لم يعرف المنتخب الانكليزي كيف يحافظ على تقدمه بهدف على نظيره البرازيلي، وخسر بهدفين كلفاه إنهاء مغامرته الحلوة على ملعب "شيزووكا أرينا" أمام 48 ألف متفرج في مقدمهم الأمير إدوارد... وخروجه من الدور ربع النهائي لنهائيات كأس العالم السابعة عشرة لكرة القدم المقامة حاليًا في كوريا الجنوبيةواليابان. وكان البرازيليون الأفضل على الصعيد الفني في الشوط الأول خصوصًا لجهة تملك زمام المبادرة في وسط الملعب، لكنهم عجزوا عن حل لوغاريتمات الدفاع الانكليزي طويلاً قبل أن ينهار أمام انطلاقة رونالدينيو وتمريره الكرة بإتقان الى ريفالدو الذي أودعها بيسراه مدركًا التعادل الصعب قبل نهاية الشوط بدقيقة واحدة. وكان خطأ دفاعي برازيلي تسبب فيه لوسيو أثمر هدفًا إنكليزيًا بواسطة مايكل أوين في الدقيقة 24. ومع بداية الشوط الثاني كثّف البرازيليون من هجماتهم، وسجّلوا الهدف الثاني بعد خمس دقائق بواسطة رونالدينيو الذي طرده الحكم في الدقيقة 60 لتعمده ضرب روي فرديناند من دون كرة. وتحّسن الأداء الانكليزي نسبيًا في ظل النقص العددي البرازيلي لكن من دون أن يفلح في تغيير واقعه المؤلم. عمومًا البداية كانت إنكليزية، لكن الخطورة برازيلية وبعد أن حصلت إنكلترا على ركلة ركنية... حصلت البرازيل على ثلاث. واستلم رونالدو كرة من منتصف الملعب واخترق منطقة الدفاع من العمق بسرعة فائقة قبل أن يوقفه الدفاع، لكنه عاود الكرّة بعد أقل من نصف دقيقة حيث تبادل الكرة مع ريفالدو قبل أن يسددها الأول بين يدي الحارس الانكليزي ديفيد سيمان 20. وعلى رغم السيطرة البرازيلية على منتصف الملعب، إلا أن الانكليز افتتحوا التسجيل إثر تمريرة طويلة من إميل هيسكي فأخطأ المدافع البرازيلي لوسيو تقدير الكرة وأهداها الى أوين الذي قبل الهدية بصدر رحب وأودع الكرة الشباك لحظة خروج ماركوس من مرماه 23. و"انفعل" البرازيليون بعد الهدف، وتوغلوا في منطقة الجزاء الانكليزية من دون خطورة حقيقية. وطالب المدرب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري لاعبيه بضرورة الانتشار بشكل أسرع بالقرب من المنطقة الانكليزية لخلخلة الدفاع مع التحرك العرضي لرونالدو ورونالدينيو لفتح ثغرات في العمق يمكن أن يمر منها ريفالدو أو جيلبرتو سيلفا، لكن الخطة الجديدة لم تثمر عن شيء يذكر بفضل تماسك الدفاع الانكليزي، وعدم خروجه وراء رونالدو ورونالدينيو من دون حساب. وسدد روبرتو كارلوس كرة مفاجئة مرت بجوار القائم الأيمن 33، قبل أن يبدي سكولاري انزعاجه بسبب الأخطاء الدفاعية المتكررة التي كادت تسفر هدفًا إنكليزيًا ثانيًا، لكن ماركوس لحق بكرة هيسكي العرضية قبل أن تصل الى أوين المتحفز 39. ودافع الانكليز بتسعة لاعبين في الدقائق الأخيرة من هذا الشوط، وبقي أوين وحده في الأمام... وأصيب سيمان إثر سقوطه خطأ، وهتفت الجماهير باسمه فعاد الى مرماه بعد تلقيه العلاج اللازم 42. وأخيرًا أفلحت الهجمات البرازيلية حين اندفع رونالدينيو بالكرة في اتجاه المرمى الانكليزي في الوقت الذي خرج رونالدو من منطقة الجزاء وسحب المدافعين معه بعيدًا من ريفالدو الذي تسلم الكرة وسددها مباشرة الى الشباك الانكليزية... فانتهى الشوط الأول بتعادل أكثر من عادل. ومع مطلع الشوط الثاني، حافظ المنتخبان على التشكيلتين من دون تغيير... لكن البداية أشارت الى أن البرازيليين أكثر حماسة وسعيًا وراء تسجيل هدف السبق، ولم يمر أكثر من خمس دقائق حتى كانت الكرة تحتضن شباك الانكليز من تسديدة رونالدينيو "اللولبية"التي خدعت سيمان ومرت من فوق رأسه. وعلى الفور غيّر إريكسون من أداء منتخبه الدفاعي المتحفظ، وهاجم بستة لاعبين بغية إدراك التعادل. ولاحت له أول فرصة لتحقيق ذلك عندما رفع بيكهام الكرة من ركلة حرة أثارت انزعاجًا في الصفوف الخلفية البرازيلية لا أكثر. ورد على روبرتو كارلوس بتسديدة أخرى، قبل أن يخرج تريفور سينكلير ويحل محله كيرون داير 57. وتعّمد رونالدينيو ضرب روي فرديناند من دون داع بعد أن خطف الكرة منه، فلم يتردد الحكم المكسيكي فيليب ريزو راموس من إشهار البطاقة الحمراء في وجه اللاعب البرازيلي الذي خرج وترك بلاده تلعب بعشرة أفراد منذ الدقيقة 60. وتحسن الأداء الانكليزي جدًا في مواجهة النقص العددي البرازيلي، علمًا أن المنتخب الجنوب - أميركي لم يتخل عن مباشرة الهجوم بأكبر عدد من اللاعبين في حين تولى رونالدو مهمة العودة الى الخلف لتقديم المساعدة الدفاعية المطلوبة، وهو الدور الذي كان يقوم به رونالدينيو. وأجرى البرازيليون تغييرهم الأول فخرج رونالدو الذي بدا عليه الإجهاد سريعًا بعد تكليفه بمهمته الجديدة، وحل محله إديلسون 70. ولعب إريكسون بكل أوراقه المتبقية حين أخرج مايكل أوين المجهد وآشلي كول وأشرك بدلاً منهما داريو فاسيل وتيدي شرينغهام قبل النهاية بعشر دقائق، وضغط الانكليز بقوة... من دون أن يسعفهم الوقت المتبقي لتغيير النتيجة أو حظهم العاثر الذي أوقعهم أمام منتخب لا يرحم حتى إذا كان في أسوأ حالاته ويلعب بعشرة أفراد! حول المباراة الغلبة كانت للجماهير الانكليزية التي احتلت ثلثي المدرجات على الأقل ولم تتوقف عن أناشيدها الحماسية من قبل أن يبدأ اللقاء بساعات، في حين تاهت أصوات الطبول البرازيلية وسط الزحام، والغريب أن البرازيليين تناثروا في وسط الانكليز فبدت المدرجات وكأنها قماشة بيضاء عليها بقع حمر وصفر. رفعت السلطات الأمنية في مقاطعة شيزووكا الترتيبات الأمنية الى الحد الأقصى بعد خسارة الانكليز تحسبًا لأي أعمال شغب أو تخريب قد تحصل من جانبهم... لكن اللافت أن الأمور سارت في سلام، وتوجه الانكليز مباشرة الى أماكن إقامتهم في طوكيو وغيرها من دون وقوع أي أضرار... وثبت فعلاً أن الاجراءات البريطانية الأخيرة المتعلقة بسفر المشجعين الى اليابان قد أثمرت لأن الروح الرياضية العالية خيمت على تصرفات مواطنيها في هذه المناسبة. قال المشجع البرازيلي ريكاردو بوافيستا ل"الحياة" مباشرة بعد المباراة: "الآن يمكن لبيكهام ومصفف شعره الشهير أن يتفرغا للبحث عن تصفيفة شعر جديدة لهذا اللاعب المدلل، ولعلها تعكس الحزن الذي يخيم على بلاده الآن".