بدا أمس ان إسرائيل تتجه الى صدام مع الاممالمتحدة بعدما طلبت رسميا تأجيل قدوم لجنة الاممالمتحدة لتقصي الحقائق في مخيم جنين الى ما بعد يوم السبت الذي حددته الاممالمتحدة. وجاء هذا الموقف بعد ضغوط متزايدة من القيادة العسكرية، خصوصا الضباط الذين تولوا قيادة العمليات مباشرة في المخيم واعربوا عن مخاوفهم من تحويلهم الى محكمة لاهاي لانتهاكهم حقوق الانسان. القدسالمحتلة، الناصرة، نيويورك - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - في تطور لافت يعكس تحديا لقرارات الشرعية الدولية، أعلنت رئاسة الحكومة الاسرائيلية ان اسرائيل طلبت امس رسميا تأجيل قدوم لجنة الاممالمتحدة لتقصي الحقائق في مخيم جنين، "حتى الانتهاء من المحادثات الجارية في نيويورك وحصول اسرائيل على توضيحات في شأن القضايا الخلافية". وجاء هذا الاعلان في ضوء ضغوط متزايدة من القيادة العسكرية الاسرائيلية التي تخشى ان يقدم الضباط الى محكمة لاهاي بسبب انتهاكات حقوق الانسان. ونقلت الصحف العبرية قلق قادة الجيش من قدوم اللجنة، اذ اشارت صحيفة "هآرتس" الى ان رئيس اركان الجيش الجنرال شاؤول موفاز الذي يعارض بشدة اي تعاون معها يدرس امكان ان يمنع اي لقاء بين اعضائها وضباط جيشه الذين عبروا عن خشيتهم من السفر الى أوروبا لئلا يتم اعتقالهم وتقديمهم الى المحكمة الدولية في لاهاي. و نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اهارون زئيفي فركش تحذيره من ان السماح للجنة الاممالمتحدة بتقصي الحقائق في مخيم جنين "من شأنه ان يلحق ضرراً بالغاً بمكانة اسرائيل، وسيحدث انقلاباً استراتيجياً في غير صالحنا في اطار المواجهة مع الفلسطينيين". واضاف ان اللجنة "ستمحو كل انجازات عملية الجدار الواقي وستمنح النصر السياسي للسلطة الفلسطينية". واضافت اسرائيل المزيد من الشروط للتعاون مع لجنة تقصي الحقائق فيما نقلت الاذاعة العبرية عن مصادر سياسية رفيعة في تل ابيب انها لا تستبعد اعلاناً اسرائيلياً رسميا بعدم الاتصال مع اعضاء اللجنة، اذا تبين ان هدفها الاساسي جر اسرائيل الى محاكمة دولية على جرائم حرب وهو ما تسعى اليه اللجنة حسب كبار قادة الجيش الاسرائيلي. وفضلاً عن اصرار اسرائيل على حصر مهمة اللجنة في استيضاح حقائق ما جرى في جنين من دون ان تقدم اي توصيات، والحصول على تأكيد مسبق بعدم استخدام افادات الاسرائيليين ضدهم مستقبلا، قالت الاذاعة ان اسرائيل تطالب بتقديم قرائن واثباتات على عدم ارتكابها اي مجزرة في المخيم وتمكينها من اعادة تمثيل عملياتها امام اعضاء اللجنة. كما تطالب بان تلتقي اللجنة المتضررين الاسرائيليين من الهجمات الفلسطينية، وبان يمتنع اعضاء اللجنة عن الادلاء بتصريحات الى وسائل لاعلام خلال عملهم والتكتم عن افادات الاسرائيليين وعدم نشر المواد التي تتسلمها اللجنة من الاسرائيليين الذين يضيفون شرطاً آخر يقضي بأن يتلقوا والجانب الفلسطيني مسودة التقرير النهائي للجنة قبل تقديمه الى الامين العام للمنظمة الدولية كوفي انان لتسجيل الملاحظات عليه. وتعوّل اسرائيل على مساعي رجال القانون الاسرائيليين الذين يجرون محادثات في نيويورك في محاولة لاعادة صوغ كتاب الصلاحيات وتشكيلة اللجنة. وكان الناطق الحكومي آفي بازنر اعلن في وقت سابق أن "المسائل الخلافية الاساسية سويت" خلال محادثات وفد اسرائيلي مع الاممالمتحدة في نيويورك، لكن المفاوضات "لم تنته". واضاف ان اسرائيل لن تعطي ضوءا اخضر للجنة بزيارة المخيم الا بعد ان تتبلور بعض جوانب المشكلة ومنها وضع الخبراء العسكريين والخبراء في الارهاب في اللجنة. وزاد ان اسرائيل تمارس ضغوطا كي لا يكون لهؤلاء الخبراء وضع المستشارين وان يكونوا جزءا كاملا في البعثة. الاممالمتحدة وكانت الاممالمتحدة اعلنت اول من امس انها قررت اضافة عسكرييْن الى لجنة تقصي الحقائق وانها اتخذت هذا القرار قبيل المحادثات مع اربعة مسؤولين اسرائيليين. والعسكريان هما جنرالان مهمتهما مساعدة الجنرال الاميركي السابق وليم ناش. وقال فرد ايكهارد الناطق باسم الاممالمتحدة ان بيريز اتصل هاتفيا بانان قبل اللقاء، وزاد: "نعتبر ان لدينا ضوءا اخضر للجنة" وان "ما يحصل الان هو بمثابة توضيح فقط". واعلن ايكهارد ليل الخميس - الجمعة ان المحادثات مع المسؤولين الاسرائيليين ستستأنف الجمعة. وتبعا لذلك، علق مجلس الامن مناقشاته في شأن الشرق الاوسط. وقال ديبلوماسيون ان المحادثات بين الاممالمتحدة واسرائيل علقت موقتا، لكن الاممالمتحدة تصر على انه لن يكون هناك تأجيل لمهمة البعثة. وقال الرئيس الحالي لمجلس الامن السفير الروسي سيرغي لافروف للصحافيين ان انان لا يزال يتوقع ان يصل افراد لجنة تقصي الحقائق، الموجودون حاليا في جنيف، الى الشرق الاوسط قبل نهاية الاسبوع. ولم يشارك انان في المحادثات التي اجرتها الاممالمتحدة مع الفريق الاسرائيلي، لكن مساعده للشؤون السياسية كيرن برندرغاست، اطلعه على تطورها. واكتفى المبعوث الاسرائيلي أرون جاكوب بالقول: "كان اجتماعا وديا للغاية. لكن لا تزال هناك مسائل معلقة".