توني بلير يأكل اللحم المشوي في تكساس، والبريطانيون يحاسبونه على حجارة الأّهرام ورمال سيناء. أصوات في المعارضة البريطانية تحمل على رئيس الوزراء البريطاني بسبب زيارة حل فيها، إبّان عطلة رأس السنة الأخيرة، ضيفاً على الحكومة المصرية معتبرة قبول بلير الدعوة المجانية خطوة حطت "من قدر منصبه". العام الماضي زار مصر قرابة 350 ألف سائح بريطاني. سبعة منهم، وهم بلير وزوجته وأولادهما الأربعة والمربية، كانوا أفضل دعاية لمصر، ذلك أن زيارتهم في "عز" الحملة على الارهاب قدمت الدليل الى أن مصر بلد آمن وربوعه آمنة. العطلة حصلت في ظل ركود مفاجىء اجتاح صناعة السياحة في العالم العربي، والغاءات كثيفة لرحلات السياح الغربيين الى البلدان العربية والاسلامية. بلير دفع ثمن تذاكر السفر بين لندنوالقاهرة، لكن الحكومة المصرية دفعت كلفة إقامته ستة أيام، كما سددت عنه ثمن تذاكر الذهاب والعودة بين القاهرة وشرم الشيخ حيث مارس أولاده هواية الغطس، وحيث أتيحت له زيارة دير سانت كاترين، والحصول على خاتم فضي باركه كهنة الدير. مساعدو بلير برروا قبوله الدعوة المجانية بأنه طلب من الحكومة المصرية اختيار جمعية خيرية تبرع لها بمبلغ يعادل كلفة إقامته. لكن المسألة أثارت حنق المعارضة البريطانية التي اعتبرت أن بلير إنما يكرر ما فعله عام 1999، عندما قبل دعوة مجانبة لزيارة ايطاليا حيث أقام مع أسرته في فيللا في توسكانا. وبلغت كلفة إجازته الصيفية آنذاك 20 ألف جنيه، ثم تبين أن بلير الذي قال إنه تبرع بمبلغ يغطي كلفة الاجازة لم يتبرع بأكثر من ثلاثة آلاف جنيه لا غير. والمعارضة اليوم تريد أن تعرف هذه المرة كيف حدد بلير كلفة إقامته في مصر. بلير اعتبر زيارته مصر "مناسبة عائلية خاصة"، لكنها في الواقع كانت زيارة سياسية ومن الدرجة الأولى، ذلك أنها شهدت لقاءات منفردة بينه وبين الرئيس مبارك الذي عاد لاحقاً وأرسل نجله جمال مبارك إلى لندن، قبل ستة أسابيع تلبية لدعوة من "حزب العمال" الحاكم للقاء بلير وكبار المسؤولين، و"الاطلاع على تجربة بلير ورفاقه". وهي خطوة تحمل مضامين سياسية كبيرة. "الحياة" اتصلت بمقر رئاسة الوزراء للسؤال عن تفاصيل إضافية، لكن الناطقين الرسميين تهربوا من الاجابة.