"السعودية تعلن تحويل ملاعب كرة القدم إلى محميات كمأ". "سؤال من سيربح المليون: من هو اللاعب الألماني الذي لم يسجل هدفاً في مرمى السعودية؟". "آخر خبر: ناصر الجوهر يفر إلى تورا بورا"، "ألمانيا تضيف مفتاحاً جديداً لشركة الاتصالات السعودية 08". هذه بعض النكات التي جرى تداولها عبر الهواتف النقالة بين المواطنين السعوديين، وأمكن نشرها، ومعظمها يصعب روايته حتى في جلسة مغلقة، وهي المرة الأولى التي يسخر فيها المواطنون السعوديون من هزيمة المنتخب الوطني على نحو مرير. والصحافة المحلية لم تخف هي الأخرى غضبها وسخريتها من الهزيمة المدوية والمستوى الفني الضعيف الذي ظهر به المنتخب السعودي أمام منتخب ألمانيا. لكن على رغم الهزيمة الفادحة ستخرج الكرة السعودية منتصرة كعادتها، والانتصار المقصود ليس بتغيير نتيجة مباريات قادمة، وإنما بتكريس فكرة تحمل المسؤولية ومحاسبة المقصّرين، والاعتراف بالأخطاء، وتنمية الحوار الصريح والشفافية في كشف الأخطاء. بعد كل هزيمة للمنتخب السعودي تجري محاسبة المدرب أو مدير الفريق، أو اللاعبين، أو الجهاز الإداري، ويتم اتخاذ إجراءات حقيقية، ويفصل المقصر بقرار فوري ومباشر، ولا تمر الأمور من دون وقفة حساب صارمة، والصحافة الرياضية تحقق بعد كل هزيمة للمنتخب خطوات إلى أمام في حرية التعبير، ورفع حرارة الطرح والمساءلة، وبهذا النهج استطاعت الرياضة السعودية أن تتطور وتصل إلى العالمية، وترضي جمهورها وتصنع من حولها صحافة رياضية تتمتع بحرية تفتقدها صفحات وصحف كثيرة. في ساحة الكرة السعودية كلما كبر الخطأ ترسخ مبدأ المحاسبة وارتفع سقف حرية الصحافة الرياضية، ولذلك تحولت هزائم المنتخب الوطني إلى محطات مهمة في تطوير أسلوب الإدارة والتعاطي مع الحوار، وصارت العثرات وسائل لترسيخ فكرة تحمل المسؤولية والمحاسبة، ونجحت الرياضة في ترسيخ تقاليد في التغيير والتطور والشفافية.