قد يصاب كثيرون بذهول حين سيسمعون بالعبرية "هنا صوت داود من طهران". والمفارقة الصارخة أن الذي سيخاطب اليهود بلغتهم هو أشد أعداء الصهيونية، وهذا الواقع سيختصره أخيراً تدشين بث "صوت داود"، الإذاعة الإيرانية الناطقة بالعبرية والموجهة إلى اليهود في العالم وفي فلسطين خصوصاً. الهدف هو "اظهار الحقائق كما هي ووضعها أمام المستمع اليهودي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة"، كما قال ل"الحياة" محمد سرافراز نائب رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية للبث الخارجي. وترتكز فكرة الاذاعة على قاعدة التفريق بين اليهودية والصهيونية، ويضيف سرافراز: "ان الصهاينة الحاكمين في فلسطينالمحتلة لا يمثلون جميع اليهود، وهناك يهود في العالم منهم التيار المعروف ب"ناثوريكارتا"، يرون أن إسرائيل دولة غير شرعية". ويراهن المسؤولون الإيرانيون على التفريق بين فسيفساء الجسم اليهودي في فلسطين، ويشير سرافراز إلى وجود "قوى سياسية واجتماعية بين اليهود، تعارض الصهيونية الحاكمة في فلسطين وتتهمها بممارسة التمييز العنصري بين اليهود الفلاشا والشرقيين والغربيين". هذه الرؤية ستدفع الاذاعة الإيرانية الناطقة بالعبرية إلى دخول معترك الحوار المباشر مع اليهود غير الصهاينة داخل فلسطين. وعلمت "الحياة" أن "صوت داود" ستجري مقابلات مع شخصيات يهودية معارضة للصهيونية، وستتلقى اتصالات هاتفية من اليهود في فلسطين والعالم، كي يطرحوا آراءهم ويعرضوا مشاكلهم، عبر الأثير المنطلق من طهران كل يوم في الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينتش. واستطاع الجانب الإيراني بعد طول عناء، التغلب على معضلة "اتقان اللغة العبرية"، نظراً إلى ندرة المتكلمين بها. وتمثل الحل في الاستفادة من كوادر متخصصة من اليهود الإيرانيين، وأخرى من العالم العربي. وهذا يعني أن إذاعة "صوت داود" ستمثل محوراً "يهودياً - إسلامياً - عربياً" لمواجهة الصهيونية بلسان "عبري خالص". أما المرجعية السياسية لهذه الإذاعة، فخاضعة لسيطرة المحافظين، إذ أنها واحدة من نحو ثلاثين محطة اذاعية إيرانية وثماني فضائيات ناطقة بلغات أجنبية، كالعربية والفرنسية والانكليزية والسواحلية وغيرها. وكل هذه المحطات تابع لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون الإيرانية التي يرأسها علي لاريجاني بقرار مباشر من المرشد آية الله علي خامنئي. وستتولى "صوت داود" تسويق "شالوم الإيرانية" بين اليهود، وفق نظرة إلى السلام من نافذة طهران ورؤيتها الخاصة الداعية إلى السماح لسكان فلسطين الأصليين، مسلمين ومسيحيين ويهوداً غير مهاجرين، بتقرير مصيرهم عبر استفتاء عام.