سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزارة الداخلية أمرت بطرد مراسل فضائية "أبوظبي" وسحب بطاقة زميلته . وسائل الإعلام الإسرائيلية تساهم في التعتيم على تفاصيل العدوان وشارون يجند بن اليعيزر وبيريز لبلورة سياسة إعلامية
فيما خلت الصفحات الأولى لكبرى الصحف الإسرائيلية ومواقع الانترنت التابعة لها من أية اشارة إلى تفاصيل الهجوم العسكري على الأراضي الفلسطينية وإلى عدد ضحايا هذا الهجوم في الجانب الفلسطيني أو إلى ما آلت إليه أحوال الفلسطينيين المعيشية، تصدرت أحوال الطقس العاصفة نشرات أخبار الاذاعة العبرية الرسمية أمس، واقتصر الخبر عن الهجوم على مختلف المدن والبلدات الفلسطينية على ذكر استشهاد ثلاثة فلسطينيين في مدينة بيت لحم. أمام المتتبع للتلفزيون الإسرائيلي بقناتيه فيخرج بانطباع ان ما يدور في المنطقة ينحصر في قيام استشهاديين فلسطينيين بعمليات تفجير في المدن الإسرائيلية "ما يرغم الضحية الإسرائيلية" على الرد من دون الاتيان على طبيعته. وباستثناء بعض المقالات المنتقدة لسياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون - على رغم اجماع كاتبيها على أن إسرائيل تخو ض حرباً ضد "الإرهاب الفلسطيني" - فإن وسائل الإعلام العبرية، المقروءة والمسموعة والمرئية، عادت، منذ بدء العدوان الجديد الذي يحمل اسم "الجدار الواقي"، لتكون داجنة في التطبيل والتماهي مع "حرب الدفاع عن النفس" و"حرب الوجود"، كما سماها شارون، وهو الدور ذاته التي لعبته في الحروب التي شنتها إسرائيل في الماضي. وتشكل وسائل الإعلام هذه حالياً بوقاً للمؤسسة الحاكمة والمؤسسة العسكرية تقرأ بياناتها وتنشر تقاريرها الرسمية بصدد الحرب وتغيّب "الموقف الآخر" باسم "المصلحة القومية" و"احترام دوي المدافع". ووجد شارون متسعاً من الوقت ليعقد أول من أمس اجتماعاً مع محرري الصحف ووسائل الإعلام العبرية، كما فعل أسلافه ابان الحروب السابقة تحت غطاء شرح سياسته وسياسة حكومته، مؤكداً ضرورة مساهمة وسائل الإعلام هذه في دعم الموقف الإسرائيلي الرسمي من النزاع مع الفلسطينيين، ما يعني في واقع الأمر مواصلة عملية غسل الدماغ الإسرائيلي، رسمياً وشعبياً، في هذه المسألة. وبعدما نجحت قيادة الجيش الإسرائيلي في استصدار قرار من وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر بعدم السماح لصحافيين إسرائيليين بمرافقة قوات الاحتلال في عملياتها في الأراضي الفلسطينية، انصب جهدهم، بدعم من القيادة السياسية، على البحث عن السبل الكفيلة بمنع وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية أخبار الاجتياح ميدانياً. وصعدت وزارة الخارجية حملتها ضد الصحافيين الأجانب، زاعمة أن تقاريرهم غير متوازنة. وأصدرت وزارة الداخلية أمراً بطرد مراسل فضائية "أبوظبي" جاسم العزاوي وسحب بطاقة الصحافية زميلته ليلى عودة "بسبب توجههما المعادي وحملتهما السافرة على إسرائيل، ما يتسبب بمزيد من التأجج في العالم العربي، فضلاً عن بث تقارير تحريضية على نحو يشكل خطراً على المواطنين الإسرائيليين"، حسب قول مدير مكتب الصحافة الحكومية داني سيمان. ووجه المكتب تحذيرين لمراسلين أجنبيين آخرين باتخاذ خطوات ضدهما في حال واصلا خرق الأمر العسكري الذي اعلن عن مدينة رام الله منطقة عسكرية مغلقة، بهدف التعتيم على ممارسات الاحتلال وجرائمه. واضطر شارون، الذي يثق بقدرة جيشه على تحقيق "انتصار" عسكري ويسعى لتحقيق "انتصار" مماثل على الجبهة الإعلامية الدولية، إلى استدعاء خصمه اللدود الوزير بن اليعيزر ليتجند في الحرب الإعلامية التي تديرها إسرائيل، وهو المعروف بديماغوجيته ومهاراته الإعلامية البارعة. كما عقد اجتماعاً في حضور وزير خارجيته شمعون بيريز والناطق بلسان الجيش لبلورة سياسة إعلامية موحدة، وقدم بيريز نصائحه فقبل بها شارون، وتلخصت في الحديث عن "معركة ضد الإرهاب" وليس عن "حرب" بهدف توثيق المقارنة بين المعركة التي تخوضها إسرائيل و"المعركة الأميركية" ضد الإرهاب، وعدم التركيز على الحصار على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، إنما على العمليات في المدن الإسرائيلية وعلى العملية ضد "قواعد الإرهاب الفلسطيني". ونصح بيريز قادة الجيش بتفحص موقع كاميرات التلفزة الأجنبية قبل نشر الدبابات في الأراضي الفلسطينية أو بمحاذاة مقر الرئيس الفلسطيني.