الخرطوم - القاهرة - "الحياة" - تواصلت أمس ردود الفعل في السودان على اختيار طائفة الأنصار زعيم حزب الأمة الصادق المهدي إماماً لها، فاعتبهر عمه احمد المهدي "عضواً في مجلس الإمام" وليس له صفة في قيادة الأنصار. وانتقد تأييد الحكومة اختيار الصادق إماماً. وعلى صعيد آخر، قرر البرلمان السوداني تمديد حال الطوارئ لفترة سنة اخرى في البلاد، فيما اكدت الجامعة العربية انها تتعامل في موضوع تنمية جنوب السودان مع حكومة الخرطوم. دافعت الحكومة السودانية عن موقفها المشاركة في "مؤتمر السقاي" لطائفة الأنصار الدينية التي يستند اليها حزب الأمة المعارض واعترافها بشرعية انتخاب زعيم الحزب الصادق المهدي اماماً لها بعد احتجاج المناوئين له من عائلة المهدي على الموقف الحكومي واستياء المنشقين عنه الذين تحالفوا مع الحكومة. وقال الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور ابراهيم أحمد عمر ان الحكومة اجابت دعوة طائفة الأنصار لحضور مؤتمرها باعتبارها كياناً دينياً، وأنها لا تعترض على انتخاب الصادق المهدي اماماً. واضاف: "ما دامت هناك مجموعات ارتضت العمل وفق الأسس الحزبية والتسجيل وفق القوانين، لا نستطيع ان نمنعها وسنتعاون معها بالسماحة المطلوبة". واشار الى ان حزبه محايد تجاه التنظيمات السياسية وان اعتراف الحكومة بشرعية الصادق المهدي وهياكل "مؤتمر السقاي" لا يعني انها تعمل ضد أي مجموعة اخرى ولا تعترض اذا دعت أي مجموعة من الأنصار الى اختيار إمام لها، في اشارة الى مجموعة من حزب الأمة انشقت عنه بقيادة مساعد الرئيس السوداني مبارك الفاضل المهدي التي اشارت معلومات الى انها مستاءة من موقف حلفائها في الحزب الحاكم الذين اعترفوا بشرعية الصادق المهدي. لكن وزير الداخلية السابق أحمد المهدي الذي يرى ان منصب إمامة الأنصار من حقه استناداً الى وصية أخيه الصديق المهدي، انتقد في بيان صحافي موقف الحكومة، وقال انه سيسأل قيادات عليا في الدولة عن موقفها الذي عبر عنه وزير الإرشاد الدكتور عصام البشير الذي خاطب "مؤتمر السقاي" واعلن اعتراف الحكومة بشرعية الصادق المهدي. ووصف المؤتمر بأنه "لا يستند الى شرعية، وتجاوز كل النظم والقواعد المتفق عليها في مؤسسة هيئة شؤون الأنصار". واعتبر أحمد المهدي المؤتمر "تجمع سياسي لخدمة أغراض سياسية". ورأى ان تبني بعض قادة حزب الأمة المؤتمر يؤكد وجود مؤامرة على كيان الأنصار، وقال ان الصادق المهدي ليست له صفة في قيادة الأنصار اكثر من عضويته في مجلس الإمام. وظل إمام الأنصار، وهو منصب روحي مهم لأكبر طائفة دينية في البلاد، شاغراً منذ عام 1970 بعد اغتيال آخر امام لها هو الهادي المهدي. ويتنافس الصادق وعمه أحمد وابن عمه ولي الدين الهادي على الموقع الذي يعني عملياً قيادة حزب الأمة. من جهة اخرى، وافق البرلمان السوداني امس على طلب من الرئيس عمر البشير بتمديد حال الطوارئ المفروضة على البلاد منذ ثلاث سنوات عاماً آخر. وفرض الرئيس البشير حال الطوارئ منذ كانون الأول ديسمبر عام 1999 في ذروة خلافه مع حليفه السابق الدكتور حسن الترابي وحل البرلمان الذي كان يرأسه، وعطل اختيار الولاة عبر الدستور وصار يعينهم مباشرة. وعزا رئيس لجنة الأمن والدفاع الفريق حسين عبدالله جبريل في تقرير أقره البرلمان الذي يسيطر عليه حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أسباب تمديد الطوارئ الى تداعيات الحرب في الجنوب واستهداف اريتريا مناطق في شرق البلاد، والانفلات الأمني والنهب المسلح في ولايات دارفور في غرب البلاد، الأمر الذي يتطلب حزماً وحسماً. وقال رئيس لجنة التربية والتعليم الدكتور الحبر يوسف نورالدائم ممثل جماعة الاخوان المسلمين: "ان حق المعارضة مكفول، لكن اذا استخدمت الطوارئ لكبت الحريات وتكسير الأقلام سنقف ضدها". واقترح وزير التجارة الخارجية عبدالحميد موسى كاشا تمديد الطوارئ لمدة خمس سنوات لمواجهة الأخطار المحدقة بالبلاد. وذكر وزير العدل علي محمد عثمان أن الظروف الحالية تستدعي اجراءات احترازية، موضحاً أن وزارته أعدت بحثاً في الفترة الماضية أثبت أن الطوارئ لم تمس حقوق الإنسان، واعترف بأن تطبيقات الدستور أفرزت فجوات ينبغي معالجتها. لكن القيادي في حزب العدالة وزير الدولة للعدل السابق أمين بناني انتقد تمديد حال الطوارئ التي فرضت لمواجهة الجناح المنشق عن الحزب الحاكم بزعامة الترابي، وطالب باطلاقه، واتهم السلطات باستخدام الطوارئ لتحجيم نشاط المعارضة السياسي، وطالب بتعديلات دستورية تتيح اختيار حكام الولايات من دون اللجوء إلى الطوارئ. وقال القيادي الجنوبي عضو البرلمان بيتر سولي إن الطوارئ تسلب الحريات وتهدد النشاط السياسي. على صعيد آخر، أكد الناطق باسم الأمين العام للجامعة العربية هشام يوسف أن الجامعة تتعامل في المسائل المتعلقة بموضوع تنمية جنوب السودان وإعماره مع الحكومة في الخرطوم. وأضاف ان الجامعة ترحب بأية أفكار أو اقتراحات من جميع الأطراف السودانية. وعن مطالبة زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الدكتور جون قرنق بأن تتم عملية تنمية الجنوب التي ترعاها الجامعة تحت اشرافه، قال يوسف في تصريحات للصحافيين أمس إن المشاريع المطروحة من الجانب السوداني في إطار المائدة المستديرة التي تضم الدول والصناديق العربية في شأن تنمية جنوب السودان، لن تدخل حيز التنفيذ إلا مع التوصل لاتفاق سلام بين الحكومة والجنوبيين ووقف كامل للنار.