحاماة "إذ وجدت المشروع الذي يتوافق مع أحلامي" - لكن، ما هو العنصر الذي سيلعب الدور الأكبر في نجاح هذا المشروع، هل يتمثل في الاغنيات المعروفة والمرددة شعبياً، أم في الموسيقى الكوبية أم في صوت حنين بخامته المميزة؟ تجيب المغنية الشابة "ان نجاح أي عمل يتطلب عناصر متساوية، اذ سقط أحدها يفشل العمل، ثمة تكامل بين الانتاج والتوزيع والموسيقى والصوت والأغنيات، ان هذا المزج بين الأنماط الموسيقية يتوجه الى أكبر عدد من الناس، وأعتقد ان اللبنانيين سيعجبهم هذا المزج لا سيما الشباب الذين لا يعرف معظمهم التراث الغنائي القديم"، وتقطع حنين الطريق على أي نقدٍ ممكن، وثمة فئة واحدة لن يعجبها العمل هي من تحب النقد للنقد وتعتبر أن كل تجديد للقديم هو سيئ، لكنني أطمئنها بأننا نعمل بأمانة ولا نريد الإساءة الى الأغنيات القديمة". تستمع حنين الى مختلف أنواع الموسيقى "كل شيءٍ قابل لدخول "الفيلتر" لدي، ولا أتهم أغنية قبل سماعها، لكنني أفضل الاستماع الى الكلاسيكيات العربية التي سأؤديها، والغربية وأحب أصوات بياف أزنافور وروسوس". أما عن رأيها بالنجومية السريعة فتجيب بثقة "صحيح ان المثل يقول "من يطلع بسرعة يسقط بسرعة" لكنني واثقة أنني أسير انطلاقاً من أسس ثابتة، صوتي يرتكز على دراسة موسيقية وأعمل مع موسيقيين محترفين وبجديةٍ تامة". لم تحدد حنين بعد اللون الذي ستعتمده في غنائها بعد "مهرجانات بيبلوس"، "أحب الموسيقى الحلوة وأن أقوم بأعمالٍ مختلفة، جديدة، خارجة عن المألوف وتبقى في المكتبة الموسيقية"، تعتزم حنين الغناء على المسرح وترفض أن تطل في أماكن "حيث الناس يأكلون ويشربون ولا يركزون على ما أقدمه". وقد سجّلت أخيراً أسطوانة تضم 10 أغنيات من الريبرتوار الغنائي العربي عنوانها Hanine Y son Cubano ستكون متوافرة في الأسواق بدءاً من الغد، وهي تحضّر لمشروع جولة أوروبية تبدأ في باريس ولا تعرف أين ستنتهي! ترى هل سيألف الجمهور المزيج بين اللون الشرقي والموسيقى الكوبية؟