سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المحتجون على المشروع بدعم حزبي يضربون مستشار رئيس الحكومة . جسر الأوزاعي ينقل خلاف الحريري - "حزب الله" الى الشارع وبري يشدد على المعالجة الهادئة والجذرية
انفجر التوتر السياسي الذي تراكم خلال الفترة الأخيرة بين رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري و"حزب الله" وتمثل بالتراشق الكلامي بين نواب من الطرفين ميدانياً في محلة الأوزاعي المدخل الجنوبي لبيروت وكانت الحصيلة الاعتداء بالضرب على مستشار الحريري للشؤون الإنمائية فادي فواز وعلى سيارة عضو كتلة قرار بيروت النيابية التي يترأسها الحريري النائب وليد عيدو قبل البدء باحتفال كان مقرراً لمباشرة العمل في جسر الأوزاعي الذي يحتج عليه الأهالي ويدعمهم "حزب الله". بلغ التوتر ذروته، مساء اول من امس، باستنفار اعلامي تبعته دعوات الى التجمهر امام المكان الذي كان من المقرر ان يجري فيه امس، الاحتفال بوضع الحجر الأساس لانطلاقة تنفيذ مشروع جسر الأوزاعي ومشروع الصرف الصحي لساحل بيروت الجنوبي، فيما راحت وسائل إعلام الحريري تتحدث عن محاولة لمنع التنفيذ "من قوى الأمر الواقع المصرة على المطالبة بتعويضات بملايين الدولارات". مع ساعات الصباح الأولى، بدأ الأهالي المحتجون وأنصار "حزب الله" بالتجمع في المنطقة المذكورة، وتولى عناصر من الحزب التنظيم، وانضم الى المعتصمين اعضاء كتلة نواب "حزب الله" ووزيران من حركة "امل" هما محمد بيضون وعلي عبدالله الى جانب عدد من النواب المتحالفين وبينهم النائب مروان فارس الحزب السوري القومي الاجتماعي. وحمل المعتصمون من رجال ونسوة وأطفال لافتات تضمنت تهديدات مباشرة للحريري في حال مر في محلة الأوزاعي وأخرى ترفض تطبيق مرسوم "أليسار". ولدى مرور مستشار الحريري فواز في المكان للمشاركة في الاحتفال المقرر هجم المعتصمون عليه ولم يتمكن عنصران من قوى الأمن من ردهم عنه فأوسعوه ضرباً على رأسه ووجهه ولاحقوه وهو في حماية الدركيين اللذين نقلاه الى مخفر الأوزاعي القريب جداً من المكان. وتردد ان النائب علي عمار هو الذي لفت نظر المعتصمين الى مرور فواز. ولدى مرور سيارة النائب عيدو في الوقت نفسه قام المعتصمون برشقها بالحجارة والبيض وحطموا زجاجها الأمامي. وذكرت اذاعة "النور" التابعة ل"حزب الله" ان عيدو "قام بخطوة استفزازية وتوقف بسيارته بين الأهالي المعتصمين فما كان من هؤلاء إلا ان رشقوا سيارته بالبيض وحبات الليمون وأن نواب كتلة الوفاء للمقاومة تدخلوا وقاموا بتفريق المواطنين من حول سيارة عيدو الذي غادر المنطقة على عجل"، في حين ذكرت وسائل اعلام الحريري "ان المتظاهرين اعتدوا على معدات المشروعين وآليات لقوى الأمن وهاجموا سيارة تحمل ملصقاً للحريري كانت في المحلة". وراحت هذه الوسائل تبث الملاحق الإخبارية عن الحادث وردد تلفزيون "المستقبل" ان "الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله هدد الليلة الماضية اول من امس بالنزول شخصياً الى المكان لمنع انطلاق المشروعين وأن مسؤولين في الحزب اتصلوا صباحاً بالقوى الأمنية مهددين بالمواجهات إذا ما واصل مجلس الإنماء والإعمار تنفيذ المشروعين". ووزعت معلومات ان "ثمة من نقل عن الحريري انه لن يعود عن قرار تنفيذ المشروعين وأنه لا يريد الدخول في مشكلة مع احد، وإذا قرر الآخرون منع الاحتفال فليفعلوا ذلك وعندها يعرف الرأي العام من المسؤول عن عرقلة الإنماء". وقام نائب "امل" علي حسن خليل بنقل فواز بسيارته من حرم المخفر الذي طوقه انصار "حزب الله" ورشقوه بالحجارة الى خارج المنطقة، وتم نقل فواز لاحقاً الى مستشفى الجامعة الأميركية حيث اوضح طبيبه يوسف قمير "ان فواز اصيب بكدمات عدة على رأسه أدت الى غيبوبة لبضع دقائق، ما يشير الى ارتجاج في الدماغ". وكان فواز وقبل ادخاله المستشفى ادلى بتصريح عن الاعتداء عليه قال فيه: "كلما أردنا تنفيذ مشروع انمائي في منطقة يسيطر عليها "حزب الله" يحصل تعارك وتُشتم الحكومة وكل الأشخاص"، مؤكداً ان "هذا المشروع أقر في قانون منذ ايام حكومة سليم الحص وليس من ايام حكومة رفيق الحريري، وهم نواب "حزب الله" كانوا في المجلس النيابي حينما اقر القانون الذي سمح ببناء جسر الأوزاعي". وقال: "نحن مع الحزب في كل عمل يقوم به لكننا لسنا معه في توقيف المشاريع الإنمائية التي تقر بقوانين". واعتبر ان "الموضوع سياسي وليس إنمائياً ولا إعمارياً". وسأل: "لماذا يمكن بناء جسور في الأشرفية وبرج حمود والحازمية ولا يمكن بناء اي شيء في منطقة "حزب الله". وأضاف: "اسألوا نواب الحزب وعلي عمار الذي راح يشتم ويحرّض الناس ليهجموا علينا. وعمار هو الذي بدأ هذا الأمر". وكان نواب "حزب الله" في هذه الأثناء يدلون بخطب امام المعتصمين فيها تحريض على الحريري. وقال محمد رعد: "ان المشروع مخالف للمخطط التوجيهي وفيه استفراد من رئيس الحكومة من شأنه ان يؤدي الى خلق أزمة اجتماعية تضاف الى الأزمات التي اوجدها من طريق معالجته للأوضاع في لبنان". اما علي عمار فوصف الحريري بأنه "رئيس حكومة الأمر الواقع وكارتلات رأس المال والحلول المتنقلة وأنه رئيس حكومة النهب والهدر والسرقة وإفقار البلد وتجويع الناس والتجاهل لكل ما هو معاد لهذا الشعب". اما النائب فارس فاعتبر "ان المصالح الكبرى التي يراد تحقيقها في المنطقة يجب ألا تكون على حساب مصالح الناس". وفي وقت لاحق، اصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء مروان زين اوامره "بتوقيف الذين اعتدوا بالضرب على عناصر قوى الأمن الداخلي وعلى مخفر الأوزاعي والمتسببين بالأضرار التي لحقت بأملاك الغير والآليات العسكرية والاعتداء بالضرب على فواز والنائب عيدو". وتبين لاحقاً ان فواز لم يتخذ صفة الادعاء الشخصي امام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، فيما ادعى امام فصيلة الأوزاعي على كل من يظهره التحقيق بالاعتداء عليه. وتبلغ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالتكليف القاضي مارون زخور من آمر فصيلة الأوزاعي انه لم يحصل اي اعتداء على قوى الأمن الداخلي ولا يوجود موقوفون. ووزعت مصادر اعلامية رسمية "ان المعتصمين غادروا المكان بعد اتصال من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعادت الحركة الى طبيعتها". وذكرت ان النائب ايوب حميد نقل رسالة من بري الى المعتصمين وشكرهم على وقفتهم. وكان بري انشغل في ساحة النجمة بحادث الأوزاعي والتقى النائب عيدو واستنكر التعرض لسيارته وأكد "ان الاندفاع نحو الحق يجب ألا يتجاوز حدود الآخرين وحقوقهم، خصوصاً ان الزميل عيدو عضو في المجلس النيابي ويمثل الشعب اللبناني بكامله بمن فيهم المتظاهرون في الأوزاعي". وقال بري: "ان ما جرى انتهى وكنا نتمنى ألا يحصل". والتقى بري لاحقاً الحريري الذي اكتفى بالقول لدى مغادرته المجلس تعليقاً على ما حصل "الصوت والصورة يعلقان". ونقل نواب التقوا بري قوله لاحقاً "ان المسألة تنحو منحى التهدئة وسط اتجاه الى حوار جدي يؤسس لمعالجة جذرية"، مذكراً بالمراحل التي "شهدها موضوع الأوزاعي وطريق المطار في السنوات الأخيرة". وأشار الى ان "في العام 1992 اعتمد مخطط توجيهي للمنطقة يتضمن اقامة وحدات سكنية ومجمعات تجارية للسكان والعاملين هناك لتكتسب المنطقة الجمالية المطلوبة، إلا ان ذاك المخطط لم ينفذ". وأيد بري "تأهيل منطقة الأوزاعي وتأمين بناها التحتية بدلاً من اقامة جسر طائر فوقها بما لا يؤذي البيئة ويوفر مبلغاً كبيراً من المال". وأوضحت مصادر نيابية ان وجود نواب حركة "امل" في الأوزاعي هدف اساساً الى التهدئة. وأصدرت كتلة الوفاء للمقاومة بياناً ردت فيه على "مغالطات وأكاذيب" فأوضحت ان الاعتصام "تم بناء لدعوة من لجنة المتابعة المنبثقة من اهالي المنطقة المقيمين فيها اعتراضاً على اصرار الحريري على تجاوز المخطط التوجيهي لمؤسسة أليسار، وليس صحيحاً ان التجمع كان بتحريض من حزب الله". واتهم البيان الحريري بأنه "عمد الى جملة تصرفات استفزازية دفع إليها بعض مستخدميه ونواب كتلته ولولا تدخل نواب من "حزب الله" ونواب من حركة "امل" لكان انفعال الناس اكثر قساوة". ووصف الكلام عن السيد نصر الله وتهديد الأجهزة الأمنية بأنه "دس وتضليل وتحريض". وبعد ان اوضحت الكتلة رؤيتها لمشروع الأوزاعي اكدت "اننا منفتحون على كل معالجة واقعية ذات جدوى مقنعة ولا داعي للتوهم أن الأوضاع الدولية الضاغطة على لبنان وسورية تصلح كجسر عبور لمشاريع مرتجلة لا تخدم إلا مصالح اصحابها". مواقف متباينة ولقي الحادث ردود فعل نيابية واسعة وانقسم النواب بين مؤيد للحريري ومؤيد لموقف حزب الله، وفيما اكد نائب رئيس الحكومة عصام فارس على "ضرورة تطبيق القانون ومعالجة الأمور بحكمة"، استنكر وزير الصحة سليمان فرنجية الاعتداء على فواز. وقال: "اننا مع المقاومة لكننا ضد هذه التصرفات التي تسيء الى المقاومة أولاً كما تسيء الى الدولة وحرمة القانون". اما وزير المهجرين مروان حمادة فاستنكر ما تعرض له فواز واعتبر "ان الاعتداء ينال من صدقية الدولة". وحمل رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني بعنف على الحريري ومشروع الجسر. واعتبر النائب قبلان عيسى الخوري "ما حصل في الأوزاعي وقبله في المتن الشمالي دليلاً على امر خطير جداً وهو سقوط القانون وإفلاس السلطة وفشل مشروع الدولة الذي طمح إليه رئيس الجمهورية لمصلحة القيادات الطائفية". وطالب "المسؤولين في الحكومة فرض هيبة الدولة والقانون وإما الاستقالة". ورأى النائب جان عبيد "ان من لديه ملاحظات هناك طرق شرعية لإبدائها والزميل عيدو رجل ديموقراطي".