انتهت الخلافات في حزب الأمة السوداني المعارض بزعامة رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي الى انقسام الحزب، بإعلان تيار يقوده ابن عمه المسؤول السياسي في الحزب مبارك الفاضل المهدي انه حزب الأمة الحقيقي. ووجه الصادق اتهامات مبطنة الى الحكومة بأنها وراء الخطوة واعتبر المنشقين "فئة خارجة" وهدد بإجراءات حاسمة وصارمة. وعقد اكثر من ألف عضو في الحزب اجتماعاً أمس بقيادة مبارك المهدي تحت شعار "المؤتمر الاستثنائي الأول"، في مقر حكومي في ضاحية سوبا في جنوب شرقي الخرطوم. وتحدث في اللقاء ممثلون للحزب في الولايات الشمالية والجنوبية اجمعوا على تأييد المشاركة في السلطة حتى يستطيعوا تقديم خدمات الى مناطقهم. وطالبوا ب"التجديد والاصلاح" في الحزب وتجديد الدماء، وانتقدوا "تكلس الحزب وضبابية موقفه". واكدوا انهم الأصل وليس لأحد سلطة فصلهم من الحزب، ورفضوا تسميتهم انقساميين أو منشقين. وردد المشاركون شعارات أبرزها "لكل زمان رجال، ولكل أوان حال"، و"معاً من أجل غد أفضل لحزبنا وشعبنا". واستقبل مبارك الفاضل لدى دخوله قاعة المؤتمر بهتافات تشيد بدعوته الى الاصلاح والتجديد. ولوحظ ان أياً من رموز الحزب وقادته المعروفين لم يشارك في المؤتمر سوى مسؤول الاعلام الزهاوي ابراهيم الذي اسندت اليه رئاسة اللجنة المنظمة للمؤتمر. ولوحظ ايضاً ان المتحدثين خلال الجلسة الافتتاحية تجنبوا انتقاد الصادق المهدي الذي تولى قيادة حزب الأمة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي. وسيناقش المؤتمر على مدى ثلاثة ايام الاصلاح والتجديد في حزب الأمة، عبر ورقة يطرحها مبارك الفاضل، والأطر التنظيمية والهيكلية والمواقف السياسية، وانتخاب قيادة جديدة للحزب، ويختتم اعماله غداً. ورد الصادق المهدي بالتقليل من أهمية عقد المؤتمر ووزن المشاركين فيه. ووصف المجموعة التي اشرفت على تنظيمه بأنها "فئة خارجة تدفع بها جهات من خارج الحزب وبقدرات أكبر من قدرات الحزب لتحقيق أغراض ضد ارادة الحزب وشرعيته". واعتبر استخدام اسم الحزب وشعاره في مثل هذه الاعمال "تزييفاً لإرادة الحزب"، وشبهه ب"العملة المزيفة". وقال ان أي عضو شارك في المؤتمر "يجب ان يعتبر نفسه خارج حزب الامة"، مؤكداً ان حزبه "اكثر قوة وتماسكاً ولن تهزه مثل هذه الاعمال"، مشيراً الى انه "سيتخذ اجراءات صارمة وحازمة" في مواجهة هذه المجموعة. وحمل بشدة على ابن عمه مبارك المهدي وقال ان "الرجل الذي يقود هذا العمل رجل مكروه وسط الناس وحركته هذه ستسقط من تلقاء نفسها". وزاد ان "الامر كله تزوير ودفع فلوس لمن سلموا البضاعة والامر على هذا النحو لا يشبه السودانيين ولا حزب الامة، وهذه تحركات لاهثة الى السلطة ومعزولة لا مستقبل لها". واشار الى ان الحكومة "ليست كلها مؤيدة لهذا العمل". وتصاعد الخلاف داخل حزب الامة عندما فوض الحزب المسؤول السياسي مبارك الفاضل لقيادة حوار مع الحكومة افضى الى مشروع اتفاق بين الطرفين وكان مقرراً ان يرفع الى قيادتي الجانبين لاقراره. لكن حزب الامة غيّر طاقمه المفاوض واعتبر مشروع الاتفاق لاغياً. ويتنازع تياران في الحزب على موضوع المشاركة في السلطة ويقود مبارك التيار الذي يطالب بالمشاركة، في حين يرفض التيار الآخر المشاركة الا في اطار تحول ديموقراطي وحكومة انتقالية تنتهي باجراء انتخابات عامة. وكان الرئيس عمر البشير وجه انتقادات حادة الى الصادق المهدي ووصف حزبه بأنه غير ديموقراطي واتهمه بانه يسعى الى ارضاء ثلاثة تيارات في حزبه يدعو الاول الى اسقاط الحكومة عسكرياً، والآخر الى تفكيكها سلماً، والاخير الى المشاركة، ووصفه بانه "عقلاني" واعطى اشارات الى انه يمكن ان يقبل بمشاركة تيار مبارك الفاضل من دون موافقة الصادق المهدي كما حدث مع الامين العام للحزب الاتحادي الديموقراطي الشريف زين العابدين الميرغني وأسس حزباً مستقلاً باسم "الاتحادي الديموقراطي" يشارك في السلطة حالياً. وتوقع مراقبون ان يقر مؤتمر مجموعة مبارك الفاضل الاتفاق مع الحكومة وبالتالي المشاركة في الحكم. واعتبروا ان الانشقاق يمثل تكراراً لما حدث في الحزب قبل 32 عاماً عندما انشق الصادق المهدي عن عمه الهادي المهدي، واسس حزباً مستقلاً نافسه في الانتخابات التي جرت في العام 1965.