تصاعدت حدة التوترات داخل حزب الأمة القومي السوداني بقيادة الصادق المهدي إلى حد المطالبة بالإطاحة به، وهو ما وصفه مراقبون ب»الانتفاضة الغريبة» باعتبار أن الانتفاضات تطيح بالحاكم وليس بالمعارضين. وعقد شباب حزب الأمة القومي اجتماعا حاسما ظهر أمس بالسوق العربي (منصة الانتفاضات التي أطاحت بحكام السودان السابقين)، ورفعوا مذكرة تطالب رئيس الحزب بإجراء حزمة من الإصلاحات، إلا أنه تجاهل المذكرة ولم يرد عليها بحسب المصادر التي كشفت عن أزمة حزب الأمة وشبابه. من جهته وصف القيادي بالأمانة العامة لحزب الأمة صلاح داود مطالب بعض شباب الأمة بالإطاحة بالمهدي ب»التهريج»، وقال، في حديثه ل»الشرق»، إن الإمام الصادق المهدي لم يأت لرئاسة الحزب عبر المذكرات، بل جاء منتخبا عبر محبة الأنصار له. واعتبر حزب الأمة القومي كيانا ديمقراطيا وله مؤسسات يمكن أن يعبر أعضاء الحزب من خلالها عن آرائهم. واتهم جهات لم يسمها بالوقوف وراء هذه المجموعة التي اعتبرها خارجة عن إطار المؤسسية بالحزب. وأكد داود أن قيادات الحزب لم تأت إلى سدة رئاسته بالبندقية حتى يحدث انقلاب أبيض أو دموي عليهم. وتابع قائلا «لدينا برنامج واضح تمت إجازته عبر مؤسسات الحزب، ونسير وفقه»، ممتدحا جهود المهدي في إرساء وترسيخ النهج الديمقراطي في الجهاد وإعلاء قيم الجهاد المدني حفاظا على مقدرات البلاد. في سياق متصل قال مساعد الأمين العام لحزب الأمة للشباب عمر برشم ل»الشرق» إنه عَلِم برفع مذكرة لرئيس الحزب الإمام المهدي، واصفاً إياها بأنها غير القانونية ولا معنى لها لأن رئيس الحزب تم انتخابه من خلال المؤتمر العام. وأشار برشم إلى ما أسماه مخطط غرضه استهداف حزب الأمة وقياداته، وأكد أن أي إجراء غير مؤسسي سيصبح باطلا. وشهد حزب الأمة عدة انقسامات في صفوفه بعد توقيعه لاتفاق نداء الوطن في جيبوتي، والذي عادت بمقتضاه قيادات الحزب إلى ممارسة أنشطتهم السياسية من داخل البلاد. ودخل الحزب في مفاوضات طويلة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير، إلا أن المهدي رفض الانخراط في حكومة غير منتخبة ديمقراطيا، ولكن القيادي بالحزب السيد مبارك الفاضل المهدي قَبِل التفاوض وتقاسم السلطة مع حزب البشير والانخراط في التشكيل الحكومي الجديد. وأحدثت هذه الخطوة شرخا في صفوف حزب الأمة، وقاد ابن عم المهدي ورئيس المكتب السياسي مبارك الفاضل المهدي عملية الانشقاق بعد عقده مؤتمرا عاما في منطقة سوبا في أطراف العاصمة الخرطوم ليدشن حزبا جديدا من عباءة الأمة القومي، وأطلقت المجموعة المنشقة على حزبها الجديد حزب الأمة «الإصلاح والتجديد»، مرجعةً انشقاقها لغياب العملية الإصلاحية داخل صفوف حزب الأمة.